تحول معبر رفح البري الواصل إلى قطاع غزة على الحدود مع مصر عقب الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي إلى ممر لخنق الفلسطينيين وشل حركتهم في ظل استمرار الحصار المفروض من قبل الاحتلال "الإسرائيلي" على 1.8 مليون نسمة.
وكانت غزة تنعم بزيارات مكثفة شبه يومية لوفود التضامن على مدار العامين الماضيين بعد زيارات نادرة كانت تقوم بها قبل ذلك لمحاولة فك الحصار "الإسرائيلي" المفروض على القطاع الساحلي.
وجاءت تلك الزيارات عقب تطورات "الربيع العربي" في عدد من البلدان العربية والحربين المدمرتين من قبل الاحتلال عامي 2009- 2012.
وتشير إحصائية حديثة أعدتها وزارة الشؤون الخارجية إلى أن 200 وفد عربي وأجنبي زاروا غزة منذ العدوان "الإسرائيلي" على القطاع في الخريف الماضي.
لكنه منذ انقلاب قائد الجيش المصري عبد الفتاح السيسي على الرئيس مرسي في الثالث من الشهر الماضي قلب المعادلة رأسا على عقب وأصبح المعبر الواقع جنوب القطاع ممرا لفئات محددة وأعداد لا تزيد عن المئة وخمسين شخصا يوميا ، وتلك الفئات انحسرت بحملة الجوازات الأجنبية والإقامات والمرضى الحاصلين على تحويلات من وزارة الصحة الفلسطينية فقط.
ومع مرور الوقت بدأ الفلسطينيون يشعرون بمرارة الواقع خصوصا أنهم يعيشون الأزمات في معبر رفح منذ أن كان الاحتلال يتولى إدارة هذا المعبر مرورا بالإدارة المشتركة بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية, ثم السلطة ومراقبون أوربيين إلى أن تسلمت حركة حماس إدارة المعبر خلال السنوات السبع الماضية.
وفي تلك السنوات تعاملت الحكومة الفلسطينية في غزة مع أربع إدارات في مصر من أجل تسهيل سفر الفلسطينيين عبر هذا المنفذ البري الوحيد على العالم.
"الحكام الجدد الذين تولوا المسؤولية بعد الانقلاب العسكري فرضوا إجراءات مشدد على المعبر بعد إغلاقه لخمسة أيام مطلع الشهر الماضي.
"
وكان أشد تلك الإدارات هي إدارة المخلوع حسني مبارك وفق ما قال مسؤولون فلسطينيون لكن بعضهم يرى في التعامل الحاصل حاليا رائحه من تعامل إدارة مبارك التي يعتقد أنها تسلمت زمام الحكم من جديد بعد الانقلاب على نتائج الانتخابات التي قادة الإسلاميين إلى سدة الحكم.
وحذرت منظمات حقوقية محلية ودولية من استمرار السلطات المصرية في فرض قيود مشددة على حركة السفر على معبر رفح بعد انقلاب الثالث من يوليو/ تموز الماضي.
وقال الحقوقي إبراهيم معمر رئيس مجلس إدارة الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون إن الإجراءات المتبعة من قبل السلطات المصرية على المعبر خلال الشهر الماضي غير مقبولة وتتعارض مع المواثيق الدولية التي تكف حرية السفر والتنقل.
ودعا معمر في تصريح لـ"الرسالة نت" إلى وقف الاجراءات المتبعة على المعبر وفتحه بشكل كامل أمام حركة المسافرين دون إبطاء.
كما طالب بعدم إقحام المعبر في الشئون الداخلية المصرية باعتباره معبرا دوليا، وإخضاع المعبر إلى شروط وأحكام القانون والتفاهمات ذات الصلة.
وخلال العامين الماضيين شهد المعبر في الجانب الفلسطيني استقرارا ملحوظا على صعيد الانشاءات وإجراءات السفر وفق ما صرح مدير الإدارة العامة للمعابر والحدود في غزة ماهر أبو صبحة.
لكن أبو صبحة قال لـ"الرسالة نت" إن الأوضاع في المعبر تزداد سوءًا مشددا على أن "التنسيق مع الجانب المصري لا يزال مستمرًا وأن هناك وعودا مصريه بتحسين الإجراءات المتبعة عقب عيد الفطر".
"خلال العامين الماضيين شهد المعبر في الجانب الفلسطيني استقرارا ملحوظا على صعيد الانشاءات وإجراءات السفر وفق ما صرح مدير الإدارة العامة للمعابر والحدود في غزة ماهر أبو صبحة.
"
ونبه إلى أن الجانب الفلسطيني رغم ذلك يواصل محاولته من أجل حث السلطات المصرية على رفع القيود المفروضة على السفر في ظل حاجة الالاف لذلك كون أن غزة لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالأوضاع الداخلية المصرية.
وأوضح أن الأزمة الحالية تسببت في تفاقم معاناة المرضى والطلبة وأثرت على حركة سفر المغتربين التي تزدهر في فصل الصيف، مبينا أن آلاف الفلسطينيين عالقين حاليًا في عواصم الدول العربية والأجنبية والمطارات ولا يستطيعون العودة إلى غزة عبر مطار القاهرة الدولي بسبب عدم سماح السلطات المصرية لهم بالعودة.
وحظي معبر رفح بتسهيلات مصرية واسعة في حركة السفر بعد ثورة 25 يناير/كانون ثاني 2011 في مصر، أتاحت تنقل مئات المسافرين بصورة يومية، بعد أن كان يتعرض إلى إغلاقات متكررة منذ صيف العام 2007.
لكن الحكام الجدد الذين تولوا المسؤولية بعد الانقلاب العسكري فرضوا إجراءات مشدد على المعبر بعد إغلاقه لخمسة أيام مطلع الشهر الماضي.
وهذه الإجراءات قوضت أمال ألاف الفلسطينيين الراغبين بالسفر إلى خارج غزة خلال هذا الصيف مثلما هو الحال مع أسامه كباجة المتزوج من مصرية.
وقال الرجل وهو في العقد الثالث من العمر "إنه يشعر بصدمة كبيره خصوصا وأن السلطات المصرية سمحت لزوجته وأبنائه الاثنين بالسفر بينما أبلغت برفضها دخوله إلى الأراضي المصرية".
واستغلت السلطة الفلسطينية في رام الله الانقلاب العسكري في مصر وطرحت على السلطات الجديدة العودة للعمل على المعبر وفق اتفاقية المعابر 2005.
وجرى ذلك خلال زيارة رئيس السلطة محمود عباس للقاهرة منتصف الأسبوع الماضي ولقاءه بحكام مصر الجدد.
وتلك الاتفاقية تشير إلى توالي طواقم حرس الرئاسة الفلسطينية ومراقبين أوربيين إدارة المعبر تحت مراقبة الاحتلال "الإسرائيلي" ورعاية الولايات المتحدة الأمريكية.
لكن حركة "حماس" سارعت إلى رفض العودة للاتفاقية، ودعت على لسان عضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق نهاية الأسبوع الماضي إلى شراكة فلسطينية مصرية خالصة على المعبر الذي يمثل المنفذ الوحيد لسكان قطاع غزة على العالم الخارجي.