تسلل اليأس إلى نفس الشاب مصطفى بكير 25 عاما بعدما طرق باب مصر 8 مرات للسفر إلا أن أجهزة الأمن المصرية أوصدت الباب في وجهه لحجج ومبررات واهية .
حاول بكير السفر أربع مرات في عهد النظام المصري السابق وأربع مرات في عهد النظام الحالي بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير إلا أن محاولاته الثمانية مُنيت بالفشل.
ويحبس الفلسطينيون أنفاسهم عندما يعتزمون السفر من غزة إلى مصر أو عبرها للعالم خشية منعهم من التنقل بذريعة أنهم مدرجون بقوائم أمنية سوداء لم يجرفها سيل الثورة المصرية؛ فورثها النظام الحالي عن سابقه المخلوع.
"أمن الدولة" المصري يدرج حتى يومنا هذا أسماء آلاف الفلسطينيين في قوائم أمنية سرية لا يسمح لمن كتب اسمه فيها من دخول الأراضي المصرية أو السفر عبرها.
مدير هيئة المعابر والحدود ماهر أبو صبحة أكد لـ"الرسالة نت" أن 26,199 مسافراً فلسطينيا منعوا العام المنصرم من السفر عبر معبر رفح من قبل السلطات المصرية.
وتصنف مصر قوائم الإدراج الأمني لشقين الأول "مدرج أمني ترقب وصول" والثاني "مدرج أمني ممنوع من الدخول".
ويقصد "بالإدراج الأمني مع ترقب الوصول" ضرورة خضوع الواردة أسمائهم بالقائمة لمقابلة أمن الدولة في الجانب المصري من معبر رفح للتعرف على أسباب سفرهم والأماكن التي ينون زيارتها وقد يسمح لهم بالسفر أحيانا.
أما شق "الإدراج الأمني مع منع الدخول" فتحذر مقابلتهم بزعم خطورتهم غير أنهم يحتجزوا لساعات طويلة بالصالة المصرية ومن ثم يؤمروا بالعودة فورا للقطاع دون إبداء أي أسباب تذكر.
"الإدراج يقسم لـ"أمني ترقب وصول" و"أمني ممنوع من الدخول"
"
ويعد معبر رفح البري بين مصر وغزة المنفذ الوحيد للفلسطينيين على العالم الخارجي جراء الحصار الذي تفرضه "إسرائيل" على القطاع منذ عام 2006.
محاولات فاشلة
ويمنع الفلسطينيون دون سن الأربعين عاما من السفر إلى مصر إلا بالتنسيق المسبق, أو من لديهم جوازات سفر أجنبية وإقامات في الخارج.
وقال بكير لـ"الرسالة نت" إنه قابل أمن الدولة 3 مرات ومنع من السفر, كما لم يسمح له بمغادرة غزة لخمس مرات أخرى دون أن يقابل أحدا.
ويلجأ الفلسطينيون في بعض الأحيان لما يسمى "التنسيق دون العرض" وفي هذه الحالة يسمح للبعض بالسفر إلا أن البعض الآخر يرفض تماما.
وأوضح بكير أنه نسق للسفر في إحدى المرات دون العرض إلا أن تنسيقه قوبل بالرفض من قبل السلطات المصرية وأمر بالرجوع للقطاع.
ولفت إلى أنه منع مؤخرا من السفر عبر معبر رفح إلى تركيا وماليزيا واصفا ما يلاقيه بالواقع الأليم وخاصة بعد الثورة المصرية وإزاحة نظام المخلوع حسني مبارك.
السفر للعلاج
التقارير الطبية التي يحملها الفلسطينيون من المستشفيات الحكومية والخاصة قد لا تشفع لهم أحيانا بالسفر إلى مصر لتلقي العلاج.
المواطن (ن.ر) 37 عاماً منع من السفر مرتين على الرغم من أنه قدم تقارير طبية رسمية بين يدي جهاز أمن الدولة وشرح حاجته الماسة للعلاج بمصر.
"الشاب بكير: حاولت السفر 8 مرات قبل الثورة وبعدها ومنعت
"
وقابل المحقق في غرفة أمن الدولة المواطن (ن.ر) بتعنت رافضا مبرراته للسفر بحجة أنه مدرج في قائمة الممنوعين من السفر.
وقال (ن.ر) لـ"الرسالة نت" أنه في كل محاولة سفر يحتجز بالصالة المصرية لأكثر من 10 ساعات ما يفاقم وضعه الصحي ويزيد من آلامه.
وأضاف: "بكل استخفاف وتجاهل لما أحمله من تقارير طبية يقول لي ضباط أمن الدولة (مش بينفع تدخل انتا ياباشا ارجع غزة)".
ورفض (ن.ر) الادعاءات التي يسوقها جهاز أمن الدولة لمنعه من السفر داعيا لوقف إنتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني وحقه بالسفر والتنقل.
وتنص الفقرة (2) من المادة (13) للإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه "يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده، كما يحق له العودة إليها دون قيود".
إعلاميون يمنعون
ولا يقتصر المنع من السفر عبر معبر رفح البري على المرضى والطلاب الفلسطينيين بل يطال القرار المصري صحفيين وإعلاميين.
الصحفي محمد منصور 29 عاما قال لـ"الرسالة نت" إنه حاول السفر 4 مرات عرض في محاولتين منها على أمن الدولة غير أن الأخير رفض السماح له بالانتقال خارج القطاع.
"المريض (ن.ر): أحمل تقارير طبية وبحاجة للعلاج ولم يسمح لي بالسفر
"
وأضاف: "في إحدى المرات حاولت السفر في مهمة للعمل بالخارج مع طاقم من فضائية الأقصى التي تبث من غزة إلا أنني منعت من السفر وسمح للفريق الذي يرافقني بالسفر على الرغم من وجود تنسيق مسبق للجميع".
وطالب منصور الرئيس المصري محمد مرسي بالتدخل لوقف سياسة إدراج الفلسطينيين بقوائم المنع الأمني لما في ذلك من انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
منصور و"بكير" أجمعا على ضرورة طي هذا الواقع الأليم بالتوازي مع الجهود الإيجابية التي تبذلها القاهرة في الملفين السياسي والاقتصادي الفلسطينيين.
ويشل الإدراج الأمني حركة الكثير من الفلسطينيين من وإلى غزة عبر معبر رفح بينما يأمل أهالي القطاع أن تؤتي الثورة أكلها وتعم ثمارها المنطقة.