غزة/لميس الهمص
صمت أبو محمد أبو ريالة للحظات وحلق بنظراته في السماء يسترجع شريط الذكريات ليحصر "للرسالة" المدة التي قضاها كبائع للفول والفلافل في منطقته، فقال: رغم أنني أمضيت ثلاثة عشر عاما في هذه المهنة، ما زال الإقبال على هذه الوجبة الشعبية، لاسيما أنها تجمع جميع شرائح المجتمع الفلسطيني، وتوحد الأغنياء والفقراء.
وعلى الرغم من الاختلاف حول أصلها ، إلا أنها من الوجبات الشعبية الرخيصة والمغذية في الوقت ذاته، والتي اكتسبت شهرة عالمية، لتتعدى البلدان العربية وتصل للعديد من الدول الغربية.
أكلة شعبية
أصبحت عادة تناول الفول والفلافل صبيحة كل يوم، طقساً أساسياً في حياة قطاع عريض من الغزيين ، ففي وقت مبكر من صبيحة كل يوم يبدو من المألوف مشاهدة مطاعم الفول والفلافل وهي تكتظ بعدد كبير من الناس، ما بين جالس على طاولة خشبية متواضعة وأمامه تصطف الأطباق المليئة بأقراص الفلافل والفول والسلطات ، وبين أناس واقفين أمام الباعة لشراء ما يحتاجون إليه ، كل حسب طريقته الخاصة.
أبو محمد بطربوشه الأبيض الطويل الذي تميز به في حيه حيث يعتبر الأقدم في منطقته تحدث أن وجبة الفول والفلافل تلاقي إقبالا كبيرا كونها رخيصة الثمن وذات قيمة غذائية عالية إلا أنها لم تسلم من ارتفاع الأسعار والانقطاع المتكرر لغاز الطهي.
وتدخل في صنع الفلافل البقول اليابسة والمجففة المنقوعة في الماء، وتتألف إما من الفول المطحون أو الحمص أو كليهما بالإضافة للبقدونس والبصل والبهارات والتوابل خصوصا الكزبرة اليابسة والفلفل الأسود.
وتقلى حبات الفلافل يدويا باستعمال قوالب نحاسية أو حديدية أو باستخدام آلات حديثة كما في بعض المطاعم.
وتلمع في عالم الفول والفلافل العديد من الأسماء الشهيرة ، عكيلة، والخزندار، وأبو طلال وزهران.
وجبة ساخنة
وكجانب آخر من المشهد يقف سعيد أمام آنية مليئة بالزيت المغلي وبجانبه إناء كبير مليء بعجينة الفلافل، وبحركات سريعة لا تستطيع متابعتها يكوّر العجينة في القالب المدور، ثم يلقيها في الزيت المغلي، ليتلقف قطعة أخرى من العجينة وهكذا دواليك إلى أن يمتلئ الإناء الزيتي بحبات الفلافل خلال ثوان قليلة، وعندما يبدأ شكلها في التحول إلى اللون البني يبدأ العامل بانتشالها من الزيت ليضعها في الطبق المخصص تمهيداً لبيعهاً للزبائن الذين يفضل غالبيتهم تناولها ساخنة.
ويعد الفول والفلافل الملجأ الوحيد للمواطنين عندما يتبخّر الراتب نهاية الشهر، فتجد العديد من العائلات تخرج في نزهة لمطاعم الأكلات الشعبية نزهة لتتناول طعام العشاء، في جو يضم العديد من طبقات المجتمع فهي وجبة مشبعة ورخيصة الثمن مقارنة بغيرها من الوجبات السريعة.
وتؤكد الدراسات الحديثة في مجال تحليل الأغذية أن الأغذية الشعبية وفي مقدمتها الفول والفلافل تحتوي على مكونات طبيعية تساعد على ظهور مشاعر السعادة والهدوء والراحة وذلك على عكس المعتقدات الشائعة والخاطئة عن تأثير تناول الفول وغيره من الأغذية الشعبية على نشاط وحيوية الجسم وعلى حالته المزاجية.
وتأكيدا على تصحيح مثل هذه المعتقدات الخاطئة عن الفول وغيره من الأغذية الشعبية ولتوضيح علاقة تناولها بتحقيق السعادة والنشاط للجسم يجب معرفة أن المخ ينشر أعدادا كثيرة من المواد الكيميائية الحيوية في الجسم.
هذه المواد تدعى الموصلات العصبية وتساعد على ظهور مشاعر السعادة والهدوء أو الراحة أو النشاط أو الحماس أو اليقظة وغيرها كما أنها تساعد على تحقيق التناسق التام لضمان حصول الجسم على أفضل حالة من الفكر والإحساس والنشاط والمشاعر التي قد تحمل من بينها السعادة والهدوء والراحة.
فبالرغم من الاختلاف حول أصل الفول والفلافل إلا أن غالبية الشعوب العربية اتفقت على لذة طعمها.