الخالدي: مبنية على مرسوم رئاسي يجرم الانتماء لحماس
قاسم: القانون في الضفة خاضع للاتفاقيات مع "إسرائيل"
عبد الجواد: اليسار يدعي الديمقراطية ولا يحرك ساكناً
خريشة: القانون يكفل حرية الانتماء والتعبير
الرسالة نت - فايز أيوب الشيخ
أجمع عدد من النواب والمختصين وخبراء القانون على بطلان وعدم قانونية تقديم وإحالة المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية إلى المحاكم المدنية، مؤكدين في أحاديث منفصلة لـ"الرسالة"، أن سلطة عباس اتجهت إلى هذه الخطوة بعد الانتقادات الشديدة التي وجهت لها من المؤسسات الدولية والحقوقية على خلفية تقديم المعتقلين للمحاكمات العسكرية و توقيفهم واحتجازهم دون مبررات وتهم تدينهم.
أما ذوو المعتقلين السياسيين من كافة فصائل المقاومة الفلسطينية، فقد حذروا مما وصفوه بأنه "ابتزاز وعروض رخيصة تتبعها أجهزة السلطة مع أبنائهم، حين تُخيرهم بين الإحالة إلى المحاكم وبين الظهور على وسائل الإعلام للبراءة من فصائلهم التي يتشرفون بالانتماء إليها!".
فاقدة الشرعية
وانتقد رئيس لجنة صياغة الدستور ووزير العدل سابقاً، الدكتور أحمد الخالدي، بشدة إخضاع سلطة عباس المعتقلين السياسيين بالقوة إلى المحاكم العسكرية والمدنية، مؤكداً "عدم شرعية وقانونية المحاكمات التي تجريها السلطة بحق معتقلي فصائل المقاومة الفلسطينية".
وأرجع الخالدي إجراءات سلطة عباس المخالفة للقانون الأساسي إلى "مرسوم رئاسي صدر في العام 2007 يُجرم تنظيم حركة حماس ومن ينتمي إليها"، لافتاً إلى أنه بناءً على هذا المرسوم تقوم السلطة بإحالة المعتقلين السياسيين إلى محاكم عسكرية تحولت اليوم إلى محاكم مدنية.
وشدد الخالدي على أن القوانين والأحكام الصادرة من قبل المحاكم العسكرية والمدنية في هذا الإطار "غير قانونية وتطبق بحكم الأمر الواقع وفاقدة الشرعية الدستورية" ، معرباً عن أسفه لعدم قدرة خبراء القانون والنواب المستقلين من فعل شئ يرقى إلى مسئولياتهم الوطنية في حفظ القانون الفلسطيني والدستور.
تطبيق للتنسيق الأمني
أما د.عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، فلم يستغرب ما تُقدم عليه سلطة عباس من إجراءات غير قانونية، فقد اعتبر أن السيادة في الضفة الغربية هي للاتفاقيات الموقعة مع "إسرائيل".
وأكد أنه يتم تحوير القضايا القانونية في الضفة الغربية وفق متطلبات الاتفاقيات مع "إسرائيل"، قائلاً:"إن الملاحقات العسكرية هي تطبيق للتنسيق الأمني، وإذا لم تلتزم السلطة فإن الدول المانحة لن تدفع لها الأموال، ولن ينعم قادة السلطة بالـ(vip) ، وسوف يحرموا من الكثير من الامتيازات".
وبين قاسم أن تحول السلطة إلى المحاكم المدنية جاء "ظناً منها أنها تغطية قانونية للاعتقالات السياسية والمحاكمات العسكرية التي تقوم بها، فقد حولوا الأخيرة إلى قضايا مدنية وجنائية، وفي يوم وليلة أصبح من يحمل السلاح للمقاومة مجرماً جنائياً في نظرهم ويمثل أمام هذه المحاكم ".
والتمس قاسم العذر لمن يرفضون هذه المحاكمات ولا يستطيعون فعل شئ قائلاً:" هناك قهر مرعب لحريات التعبير في الضفة الغربية، فأجهزة السلطة منتشرة في كل مكان ويدبون الرعب في قلوب مواطني الضفة والتقارير الكيدية تطال الكثيرين".
وأكد أن نواب التشريعي ورجال القانون الذين من المفترض أنهم يدافعون عن حقوق المعتقلين السياسيين "مراقبون وملاحقون في كل مكان ولا يستطيعون التحدث بصراحة ووضوح، فإذا لم تعتقلهم السلطة فإن المهمة موكلة للاحتلال منعاً للحرج ، وما تعجز عنه السلطة وتراه محرجاً لها يتولاه عنها الاحتلال".
محاكم هزلية
من جهته اعتبر النائب د.ناصر عبد الجواد، أن اتجاه سلطة عباس إلى هذا الإجراء غير القانوني " حلقة من الحلقات التي تستخدمها السلطة للتغطية على جريمة الاعتقال السياسي التي تنفذها في الضفة الغربية"، مبيناً أن ذلك يكشف للعلن أن الاعتقالات التي نفذتها السلطة ومازالت على أشدها "هي اعتقالات عشوائية بدون أي غطاء قانوني وسببت حرجاً شديداً لأجهزة أمن السلطة".
وليس تبريراً فقد قال عبد الجواد :" السلطة تعتبر أن أقصر الطرق لمواجهة الضغوط الخارجية من قبل المؤسسات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان وللمحافظة على المساعدات الخارجية، هو باستخدام (المحاكم الهزلية) مخرجاً لمحاكمة المعتقلين السياسيين بدلاً من اعتقالهم شهوراً عديدة دون أن يُقدموا للمحاكم ودون أي سند قانوني".
وأشار عبد الجواد إلى أن دورهم النيابي في هذا الإطار مغيب تماماً في الضفة الغربية، قائلاً:"نحن مكبلين عن ممارسة دورنا، ولكن ذلك لم يمنعنا من التواصل مع المؤسسات الحقوقية والاتصال مع الإعلام لكشف وفضح هذه المحاكم الهزلية التي تعدها السلطة لأبناء فصائل المقاومة".
ولكنه عبر عن أسفه للدور الغائب من النواب وقادة الفصائل اليسارية التي تدعي الاستقلالية والديمقراطية والنزاهة والحيادية، " فهم لا يحركون ساكناً وساكتون سكوت القبور"، كمال قال.
وتطرق عبد الجواد للحديث عن معاناة المعتقلين السياسيين في سجون السلطة، مشيراً أن العديد منهم أبلغوه أنهم لا يستطيعوا أن يتحدثوا عما يجري معهم من تعذيب شديد خوفاً من البطش والانتقام من عائلاتهم.وأضاف:" أجهزة السلطة يبتزون ويراودون معتقلي حماس على التخابر معهم والعمل كمندوبين مقابل الإفراج عنهم" .
تحايل على القانون
أما النائب المستقل الدكتور حسن خريشة، فقد أكد أن المجلس التشريعي اتخذ في السابق قراراً ملزماً بتحريم قضم الحريات وهذا لا يسقط بالتقادم، معتبراً أن حالة الانقسام فتحت الباب أمام الاعتقال السياسي وأن تغييب المجلس التشريعي فتح الباب أوسع أمام تصرفات السلطة المرفوضة والتي كان آخرها محاكمة المعتقلين السياسيين في محاكم عسكرية ومدنية.
واعتبر أن تنبه السلطة إلى تحويل المعتقلين السياسيين من المحاكم العسكرية إلى المحاكم المدنية "لا يرفع عنها الحرج، وإنما يدينها أكثر"، مؤكداً أن ذلك تحايل على القانون والدستور ولا يمكن أن يمر بسهولة على شعبنا الذي يعرف الحقيقة من ألفها إلى ياءها، حسب تعبيره.
وشدد خريشة على أن القانون الأساسي يكفل للجميع الحريات العامة منها حرية الانتماء و التعبير، وبالتالي الاعتقالات القاضمة لهذه الحريات مرفوضة جملة وتفصيلا، معرباً عن أسفه لاستخدام سلطة رام الله المواطن الفلسطيني عنصراً للابتزاز ووسيلة ضغط ورهينة .
وتطرق خريشة إلى قضية محاكمة الصحفي طارق أبو زيد، قائلاً:" الصحفيون كثر ممن تعرضوا للضغوط بشكل منظم وكأن المطلوب أن تسكت كل الأصوات لصالح مآرب السلطة"، مضيفاً:" خفتت أصوات النواب وبقي بعض الصحفيين ينقلون الحقيقة ويدفعون ثمن جراءتهم".
واستشهد خريشة بقضية مماثلة لحالة الصحفي أبو زيد فقال:" حوكم غانم سوالمة بعد اعتقال دام عام ونصف بتهمة إدارته للعملية الانتخابية لكتلة التغيير والإصلاح في العام 2006"، مؤكداً أن أية مزاعم أخرى تسوقها السلطة لتجريم المعتقلين السياسيين لا يمكن أن تنطلي على أحد.
يذكر أن أربعة خمسة صحفيين معتقلين لدى سجون السلطة بالضفة الغربية هم"مصطفى صبري ، يزيد خضر ،محمد بشارات، ومعاذ مشعل، بعضهم مضى على اعتقاله عدة أشهر ، فيما حكمت محكمة عسكرية على الزميل الصحفي طارق أبو زيد عاماً ونصف خلافاً ورد في القانون الأساسي الفلسطيني الذي يحفظ حرية الرأي والتعبير والعمل الإعلامي لأي صحفي فلسطيني.