أزمات شتى بدأت تطفو على الساحة الفلسطينية رغم توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس وتشكيل حكومة الوفاق مؤخرا، آخرها كان تصاعد أزمة رواتب موظفي غزة التي نتج عنها تكبيد الاقتصاد الفلسطيني خسائر فادحة بفعل إغلاق جميع فروع البنوك العاملة في قطاع غزة لأيام.
متخصصون في الشأن الاقتصادي قالوا لـ"الرسالة نت" إن أزمة الرواتب تسببت في تعطل معظم المعاملات التجارية وإصابة الأسواق الغزية بالشلل التام.
وكان العشرات من الموظفين الذين عينوا في عهد الحكومة السابقة في القطاع قد تظاهروا الاسبوع الماضي أمام بنك فلسطين، مطالبين بسرعة صرف رواتبهم مهددين بتصعيد خطواتهم الاحتجاجية في حال لم تقم حكومة الوفاق بصرفها، لكن البنوك عادت واستأنفت نشاطها أمس الأربعاء.
ركود بالأسواق
ويبلغ عدد الموظفين الذين عينتهم حكومة هنية السابقة حوالي50 ألفا، بينما يبلغ عدد موظفي السلطة في القطاع حوالي سبعين الفا لتصبح الحكومة الجديدة ملزمة بدفع رواتب اكثر من مائة ألف موظف غزي.
وفي هذا السياق طالب محمد صيام نقيب الموظفين في غزة صرف الرواتب وحل الازمة الحالية في اسرع وقت.
المتخصص في الشأن الاقتصادي معين رجب بدوره اعتبر قطاع البنوك عصب حياة القطاع لأنه يمثل الجهاز المصرفي الفلسطيني، لافتا إلى أن تعطلها خلال الأيام الماضية تسبب في إصابة الأسواق بالركود وإلحاق خسائر برجال الأعمال نتيجة توقف معاملاتهم المالية.
وفق رجب فإن إغلاق البنوك تسبب أيضا في إحداث نقص في المواد الأساسية التي يحتاجها قطاع غزة وذلك بسبب عدم تسديد أثمانها للاحتلال (الإسرائيلي).
وتمنى خلال تصريحه لـ"الرسالة نت" بعدم تكرار هذه الحادثة في المستقبل حرصا على المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني.
وفيما يتعلق بحجم الخسائر، قال المتخصص في الشأن الاقتصادي: "لا يمكن تقديرها في الوقت الحالي"، مطالبا في الوقت نفسه حكومة الوفاق بصرف الرواتب لجميع الموظفين.
واستطرد رجب: "الأوضاع الاقتصادية في القطاع ستتعقد في حال عادت تلك الأزمة من جديد، فالمواطنون ليس لديهم دخل آخر غير الراتب".
تعطُّل القطاع المصرفي
من جهته رفض مركز الميزان لحقوق الإنسان التمييز بين الموظفين، مطالبا بضرورة بتفعيل الاليات المتفق عليها فورا للبت في قضية الموظفين مع ضمان حصولهم على رواتبهم وعدم تجويع أسرهم وعائلاتهم إلى حين الانتهاء من وضع حلول جذرية لهذه المشكلة.
واستنكر الميزان في بيان له إغلاق البنوك خلال الأيام الماضية، مؤكدا أن ذلك الأمر تسبب في تعطل القطاع المصرفي وحرمان فئات كثيرة من الأسر من الحصول على راتبها ومساعداتها الشهرية.
أما رئيس جمعية رجال الاعمال في غزة على الحايك فقال إن أزمة الرواتب تسببت في توقف النمو الاقتصادي والتشغيلي في قطاع غزة، بينما طالب مركز التجارة الفلسطيني"بال تريد" كل الجهات المسؤولة بالحفاظ على استقرار النظام المصرفي والمالي ومجمل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في قطاع غزة.
وأكد "بال تريد" في بيان صحافي، أن أزمة البنوك الأخيرة طالت كل الجوانب الحياتية لمواطني قطاع غزة وألحقت أضرارا بالغة وخسارة فادحة بالقطاع الخاص الذي تعطلت أنشطته وأعماله المختلفة.
بدوره، فإن أيوب أبو شعر المتحدث باسم جهاز الشرطة في غزة أكد لـ"الرسالة نت" أنه تم إصدار الأوامر إلى أفراد الأمن بالانسحاب من أمام البنوك لإعادة فتحها.
في حين صرح جهاد الوزير محافظ سلطة النقد أن جميع فروع المصارف العاملة في قطاع غزة بدأت اليوم الأربعاء بالعمل من خلال الصرافات الآلية.
وأوضح الوزير أن البنوك فتحت أبوابها اليوم الأربعاء أمام المواطنين.
وكان عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية قد انتقد حكومة الوفاق بسبب عدم صرفها الرواتب الشهرية لموظفي حكومة غزة السابقة، مؤكدا أن ما جرى "إما ان يكون أزمة مفتعلة أو أنه يؤسس لمرحلة صعبة".
واعتبر الحية خلال مؤتمر صحفي أن الحكومة الجديدة أخطأت ولم تحسن التصرف ولا التقدير اتجاه موظفيها وشعبها، وتنكرت لاتفاقات المصالحة ولا سيما اتفاق الشاطئ الذي وُقّع في إبريل الماضي.