قائد الطوفان قائد الطوفان

بطولات"القط الأسود"لا تنصفه لدى السلطة

 الفلسطيني محمد أبو جاموس
الفلسطيني محمد أبو جاموس

رفح- خاص

ربما يكون الفلسطيني محمد أبو جاموس من أفضل العدائين على مستوى العالم لكن التحاقه بصفوف المقاومة الفلسطينية وتعرضه للاعتقال في سجون الاحتلال حرمه الوصول إلى المسابقات الدولية والتتويج فوق المنصات العالمية.

وكان هذا الشاب من أبطال ألعاب القوى على مستوى قطاع غزة وبطل سباقات المائة متر حرة وهو في سن السادسة عشر.

وحكاية أبو جاموس الذي لقبته الصحافة "الإسرائيلية" بـ(القط الأسود) بدأت قبل أكثر من عقد من الزمن عندما غادر للضفة الغربية في نهاية القرن الماضي والتحق بصفوف كتائب شهداء الأقصى مع اندلاع انتفاضة الأقصى في خريف العام 2000.

رافق أبو جاموس الشهيد رائد الكرمي وكثير من قيادات ذراع حركة فتح العسكرية وكان يشكل رأس الحربة في مجموعته لما يمتلك من مهارة في خفة الحركة وقطع المسافات على قدميه دون أن يثير انتباه أحد.

كان الشاب ذو البشرة السمراء يتخذ من محافظ طولكرم نقطه انطلاق في كل عمليه يقوم بها ضد الاحتلال وخاض اشتباكات وجها لوجه مع جيش الاحتلال وكثير من زملائه ودعهم في ميدان المقاومة وفق ما يقول.

ويوضح أنه تعرض للاعتقال أثناء رصده لمنزل قائد البحرية "الإسرائيلية" داخل الأراضي المحتلة عام 1948 في مطلع العام 2001.

ويشير إلى أن عملية الرصد كانت تمهيد لاغتيال هذا القائد الاحتلالي بتكليف من كتائب شهداء الأقصى لكن عمليه الاعتقال أخرت العملية ولم تتمكن مخابرات الاحتلال من معرفة الحقيقة خلال اعتقالي الأول الذي انتهى بعد ثلاثة أشهر على أساس أنني مسجون أمني.

وعندما خرج أبو جاموس من محبسه عاد لزملائه في طولكرم وكانت العملية التي خطط لها لا تفارق مخيلته وهو في معتقلات الاحتلال وبالفعل سلم عبوة يتم تفجيرها عن بعد لتنفيذ العملية وفق ما قال لـ"الرسالة نت".

ولأن أبو جاموس كان بمثابة رأس الحربة فقد تسلل خلال ساعات الليل لمنزل قائد البحرية "الإسرائيلية" ووضع العبوة أسفل سرير نومه وجهز ساعة التفجير وأبلغ زملائه عبر الهاتف بما فعل وهرب من المكان.  

ويبين أبو جاموس أنه لم يسمع انفجار بعد انسحابه من المكان لكن علم في اليوم الثالث بأن جهاز "الشباك" الصهيوني أحبط عملية اغتيال كبيرة لضبط في جيش الاحتلال.

وينبه إلى أن أحد زملائه تم اختطافه في نفس اليوم من قبل قوة من المستعربين في طولكرم مما دفع المجموعة إلى الهرب حيث حطت أقدام أبو جاموس في أراضي الداخل المحتل.

عاش القط الأسود على تلك الأرض ثلاثة أشهر إلى أن حاصرته قوة "إسرائيلية" في إحدى قرى بئر السبع وأطلق عليه الرصاص إلا أنه نجا وأصيب صديق له وجرى اعتقاله.

ولم تمضي سوى أيام قليله على أبو جاموس حراً طليقاً حتى تم اعتقاله وهو يحاول أن يصل إلى منطقة أخرى آمنه وكان جهاز "الشباك" لديه كل نشاطاته من خلال اعترافات أعضاء مجموعته الذين اعتقلوا وقتلوا بعدما انكشفت خيوط عمليه استهدفهم لقائد القوة البحرية.

ويوضح أبو جاموس أن "الشباك" بعد ما واجهه بما فعل اعترف خلال التحقيقات وتقرر نقله إلى السجن تمهيداً للخضوع للمحاكمة.

ويكشف أنه خلال عملية نقله في عربة البوسطة استطاع كسر قيده وتمزيق شباك السيارة والقفز منها والهرب في وضح النهار.

وهروب أبو جاموس لم يستمر إلا ثلاثة أيام إذ سلمه أحد سكان الأراضي المحتلة عام 1948 ممن وثق فيهم خلال نومه بعد خمسين ساعة من الركض.

وعاد أبو جاموس للمعتقلات ليقضي أسوء عشر سنوات في حياته إذ أصبح هناك ثأرا بينه وبين وحدة نخشون التي تحملت مسؤولية هروبه وفصل حوالي عشرين عنصرا ممن كانوا يرافقون المركبة التي فر منها في وضح النهار. وقد صدر حكماً بسجن أبو جاموس 28 عاماً.

ويسرد القط الأسود بألم أصعب السنوات إذ يقول "أمضيت 3 سنوات في العزل الانفرادي وأنا مقيد اليدين والقدمين على السرير ولا أتناول إلا الماء بينما الطعام كل خمسة أيام.   

ويضيف أن وحدة نخشون كانت تتلذذ بتعذيبي نفسياً وجسدياً خصوصاً عندما كنت أحصل على "الفورة" وهي فترة استراحة للأسير يرى خلالها الشمس.    

ويتابع موضحاً " بعد هذا العذاب تم نقلي إلى غرف عزل على الطريقة الأمريكية حيث توجد كاميرا وجهاز صوت ينقل كل ما يدور في الغرفة لإدارة السجن".

ويشير إلى أنه أمضى في تلك الغرفة سبع سنوات حيث أنه تعرف على بعض الأسرى ممن عزلوا معه لكنه يصفها بأنها سنوات موحشة ومؤلمه".

لكن العذاب الذي تعرض له القط الأسود توج بتحرره في صفقة وفاء الأحرار إذ تم إدراج اسمه ضمن كشوف أسرى ألوية الناصر صلاح الدين.

وعندما سلم الشهيد أحمد الجعبري قائد كتائب القسام في غزة الجندي جلعاد شاليط للوسيط المصري كان أبو جاموس قد فك قيده ونقل ضمن حافلات الأسرى الذين تنسموا عبق الحرية بفعل قوة المقاومة وصلابتها.

وحكاية القط الأسود عادت من جديد عندما نال حريته إذ أنه كان ينتظر أن يتم إنصافه ويتم تفريغه على أحد الأجهزة الأمنية ويتلقى راتباً يعينه على إعالة أسرته الناشئة ومعالجة جسده الذي مزق خلال المطاردات والتعذيب والعزل.

ويقول أبو جاموس أنه رفض الالتحاق بصفوف الأجهزة الأمنية في غزة وظل متمسكاً بالسلطة في رام الله التي تقودها حركة فتح حيث صرفت له حكومة سلام فياض في بداية الأمر ألفين شيقل كراتب شهري.

تزوج أبو جاموس بعد أشهر من نيل حريته وأنجب طفلته جوليا واستأجر منزلا لأسرته وراتب الألفين شيقل تقلص ووصل إلى ألف وستمائة شيقل فقط. 

هذا الواقع الجديد دفع أبو جاموس إلى سلوك طريق النضال الذي تعلمه في سجون الاحتلال ونصب خيمة اعتصام أما مقر منظمة التحرير الفلسطينية في غزة.      

كما شيد سجن حديد لا تتجاوز مساحته مترين وسط مدينة غزة لعل معاناته تصل إلى رئيس السلطة محمود عباس الذي يمثل لأبو جاموس طوق النجاة الأخير.

وفي ظل الوعود الكثيرة التي تلقها دون تنفيذ على أرض الواقع دخل أبو جاموس في إضراب مفتوح عن الطعام قبل ثلاثة أسابيع, ويقضي أيامه الآن على سرير المرض بين مستشفى الشفاء في غزة وأبو يوسف النجار في رفح.

البث المباشر