تستخدم دولة الاحتلال المستحقات المالية وتحويلها لصالح الخزينة الفلسطينية في ابتزاز السلطة سياسيا، وتخضع الضرائب المستحقة للسلطة للمزاجية الصهيونية ولحكوماتها المتعاقبة.
وفي حلقة من حلقات الابتزاز قررت حكومة الاحتلال دفع أموال الضرائب لحكومة رام الله مؤخرا على أن يلجأ الرئيس الفلسطيني لتهدئة الاوضاع في الضفة الغربية وجعلها في دائرة السيطرة خصوصا بعد استشهاد الأسير عرفات جردات.
تغير السياسة
وفي هذا السياق قالت مصادر صحفية (إسرائيلية) إن رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو طالب رئيس السلطة محمود عباس بوقف تدهور الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" (الإسرائيلية)، الأحد، إن مطالبة نتنياهو لعباس جاءت عبر رسالة أرسلها الأول بواسطة المسئول المقرب منه يتسحاق مولخو.
وأوضحت الصحيفة أن نتنياهو قرر الإفراج عن أموال الضرائب التي يحتجزها الاحتلال عن شهر يناير دون تأخير.
وتأتي رسالة نتنياهو وقرار الإفراج عن أموال الضرائب بعد الاحتجاجات المستمرة في مدن الضفة الغربية المحتلة على استشهاد الأسير عرفات جرادات تحت التعذيب في سجن "مجدو" (الإسرائيلي)، وما سبقها من احتجاجات شعبية ومواجهات يومية رفضاً للاستيطان وتهويد الأرض الفلسطينية.
وفي هذا السياق قال الخبير الاقتصادي د. نافذ أبو بكر لـ "الرسالة نت" أن قضية ابتزاز السلطة من خلال أموال الضرائب قضية قديمة جديدة بدأت منذ عهد شارون واستخدمت لعدة مرات لابتزاز السلطة في العديد من المناسبات مثل حكومة التوافق، وايام التوجه لمجلس الأمن.
وذكر أن الاحتلال يستخدم الضرائب للابتزاز كونها تعد جزءا أساسيا من ميزانية السلطة وتقدر ب100 مليون دولار شهريا، مشيرا إلى أن دولة الاحتلال تستخدمها وفق مصالحها.
وفي ذات الوقت شدد أبو بكر على أن الاحتلال لا يمكنه وقف التحويلات بشكل دائم لكنه يتلاعب بها بما يخدم مصالحه، كما يحدث في هذه الايام حيث لجأت لصرفه لأهداف يريد تحقيقها من السلطة.
وبين أن المساعدات والمنح الدولية هي أيضا مشروطة وتحمل في ثناياها أهدافا أخرى كونها أقرت مع اتفاقية أوسلو، مطالبا السلطة بمحاولة إحداث تغيير جذري لهذا الواقع.
ويرى الخبير أن دولة الاحتلال لا تريد القضاء على السلطة بل ما تهدف إليه هو إضعافها فحسب، داعيا السلطة إلى تغير الواقع بإعادة النظر في السياسات المالية والاقتصادية.
ولفت إلى ضرورة دعم القطاعات الانتاجية والتفكير بحلول من خلال مؤتمر وطني واستغلال العديد من الكوادر الوطنية في وضع الحلول.
رشوة مالية
من جانبه ذكر النائب في المجلس التشريعي حسن خريشة "للرسالة" أن الموقف الرسمي الفلسطيني لم يرتق حتى اللحظة لحجم التضحيات التي قدمها الأسرى، منوها إلى أن الرئيس اجتمع بقيادات الاجهزة الامنية لاتخاذ التدابير لمنع انفلات الاوضاع بالضفة الغربية.
ويرى ان دولة الاحتلال تتعامل مع السلطة بسياسة العصا والجزرة، لذلك افرجت عن الضرائب كإهانة متعمدة للشعب الفلسطيني، معتبرا أن الضرائب بالرغم انها من حقوق الفلسطينيين إلا أنها جاءت كشكل من أشكال الرشوة للسلطة ليبقى الوضع في الضفة على حاله.
في حين دعا النائب في المجلس التشريعي عن كتلة "التغيير والإصلاح" محمد أبو جحيشة، السلطة الفلسطينية في رام الله إلى ضرورة إطلاق الجماهير الفلسطينية في الضفة الغربية للتعبير عن غضبها واحتجاجها على اغتيال عرفات.
وطالب أبو جحيشة السلطة الفلسطينية -في تصريح صحفي- بعدم قبول أموال الضرائب المحتجزة عند الاحتلال مقابل تكبيل أيدي الشعب الفلسطيني بالثورة على سياسات القتل والتدمير المستمرة، باعتبارها رشوة تقضي على مشروع التحرر الوطني الفلسطيني.
وأكد أن الاحتلال (الإسرائيلي) ينشر قواته بكثافة على مداخل مدن الضفة الغربية، موضحاً أنه قضى 3 ساعات للوصول إلى بلدة سعير (شمال الخليل المحتلة) للمشاركة في تشييع جثمان الشهيد عرفات جرادات.
وقال: "اضطرتنا الثكنات العسكرية (الإسرائيلية) المنتشرة في كل مكان إلى السير بطرق غير معتادة للوصول إلى بلدة سعير"، مؤكداً أن اغتيال جرادات وحد الأطياف السياسية المختلفة وأزال كل الخلافات.
وفي وجه أخر للابتزاز كان الدكتور صائب عريقات، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قد قال: إن رهن وزير مالية الاحتلال يوفال إشتاينتس الإفراج عن أموال الضرائب الفلسطينية بعدم ذهاب السلطة الفلسطينية إلى المصالحة مع حركة حماس، يدلل على مدى الانحطاط والابتزاز الذي تمارسه (إسرائيل) ضد السلطة.
وأكد عريقات في تصريحات إن حديث وزير مالية الاحتلال مرفوض جملة وتفصيلا، مشددا على أن المصالحة الفلسطينية مصلحة عليا للشعب الفلسطيني يجب إتمامها.
وتابع" هذه التصريحات تكشف من جديد عن الوجه الحقيقي للاحتلال (الإسرائيلي) الذي يريد أن يعطى تعليماته للشعب الفلسطيني، ويمارس القرصنة بشكل علني"، مشددا على أن (إسرائيل) لا تريد المصالحة الفلسطينية ويجب على الشعوب العربية الداعمة أن تدرك ذلك.
وتعاني حكومة رام الله من أزمة مالية بسبب حجز (إسرائيل) أموال الضرائب التي تحصلها لصالحها من المعابر وتبلغ شهريا نحو 100 مليون دولار كإجراء عقابي منذ أن حصلت فلسطين على دولة مراقب في الأمم المتحدة.