متحف قصر الباشا..زمن منقوش على آثار غزة

متحف قصر الباشا الذي افتتحته وزارة السياحة مؤخراً في غزة
متحف قصر الباشا الذي افتتحته وزارة السياحة مؤخراً في غزة

غزة- فادي الحسني-الرسالة نت

يحمل متحف "قصر الباشا" في غزة لزواره التاريخ الفلسطيني على مر العصور، وتنبعث من زواياه المزخرفة و نوافذه الطينية الضيقة رائحة الماضي العريق.

 

يتردد الزوار على المتحف حديث الافتتاح، بشكل دوري ليناظروا الآثار القديمة التي نقش الزمان على حوافها المهترئة تاريخ الأقوام السابقين الذين مروا فوق هذه الأرض قبل آلاف السنين.

 

تلتفت الزائرة الأربعينية أم محمد يمينا ويسارا فاتحة فاهها منبهرة بالآثار المحفوظة بقوالب زجاجية شفافة، بينما كانت مديرة المتحف نبيلة مليحة تروي للزوار حكاية القطع القيمة التي خلفها القدماء منذ قرون.

 

وتقول الزائرة أم محمد :"كم جميل أن نرى في غزة مثل هذه الآثار (..) نعلم أن هناك آثارا قديمة في القطاع لكن لم يسبق أن نشاهدها في متحف خاص، بهذا الشكل".

 

نموذج وحيد

وافتتحت وزارة السياحة متحف "قصر الباشا" الذي يعود بناؤه الى زمن السلطان المملوكي "الظاهر بيبرس" (1260-1277) قبل نحو أسبوعين، وهو يعد النموذج الوحيد المتبقي للقصور في غزة المحاصرة.

 

وتنعكس في التصميم المعماري للمتحف، فلسفة وطابع العمارة الإسلامية، حيث يتكون من مبنيين منفصلين، شكلا فيما بينهما ساحة وسطية بالإضافة إلى الساحة الأمامية للمبنى القديم الذي يتكون من طابقين.

 

وتستفز الزخارف الهندسية الإسلامية كالأطباق النجمية والمقرنصات والزخارف النباتية، أنظار الزوار الغزيين، الذين يترددون يوميا عليه.

 

ويتكون الطابق السفلي من المتحف- المميز بالقبو والعقود والكوة (أي فتحات في الجدران)- من ثلاث قاعات تحمل أسماء المدن الفلسطينية المشهورة، التي احتلتها "إسرائيل" عام 1948.

 

وتحتوي قاعة "حيفا" السفلية على آثار بيزنطية، كالأسرجة المصنوعة من الفخار والعملات النقدية والجرار الفخارية متنوعة الأشكال، إضافة إلى تيجان وأنصاف أعمدة رخامية وأدوات برونزية مختلفة.

 

ومن الملفت للانتباه أن الجرار الفخارية مخروطة الشكل، والتي فسرت سر تشكيلها مديرة المتحف نبيلة مليحة بقولها: "الشكل المخروطي للجرار التي عثر عليها في منطقة البلاخية غرب مدينة غزة، تؤكد أنها استخدمت في تصدير الزيوت عبر السفن".

 

وتجدر الإشارة إلى أن منطقة ما تسمى بـ"البلاخية" كانت ميناء غزة القديم إبان حكم الرومان.

 

فيما تحوي قاعة "يافا" آثارا رومانية، تمثلت في أسرجه فخارية وعملات نقدية وأدوات مصنوعة من البرونز إضافة إلى العديد من الجرار الفخارية والقوارير مختلفة الأشكال والأحجام.

 

أما قاعة "القدس" فنقلت حضارة فترات إسلامية مختلفة كالأيوبية والمملوكية والعثمانية، حيث يوجد بها العديد من الأباريق النحاسية المختلفة، بجانب العملات النقدية.

 

وبدأ التنقيب عن الآثار في قطاع غزة على أيدي خبراء أجانب منذ العام 1998، ولكنه توقف قبل خمس سنوات، بفعل الأوضاع السياسية غير المستقرة، وبقيت وزارة السياحة محتفظة بتلك الآثار.

 

عصور مختلفة

الطابق العلوي من المتحف ضم قاعتي "عكا، الرملة" واحتوت على آثار تعود لعصور تاريخية مختلفة، بداية من العصر البرونزي مرورا بالعصر الكنعاني، ثم الحديدي، فاليوناني، فالروماني، وأخيرا البيزنطي.

 

ويوجد في القاعتين العديد من الأطباق الفخارية والأسرجة وقوارير العطور والدواء، إضافة إلى أدوات معدنية مصنوعة من البرونز والرصاص والعاج، بجانب خواتم الحلي وأدوات الزينة والعملات النقدية وتماثيل من الرصاص.

 

واستهدفت "إسرائيل" أكثر من موقع أثري في غزة، كان آخرها قصف كنيسة "جباليا" خلال اجتياح للبلدة عام 2002.

 

ويقيد الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أربعة أعوام، أيدي القائمين  على وزارة السياحة والآثار، حيث أن إغلاق المعابر تحول دون إدخالهم للأدوات المساهمة في تنظيف الآثار وترميمها.

 

وتقول مليحة :"هناك آثار بحاجة إلى مواد كيماوية لتنظيفها، لكن الاحتلال يرفض إدخالها، كما أننا بحاجة لآلات تستخدم في عمليات الترميم، ونظرا لإغلاق المعابر لا نستطيع جلبها للقطاع".

 

واكتشف مؤخراً في قطاع غزة، المئات من المقتنيات الأثرية والقطع النقدية المعدنية الثمينة تم التنقيب عنها والعثور عليها في "تل رفح" على الجانب الفلسطيني من الحدود المصرية الفلسطينية.

 

وأكدت وزارة السياحة بغزة أن أعمال التنقيب لا تزال مستمرة، عقب اكتشاف (1300) قطعة أثرية من العملات النقدية الفضية الكبيرة والصغيرة.

 

وأشارت الوزارة في بيان لها، إلى أنه تم العثور أيضا في جنوب "تل رفح" على سرداب غريب الشكل له مدخل مسدود شبيه بمداخل القبور، منوهة إلى أنه من غير المعروف ماهية هذا السرداب حيث "تحتاج هذه المنطقة إلى دراسة وتنقيب وبحث ودراسة معمقة".

 

البث المباشر