قائد الطوفان قائد الطوفان

موائد رمضان في سلة القمامة

نساء يعترفن للرسالة نت بأنهن مبذرات

غزة –الرسالة

لا تكاد تخلو مائدة رمضانية في قطاع غزة من ثلاثة أصناف مختلفة رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها القطاع جراء الحصار المتواصل وزوبعة غلاء الأسعار ، لتشهد أسواق المدينة إقبالا ملحوظا على السلع والمنتجات المختلفة ليسجل شهر رمضان أعلى مستوى من الاستهلاك، وهذا ما لا يتناسب ومغزى الصوم وحكمته ، والسؤال الذي يطرح نفسه هل النساء هن المسئولات عن هذه الظاهرة؟ ولماذا وحدهن يتهمن بالإسراف والتبذير؟

اعتراف بالتبذير

في هذا السياق تعترف أم وائل حسنين " 44عاما" لـ " الرسالة" : بأنها امرأة مبذرة خاصة خلال شهر رمضان فتقول: اشعر أن أطفالي يستحقون أصناف الطعام المختلفة لأنهم صائمون طيلة النهار فما أن يذكر واحد منهم صنفا " جاى على باله " فسرعان ما تجدني أعده له.

وتضيف: اشعر أن وراء تبذيري مشاعر الأمومة والحنان الزائد فانا أتمنى وقت الإفطار أن اجلس بجانب كل واحد منهم لأضع كل الأصناف في فمه .

وتعرب أم وائل عن شعورها بالذنب عند انتهاء وقت الإفطار خاصة عندما تنظر إلى مائدتها وتجد الأكل كما هو لم يحرك فيه ساكن ، فتضطر لوضعه في الثلاجة إلى اليوم التالي ومجرد وجوده في الثلاجة يعنى أن مصيره أكياس القمامة .

فيما تحمل انشراح سحويل " 41عاماً " زوجها المسئولية الكاملة وراء ارتفاع ميزانية مصاريفهم خلال شهر رمضان فتقول: يبدأ زوجي في طلب بعض الأصناف قبل الإفطار رغم معرفته المسبقة باني اخطط لإعداد صنف معين وحين ارفض إعداد ما يطلب سرعان ما يصفني بالقاسية والتي لا تقدر وضعه كصائم.

وتضيف: عادة يطلب منى أعداد عصير الفواكه لكن أتفاجأ به قبل الإفطار يحمل زجاجة خروب ، كما يذهب طيلة أيام الشهر وقبل الإفطار بساعتين إلى السوق ويشتري يوميا النعنع والبقدونس والجرجير والجرادة رغم أننا لا نستهلكها .

وتتابع أطفال اصحبوا يقلدونه ويرفضون بالعادة الاجتماع على وجبة واحدة ، وعندما ارفض الانصياع لمطالبهم سرعان ما اسمع منهم عبارات " يا الله الدنيا رمضان "  وحينها أراجع نفسي وأقوم بإعداد ما تطلبه نفوسهم من أصناف وبالتالي يمكن القول باننى امرأة مبذرة ومسرفة.

مسئولية مشتركة

من جهتها تحمل علياء فلفل" 35عاما "  النساء الإسراف فالمرأة سيدة البيت التي بيدها الأمر، وهي التي عوَّدت أفراد أسرتها على هذا النمط من العيش حتى لو طلب الزوج منها أن تمد له سفرة عامرة بالطيبات فعليها أن تقتصد في الإعداد حتى يعتادوا ذلك فهذا شهر عبادة.

 وتضيف: هذا لا يعنى أن المسئولية تقع على المرأة فقط فالرجل يحمل جزء منها لأنه هو المسئول عن بيته فلو رفض هذا التبذير فإن الزوجة سوف تنصاع.

وتتابع فلفل: غياب الرقابة الزوجية والتوجيه والإرشاد سواء من رب الأسرة أو أجهزة الإعلام أدى إلى ترسيخ بعض العادات التي تتنافى مع قيم رمضان وواجباته ومعانيه، وتضيف: للأسف تجد الناس تتدافع على ممارسة هذه العادات بما فيها الإطباق اليومية التي يتم إعدادها لدرجة بدؤوا  يعتبرونها من مقومات الشهر المستحسنة والمأمور بها، وفي اعتقادي أن هذه السلوكيات مفاهيم خاطئة وأعتقد بأن وسائل الإعلام لها دور كبير في هذا الجانب الاستهلاكي لاسيما من خلال برامجها اليومية لأعداد الإطباق الرمضانية.

وفيما يتعلق بالأسباب التي تجعل الإسراف عادة  ظاهرة خلال أيام الشهر المبارك يقول الاخصائى النفسي أسامة عبد الواحد أن الإسراف له عوامل عديدة من ضمنها الخلفية الاجتماعية والعادات والتقاليد التي تدفع المرأة إلى تقليد ومنافسة قريناتها حتى ولو كانت قدراتها المادية أقل من غيرها وهذا الأمر يعود بالدرجة الأولى إلى الشخصية هل هي مسرفة أم مدبرة وهل أثَّرت بها ظروف الحياة المحيطة أم لا، فنزعة الإسراف الموجودة لدى الشخص تكون موجودة طوال العام والمرأة غير العاملة هي مسرفة بشكل أكبر من العاملة لأنها لا تشعر بقيمة المال ولم تتعب في سبيل الحصول عليه كإحساس الرجل بهذا الأمر .

الإعلام متهم

ويضيف عبد الواحد: خلال شهر رمضان تختلف الأمور وتكثر الزيارات والتجمعات العائلية الفريدة التي لا تتكرر دائماً طوال العام وتتزايد في هذه الفترة الطلبات المخصصة للشهر الفضيل  مما يدفع النساء للتنافس في تجهيز السفر الفاخرة طيلة الشهر وهذا أمر طبيعي ولكن لابد من موازنة معدل الصرف خلال هذا الشهر بما يتناسب مع ميزانية الأسرة وقدراتها المادية لتخرج بقرار مشترك من الزوجين يضع لهما الحدود والخطوط الحمراء التي لا ينبغي تخطيها للحفاظ على الميزانية المقدرة بدلاً من إسراف أحد الطرفين وتبادل الاتهامات عند تعمق الأزمات المادية.

وحول ظاهرة الاستهلاك المسرف في رمضان بينت الأخصائية سعاد العرعير أن الإسراف موجود في كل المجتمعات العربية وليس في مجتمعنا فقط، وأضافت: هناك أنماط وعادات استهلاكية يصاب بها الأفراد والعائلات خلال شهر رمضان دون غيره من الشهور، تدفعهم إلى اتخاذ قرارات شراء تتجاوز في كثير من الأحيان عامل السعر في مقابل الوفرة، كما أن شراء الناس لكل احتياجاتهم بكميات كبيرة يعطي انطباعاً بأن منازلهم خالية من الطعام والشراب وكأن رمضان يأت فجأة وبدون معرفة.

 وتتابع العرعير: للإعلام دور مهم في تشجيع المرأة بالذات على الإسراف، فالإعلانات التجارية عن السلع و التخفيضات والتي تسبق رمضان والمحطات المختلفة التي تقدم برامج الطبخ جميعها تحفز بداخل المرأة عادة الإسراف ، كما أن للعادات دوراً مهماً، إذ إن المجتمع يعتمد على الولائم في شهر رمضان، لذلك تلجأ الأسر إلى الشراء بكميات كبيرة، ربما تفيض عن حاجتها اليومية من الطعام، وهنا لا بد من الموازنة بين الإنفاق والاستهلاك فيجب على المرأة، المسئولة الأولى عن إدارة شؤون المنزل، أن تقتصد في إنفاقها في رمضان.

 

 

البث المباشر