يحتضنهم مركز النور بغزة

المكفوفون يتمتعون بقدرات مذهلة رغم إعاقتهم

 

غزة _ رائد أبو جراد

بأناملها الناعمة بدأت الطفلة مريم أبو شاويش 5 أعوام الطباعة على آلة برايل التي يستخدمها المكفوفون للكتابة، فعلى الرغم من أنها فقدت بصرها إلا أنها أظهرت قدرا كبيرا من الذكاء من خلال أسلوب حديثها رغم صغر سنها.

وتقول الطفلة أبو شاويش لـ"الرسالة" :"أتعلم في روضة مركز النور وتعلمت الكتابة عبر آلة بريل، وتعلمت أيضا الموسيقى والأناشيد والشعر والعلوم المختلفة عبر هذا المركز الذي يرعانا جيداً"، مبينةً أن لديها طموحا كبيرا بأن تكمل دراستها الثانوية والجامعية..

وسيم راضي 8سنوات هو الآخر التحق بمركز النور لرعاية المعاقين بصرياً وتعلم في المركز على استخدام آلة بريل للمكفوفين، إضافة إلى تمتعه بموهبة إلقاء الشعر والأناشيد.

وخلال تحريكه أنامل يديه على كتاب مادة التربية الإسلامية المطبوع بالحروف البارزة ظهرت علامات التفوق والأمل على الطفل راضي.

أثر على رؤيته

الطالب محمد صالح في الصف الرابع الابتدائي أصيب مؤخراً بضعف في شبكية العين أثر على رؤيته كثيراً، مما اضطر أهله لنقله من مدرسة الأيوبية الابتدائية في جباليا إلى مركز النور للمكفوفين لرعايته كغيره من الأطفال والطلاب في هذا المركز.

وخلال حصة الرياضيات بدأ الطفل صالح كتابة المسائل الحسابية على دفتره والأمل والطموح يحذوه قائلاً:"صحيح أن لدي ضعف نظر لكنني لست ضعيف في تلقي العلم، وأصررت على مواصلة التعلم وسأستمر في الدراسة لأحقق طموحي الذي أسعى له رغم الإعاقة التي أصابتني".

إعاقة الطفلة شهد الجدي في الصف الأول الابتدائي لم تمنعها من وضع طموح مستقبلي لها قائلةً بكل أمل رغم الحزن والألم:" أحب أن أصبح صيدلانية حتى أعطي الناس الدواء اللازم لشفائهم من أمراضهم وسأحقق هذا الطموح إن شاء الله من خلال تفوقي في الدراسة".

وتظهر الابتسامات التي ترتسم على وجوه طلاب مركز النور درجة تعلقهم بالعلم وتطوير مواهبهم وتمكينهم من الدراسة والبحث عن الطموح المستقبلي لهم.

وأكدت القائمة بأعمال مدير مركز النور لرعاية المعاقين بصرياً لطيفة الوحيدي على أن عدد التلاميذ الملتحقين بالمركز وصل إلى 154 من فئتي الذكور والإناث، مبينة أن المركز ينقسم إلى قسمين الأول يعنى برعاية المكفوفين بشكل كلي والثاني رعاية المبصرين جزئياً.

وتقول الوحيدي للرسالة: "يقوم المركز على برامج مختلفة، وهو تابع بشكل كامل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الاونروا التي تقدم لنا الدعم المادي والمعنوي اللازم، وكل الطلاب لدينا يتعلمون القراءة عبر آلة بريل الخاصة بالمكفوفين أو عبر الاستعانة بالكتب المطبوعة بالحروف البارزة".

وأشارت إلى وجود قسم مهني في المركز ينمي مهارات ومواهب هؤلاء المكفوفين ويرعاهم، مضيفةً:" في القسم المهني فرعين الأول للذكور الذين يقومون بصناعة منتجات القش كسلات وأطباق وسلات زهور، والفرع الثاني للإناث اللواتي تقمن بإنتاج قطع الصوف الملائمة كأطقم الأطفال والشالات وفي ختام عملهم نعطيهم الأجور حسب هذه الأعمال".

وأوضحت أن تقسيم التلاميذ في المركز على الفصول الدراسية يتم كما هي العادة جارية في المدارس العادية، مبينةً أن كل فصل يضم عدد قليل من التلاميذ وأكثر فصل في المدرسة لا يزيد عدد طلابه عن 16 طالب بشكل مختلط من فئتي الذكور والإناث لان عملية فرز الطلاب تؤدي إلى زيادة العبء على المركز والقائمين عليه.

تقييم الإبصار

وأضافت الوحيدي: "لدينا أيضاً وحدة تقييم الإبصار وهناك موظفة مختصة تقوم بفحص الطفل بعد أن يحول للباحث الاجتماعي، كذلك نفحص الأطفال المكفوفين في المجتمع المحلي، وتحدد الموظفة المختصة مستوى النظر لدى الطفل عند قدومه للدراسة لدينا وتحديد موقعه وتصنيفه".

وذكرت أن المركز يحتوي أيضاً على وحدات أخرى مثل وحدة طباعة الكتب عبر آلة "برايل" مؤكدة وجود آلة وحيدة في المركز يبلغ ثمنها 80ألف دولار لطباعة المناهج والكتب الدراسية بالخطوط البارزة لتمكين طلاب المركز من فهمها.

كما يوجد في المركز مختبر للحاسوب يحتوي على 19 جهازاً يقوم معلم مختص بتدريب التلاميذ على استعمالها عبر الصوت وخطوط بارزة توجد على لوحة المفاتيح الخاصة في تلك الأجهزة.

وتابعت الوحيدي:" ويوجد لدينا أيضا قسم الإرشاد الحركي وفيه موظفان يقومان بإرشاد وتوجيه التلاميذ من لحظة قدومهم للمركز وتعريفهم بأركان وزوايا المركز ليستطيع الطالب التحرك بسهولة في المركز"، مبينةً أن الاونروا تقدم لهم ميزانيات مالية إضافة إلى مصادر التبرعات الخارجية التي تصلهم.

ونفت وجود أية عقبات تواجه مركز النور، مبينةً وجود تواصل مستمر مع كافة مؤسسات المجتمع بعد التنسيق الأولي مع وكالة الغوث لتنفيذ برامج وأنشطة مشتركة لدعم مواهب ومهارات الطلاب.

ولفتت الوحيدي اعتنائهم بوحدة التمرينات الرياضية الموجودة في المركز، ويعتنون جيداً ببرنامج الدمج الذي يقوم على قياس وضع التلاميذ بعد مدة من مكوثهم في المركز، للتواصل مع مدارس عادية في حال تحسن أداء هؤلاء التلاميذ لنقلهم إلى المدارس العادية لتخفيف العبء الملقي على المركز.

من جانبه، قال محمد علي الباحث اجتماعي في المركز:"العمل هنا في مركز النور مهني وتأهيلي في المقام الأول ونخدم فيه أناسا من أكثر الفئات أهمية في المجتمع، ونتعامل هنا في المركز مع أصحاب الإعاقات البصرية سواء كانت إعاقة كلية أو الذي يرى بشكل جزئي".

وأكد على أن تعاملهم مع التلاميذ الوافدين للمركز يتم طبقاً لعدة معايير تتمثل في قوة الإبصار

وتصنيف التلاميذ القادمين، مضيفاً:" أحياناً نخرج بعمل ميداني نبحث من خلاله عن الأطفال المكفوفين في المجتمع المحلي".

البث المباشر