قائد الطوفان قائد الطوفان

"التسوية" على سرير الجراحة!

المفاوضات السلطة مع اسرائيل (أرشيف)
المفاوضات السلطة مع اسرائيل (أرشيف)

الرسالة نت- محمد بلور

الحالة الصحية لعملية "التسوية" تمر بمرحلة خطرة تحتاج فيها لكثير من "الأكسجين" لإنعاش رئتيها وبعض "الأدرينالين" لتعود لحيويتها من جديد بعد التنكر (الإسرائيلي) للحقوق.

لا ينقص فلسطين كثير من النوايا إنها بحاجة لقليل من الفهم والإنصاف لحقوقها التي تغتصب وتسقط بالتقادم مع (إسرائيل) في ظل تسوية استمرت عقدين من الزمن.

الولايات المتحدة الأمريكية جادةً جدًا في دفع التسوية لأهداف تهمها طبعًا، و(إسرائيل) كسبت الوقت طوال 20 سنة واليوم ترى الفرصة سانحة لابتزاز الفلسطينيين في ضوء تحولات الإقليم والسلطة محدودة الخيارات إما أن تقبل أو يخوض رئيسها "عباس" غمار ما خاضه سابقه "عرفات" ويسقط شهيدا !! .

"مارتن أندك" ينوب هذه الأيام عن "جون كيري" الذي ملّ جمع الطرفين على طاولة المفاوضات من جديد واللقاءات المكوكية انطلقت تسابق 24 يوما قبل انتهاء فترة المفاوضات المحددة مسبقًا "تسعة أشهر".

وكان رئيس السلطة محمود عباس قد صرّح بموافقته على طلب انضمام السلطة لخمس عشرة منظمة دولية بعد رفض الاحتلال الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الأمر الذي اعتبرته (إسرائيل) تحديا وخروجا عن الطوق فردت بكثير من التهديدات آخرها صباح الأحد حين كشفت عن نيتها التوجه لمحكمة "لاهاي" وتجريم عباس واتهامه بالإرهاب .

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لا خيار أمامه سوى "أن يفاوض أو أن يفاوض!", هناك مصير صعب هو أن يقضي شهيدا ! أسوةً بسلفه الرئيس الراحل ياسر عرفات، فهل تعود ذكريات سنة 2000 في "كامب ديفيد" لتتكرر سنة 2014 مع رئيس السلطة ؟.

أمريكا جادة جدا

لأهداف غير نافعة لفلسطين، من المؤكد أن الإدارة الأمريكية جادة جدا في دفع عملية "التسوية" فهي تتراجع متريّثة ولا تأمن مستقبل التحولات في المنطقة العربية في ضوء التطورات الميدانية كافة في دول الجوار.

ويقول المحلل السياسي تيسير محيسن إن موقف أمريكا معتمد على وعود قدمها "أوباما" يوم دخل البيت الأبيض حين وعد بإنجاز في ملف التسوية بين الفلسطينيين و(إسرائيل) وقد ترجم ذلك جولات مكوكية خاضها وزير خارجيته "جون كيري" لإحراز تقدم وتفكيك العقد بين الطرفين وترتب عليها "اتفاق الإطار" الذي كان محل خلاف الطرفين.

الخلاف المستعر بين الطرفين على كثير من النقاط الجوهرية وإلقاء (إسرائيل) بالحجارة في طريق الجلسات من قبيل قنبلة "يهودية الدولة" أو "تبادل الأرض والسكان أزعج أمريكا حتى عبرت كما يرى المحلل محيسن عن خشيتها من الفشل والدخول لمربع الصدام.

الصدام الذي تخشاه أمريكا ليس مسلحا عنيفا فقط كأن يكون بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين" بل قد بدأت ملامحه تظهر في صراع دبلوماسي لوحت به السلطة حين وقع عباس على الانضمام للمؤسسات الدولية وردت (إسرائيل) بكثير من التهديدات.

ويضيف المحلل محيسن: "اللقاءات الأخيرة برعاية مارتن إندك هدفها إقناع الطرف الفلسطيني بتمديد المفاوضات فهي لا تريد أن تفشل لأنها تدرك أنها إن فشلت تحتاج لفترة طويلة لتعود وأمريكا مستعدة لتقديم ثمن لـ(إسرائيل) مثل الإفراج عن بولارد كآلية تفاوض وثمن مقابل إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى" .

 ويتفق المحلل السياسي نشأت الأقطش مع سابقه في جدية واهتمام الأمريكان لكنه يرى أن معظم الضغط كان على الفلسطينيين وليس (الإسرائيليين) وأن مرد الجدية والاهتمام هو الخشية من مستقبل المنطقة .

 وتحمل بعض التسريبات التي يلمح لها المحلل الأقطش استخدام أمريكا لأنظمة عربية للضغط على السلطة ومنها موافقة الملك السعودي في لقاء "كيري" الأخيرة على يهودية الدولة مقابل حل القضية الفلسطينية وتلك خطوات مجنونة تحمل اعتذار تاريخي وتسقط حق العودة .

 ويضيف: "منذ 8 شهور لم يتحقق شيء في ملفات رئيسية وكل ما رعته أمريكا استحقاقات أمنية (إسرائيلية) والحراك الآن في الدول العربية يعلمهم أن (إسرائيل) قد لا تستطيع حماية نفسها لذا يريدون حمايتها مستغلين الانقسام الفلسطيني وتقدم (إسرائيل) في تهويد الضفة والقدس" .

عباس و"بينوشيه"

حين تقول (إسرائيل) إنها سترفع دعوى ضد عباس في "لاهاي" فهم يريدون تصويره بأنه الجنرال التشيلي "بينوشيه" ويقدموه لمحكمة الجنايات الدولية كمجرم ضد الإنسانية , إنهم لا يكتفون باقتلاع الأظافر بل يرشون الملح لتجريم الفلسطينيين أمام العالم كله حين يقدمون "عباس وحماس والجهاد" أنهم في خانة الإرهاب .

محدودية الخيارات هي نصيب عباس كما يرى المحلل محسين وحتى خطوته الأخيرة بطلب الانضمام لـ15 منظمة دولية كان تلويحا بالجديّة لم تنزعج منه (إسرائيل) بقدر انزعاجها من انهيار المفاوضات التي وفرت لها الغطاء والوقت طوال 20 سنة لتكمل مشوارها.

ويؤكد المحلل محيسن إن (إسرائيل) تريد بقاء المفاوضات لتظهر أمام العالم أنها ديمقراطية ومسالمة تستحق الدعم وتنفذ تحت هذا المخطط ما تريد من تهويد واستيطان, السلطة الأضعف وهي الآن تتخبط .

ويتابع: "إذا كان لها جرأة فلتصارح شعبها ونفسها بأن المفاوضات فشلت ولم تحقق أي انجاز وأن ما جرى هرطقة سياسية وتعيد النظر في كل ما سبق" .

الحكاية مع المفاوضات من أولها يلخصها المحلل الأقطش في حين لم تثبت أن (إسرائيل) تتنازل عن أي حق فلسطيني طواعية وأن الاستيطان زاد 132% في السنوات الأخيرة بنسبة فاقت كل سنوات المفاوضات

وردت (إسرائيل) قبل يومين بالإعلان عن موافقتها على بناء مئات الوحدات الاستيطانية وقد تناغم موقف "كيري" معها حين لعب بأكثر القضايا حساسية فقال إن المطلوب "وقف هادئ للاستيطان" باستثناء القدس.

ويضيف المحلل الأقطش: "بمتابعة مواقف (إسرائيل) وتصريحاتها الأخيرة فنحن نبحث عن سراب اسمه مفاوضات وما يقال الآن إبر تخدير فـ(إسرائيل) تمضي بخط واضح في ظل الانقسام والربيع العربي" .

 ويستدل بتصريح صائب عريقات الأخير حين قال إن (إسرائيل) لا تريد إلا أن تنسق أمنيا فالقضية في نظرها ليست قضية حقوق شعب وإرادة بل رواتب ورتب وحفظ أمنها.

الانفجار

الحديث عن انفجار الميدان في الضفة أمنية كثير من العقلاء إن كانت المفاوضات ستعود لتجهض الحلم الفلسطيني الذي تبدده (إسرائيل) يوما بعد يوم .

 ويقول المحلل محيسن إن إستراتيجية السلطة وخطوط قادة أجهزتها الأمنية في الضفة وعدم تبني أو غض الطرف عن كل من يحمل خيار المقاومة لا تقربنا من أي انفجار في وجه الاحتلال.

ما هي إلا ثلاثة أسابيع ونصف وتنتهي التسعة أشهر وسيتلوها حراك مكثف ولقاءات مكوكية بدأت منذ أيام أصلا لإقناع (إسرائيل) والسلطة بالعودة.

عن ذلك يضيف محيسن: (إسرائيل) تريد التزامات من السلطة مسبقة بتمديد المفاوضات والسلطة كذلك في موضوع الأسرى ولأن تحرير الأسرى يمنح السلطة ورقة قوية لكن (إسرائيل) تبتز كل الأطراف بما فيها أمريكا وتريد ثمنا مضاعفا مقابل كل خطوة".

قبل أيام ظهر حارس "عرفات" الشخصي على شاشة فضائية عربية متحدثا عن الأيام الأخيرة للرئيس عرفات في مفاوضات "كامب ديفيد" بحضور "كلينتون وباراك" .

الرئيس الأمريكي يومها، بعد الرفض الفلسطيني، حاول المناورة بالسفر إلى اليابان في زيارة تخصه لإهمال عرفات والضغط عليه لكن عرفات حزم حقائبه قبله سعيا لمغادرة المكان مبكرا ما أثار دهشة "كلينتون" فطلب منه التريّث , فهل يحزم "عباس" حقائبه ويجمع أوراقه رفضا لأمريكا و(إسرائيل) أم ستمتد المفاوضات إلى الأبد ؟! .

البث المباشر