أعرب الرئيس الأميركي باراك أوباما عن ثقته في أن الكونغرس سيصوت بالتأييد لتوجيه ضربة عسكرية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال في إطار اتصالاته مع قادة الكونغرس إن لدى إدارته إستراتيجية أوسع نطاقا، تسمح بتعزيز قدرات المعارضة المسلحة في سوريا.
وأضاف أوباما أن من شأن الضربة العسكرية المزمعة أن تقلص قدرات الأسد على استخدام أسلحة كيميائية.
وأثناء اجتماع مع زعماء بالكونغرس في البيت الأبيض دعا أوباما إلى تصويت برلماني عاجل، وأكد أن خطة الولايات المتحدة ستكون محدودة النطاق، ولن تكرر حروب أمريكا الطويلة في العراق وأفغانستان.
وأبدى الرئيس الأميركي استعداده لمعالجة بواعث قلق المشرعين بخصوص التصريح باستخدام القوة الذي طلبه البيت الأبيض من الكونغرس.
يأتي هذا التطور وسط احتدام الجدل بين البيت الأبيض والكونغرس الأميركيين بشأن تقييد مشروع التفويض الذي تقدم به أوباما لضرب قدرات النظام السوري العسكرية.
وتدخل الحملة التي أطلقها الرئيس الأميركي من أجل إقناع الكونغرس بإعطائه الضوء الأخضر لتوجيه ضربات لسوريا مرحلة حاسمة اليوم الثلاثاء، مع مثول وزيري الخارجية جون كيري والدفاع تشاك هيغل أمام مجلس الشيوخ في جلسة استماع في وقت لاحق هذا المساء.
وأوضح مسؤول كبير في وزارة الخارجية طلب عدم كشف اسمه أن كيري "سيطلع المجلس على أنه في حال عدم التحرك ضد نظام الأسد، فإن ذلك سيقضي على قوة الردع للقوانين الدولية التي تحظر استخدام الأسلحة الكيميائية، وسيعرض أصدقاءنا وشركاءنا على طول حدود سوريا للخطر.
وقد يشجع الأسد وحلفاءه الأساسيين حزب الله وإيران على الاستمرار بالانتهاكات دون النظر للعواقب.
ويعتقد مسؤولون أميركيون أن التصويت بـ"لا" على توجيه ضربة عقابية للرئيس السوري بشار الأسد قد يقوض موقف أوباما في الشرق الأوسط، إذ تسعى إدارته لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، كما تسعى واشنطن لتحريك عملية السلام بين (الإسرائيليين) والفلسطينيين.
وفي هذا الإطار قال كل من السيناتور جون ماكين والسيناتور ليندسي غراهام بعد اجتماعهما بأوباما في البيت الأبيض أمس الاثنين إن "رفض هذا القرار سيكون كارثيا ليس فقط عليه، بل على مؤسسة الرئاسة ومصداقية الولايات المتحدة".
وبهذا التحذير بدا السيناتوران النافذان وكأنهما يعلنان دعمهما لباراك أوباما، لكن ماكين عاد وقال "ما زلنا بعيدين" عن تحقيق غالبية.
وبعد اجتماع أوباما مع جون ماكين والسيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أمس الاثنين، سيلتقي
اليوم الثلاثاء برؤساء لجان أمنية رئيسية في الكونغرس، وسيدلي كيري وهيغل بشهادتيهما أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ.
ويلتقي أوباما -قبل أن يتوجه مساء اليوم الثلاثاء إلى السويد في طريقه إلى قمة العشرين في روسيا- مسؤولي اللجان الأساسية في الكونغرس، وسيعرض عليهم حججه التي تبرر التدخل في سوريا تحت شعار حماية المصالح الوطنية الأميركية.
أكبر من ضربة خاطفة
وفي سياق شرح أبعاد الضربة الأميركية قال الجنرال جاك دين النائب السابق لرئيس أركان الجيش الأميركي -نقلا عن أعضاء بالكونغرس الأميركي- إن الرئيس أوباما أكد لهم خلال اجتماعه معهم الاثنين الماضي أنه يخطط لإيقاع أضرار جسيمة بقوات الرئيس الأسد، ويخطط لتدخل في سوريا أكبر مما كان يُعتقد من قبل، لكن دون إسقاط النظام السوري.
وأشار دين إلى أن أوباما يعتزم مساعدة قوات المعارضة السورية وتطوير قدراتها والمساعدة في تدريبها في الأردن على الأرجح، وليس في سوريا.
وعلى صعيد التعاون الإقليمي مع مخطط أوباما لضرب النظام السوري، كشف وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتركيا عرضت على الولايات المتحدة استخدام قواعدها العسكرية في أي عمل عسكري محتمل ضد سوريا.
لكن دبلوماسيين غربيين قالوا إن المحادثات مع السعودية والإمارات ما زالت في مراحلها الأولية ولم تتم مناقشة أية تفاصيل بعد.
تقييد التفويض
وتشهد المحادثات بين الكونغرس ومسؤولي الإدارة الأميركية جدلا بشأن صيغة وبنود مشروع قانون التفويض باستخدام القوة العسكرية في سوريا، في ظل تخوف المشرعين من أن يفتح مشروع الرئيس أوباما الباب أمام إمكانية استخدام القوات البرية أو شن هجمات على دول أخرى.
ويعمل أعضاء الكونغرس على إدخال تعديلات جوهرية على القرار الذي أعده البيت الأبيض، والتأكيد فيه على أنه لن يتم نشر أي جندي أميركي على الأرض السورية.
وقال مسؤول بالإدارة الأميركية إن البيت الأبيض مستعد لإعادة صياغة المشروع لتهدئة مخاوف المشرعين، وأضاف أن الإدارة مستعدة لإجراء تعديلات "في إطار الضوابط التي شرحها الرئيس من قبل".
ويتضمن الاقتراح الأولي لأوباما الذي أصدره البيت الأبيض يوم السبت تفويض الرئيس باستخدام القوات المسلحة "بما يراه ضروريا ومناسبا فيما يتصل باستخدام أسلحة كيميائية أو أسلحة دمار شامل أخرى في الصراع السوري".
وقال بعض المحللين القانونيين إن طلب أوباما التفويض باستخدام القوة العسكرية قد يفسح المجال أمام اتخاذ إجراء عسكري ضد دول أخرى غير سوريا، إذا اعتبر أنها على صلة باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
ورغم تأكيد البيت الأبيض المتكرر أن العمل العسكري الأميركي في سوريا لن يتضمن "قوات برية"، يريد الكثير من المشرعين أن ينص التفويض على عدم إرسال قوات أميركية إلى سوريا.
الجزيرة نت