الاستنزاف وهيبة الرد

قصف على غزة (أرشيف)
قصف على غزة (أرشيف)

الرسالة نت- شيماء مرزوق

لم يكن التصعيد (الإسرائيلي) الأخير ضد قطاع غزة وليد اللحظة, فمحاولات الاحتلال (الإسرائيلي) استدراج المقاومة الفلسطينية إلى عدوان كبير لم تنقطع منذ عدة أشهر, في ظل التهدئة التي باتت محاولاتها للصمود ضعيفة, ودخلت مرحلة الشيخوخة.

وكانت طائرات العدو (الإسرائيلي) قد شنت 29هدفًا في غزة، ردًا على القذائف الصاروخية التي اطلقتها المقاومة على المستوطنات المحاذية للقطاع، على حد زعم الاحتلال.

محاولات الاستدراج (الإسرائيلية) لفصائل المقاومة لم تتوقف من خلال تحركات جيش الاحتلال خاصة على مستوى الطيران المكثف الذي يحلق باستمرار في سماء غزة دون انقطاع, الى جانب عمليات الرصد والمتابعة وتحركات الاليات على الحدود, بالإضافة الى عمليات التصفية التي نفذتها ضد عدد من نشطاء المقاومة الذين تعتبرهم مسئولين عن اطلاق الصواريخ.

"

رزقة: تسخين الحدود، وتصدير الأزمة عسكرياً باتجاه الاحتلال خيار مطروح وبقوة

"

ومن الملاحظ ان الاحتلال يحاول استنزاف قوى المقاومة مستغلاً الازمة العصيبة التي تعانيها جراء حالة الحصار واغلاق الأنفاق, خاصة وأنه يدرك ان أي مواجهة قادمة ستضطر خلالها الفصائل اللجوء الى "اللحم الحي" من السلاح والصواريخ والذخائر.

ولا يمكن اغفال ان المقاومة لديها حسابات دقيقة فيما يتعلق بالمواجهة المقبلة مع الاحتلال وتوقيتها, وهذا يتضح من طبيعة ردها, وتشكيلها غرفة عمليات مشتركة للرد على الخروقات (الإسرائيلية), لكن هذا لا يعني انها ستصبر كثيراً على اعتداءات الاحتلال, وقد تتدحرج الاوضاع الى مواجهة بين عشية وضحاها تبعاً لحسابات الميدان.

لذا تفرض الاوضاع في قطاع غزة على فصائل المقاومة عدم الاكتفاء بغرفة العمليات واطلاق بعض الصواريخ وانما تتطلب اتفاقا وطنيا واستراتيجية واحدة وقرارا متوافقا لقطع الطريق على الاحتلال في جر المقاومة نحو حرب جديدة سيكون لها حسابات أخرى وتداعيات بعيدة المدى في ظل المتغيرات الاقليمية.

لكن  استمرار الضغط على غزة الذي يعاني من أزمات على كل الاصعدة قد يؤدي الى انفجاره بعيداً عن الحسابات الدقيقة, وبإمكاننا القول ان استمرار التدهور في اوضاع القطاع قد يدفعه باتجاه الهاوية خاصة إذا لم يكن لديه ما يخسره, وحينها سيجد في الانفجار السبيل الوحيد للخروج من المأزق.

وهذا ما أكده أحمد يوسف - المستشار السابق لرئيس الوزراء اسماعيل هنية - في مقالة له اعتبر خلالها أن تسخين الحدود، وتصدير الأزمة عسكرياً باتجاه الاحتلال خيار مطروح وبقوة، حيث لا يمكن أن تستمر (إسرائيل) تنعم بالأمن والأمان فيما الفلسطينيون في قطاع غزة يتعرضون إلى ذلِّ الحاجة والجوع، جراء الحصار ومنع الكثير من السلع الحياتية أن تدخل القطاع.

وقال "حماس احترمت اتفاقية التهدئة مع الطرف (الإسرائيلي)، ولكن هذا ليس معناه أننا "حرس حدود" لهذا الكيان الغاصب.. إن شعبنا -وخلفه قوى المقاومة الباسلة- يغلي كالمرجل، وصبره على وشك النفاد، وإذا استمرأت (إسرائيل) التلذذ بعذابات الناس فإن رد فعل المقاومة لن يوقفه أحد."

"

الشهداء التسعة الذين ارتقوا ، مؤخرا, في الضفة وغزة يعكس حجم الهجمة التي يتعرض لها المواطن في ظل انشغال العالم بأزماته الداخلية

"

وتابع "مع إدراكنا بأن خيار "إطلاق يد المقاومة" سوف يستجلب عدواناً إسرائيلياً جديداً على قطاع غزة، فإن الحقيقة هي أن المواجهة العسكرية سوف تستنهض الأمة للتحرك، وتعيد تظهير القضية وإبرازها دولياً بأنها "عامل تفجير" مزمن للصراع في المنطقة، وهذا يتطلب من المجتمع الدولي بذل الجهد لإيجاد حلٍّ عادلٍ لها".

الشهداء التسعة الذين ارتقوا في الاراضي الفلسطينية، مؤخرا, ثلاثة منهم في الضفة في تزامن وان كان مصادفة, لكنه يعكس حجم الهجمة التي يتعرض لها المواطن الفلسطيني في ظل انشغال العالم العربي والمجتمع الدولي بالأزمات الاقليمية والدولية.

على صعيد اخر قد يرى البعض ارتباطاً بين تزامن التصعيد مع قرب زيارة رئيس سلطة رام الله محمود عباس لواشنطن للقاء الرئيس الامريكي باراك اوباما, ويقرأ منه انه محاولة للضغط والتأثير على المفاوض الفلسطيني الذي يذهب بجيوب خاوية من اوراق القوة وبضغوط متزايدة.

كما ان (إسرائيل) تبعث برسالة مفادها أن ما يقال في الاجتماعات والمفاوضات والحديث عن دولة فلسطينية لا يؤثر على الارض.

البث المباشر