أفجع خطاب رئيس السلطة محمود عباس (أبو مازن)، مساء أمس الفلسطينيين عموما وأهالي قطاع غزة على وجه الخصوص، على اعتبار انه خالف نسق خطابه المعهود عن التسوية وضرورة احراز السلام، والتفت قليلا الى أداء المقاومة خلال الحرب المستمرة على القطاع لليوم السابع عشر على التوالي، ودعم صمودها.
وجاء الخطاب في وقت قد غسل فيه الفلسطينيون أيديهم من "عباس" على اعتبار انه رهن السلطة بمؤسساتها المختلفة لسياسة التنسيق الأمني لأكثر من عشرين عاما، ليأتي اليوم ويخطب ود المقاومة التي حققت انجازات عسكرية تمثل سابقة في تاريخ الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي.
وفي وقت اعتبر فيه البعض أن أبو مازن حاول ركوب موجة المقاومة الكاسحة والتي لم تنكسر رغم حائط صد "إسرائيل" وحلفاءها في المنطقة، الا أن البعض الآخر رأى في الخطاب محاولة لتصويب أخطاء الماضي فيما يخص الانقسام الفلسطيني وضرورة العدول عن نهج التسوية الذي باء بالفشل.
الفريقان المنقسمان بالرأي في قراءتهما للمشهد القائم، يجمعان على ضرورة أن يعزز عباس موقفه بخطوات عملية بالتزامن مع حراكه السياسي للتوصل لاتفاق تهدئة.
حركة حماس التي تعارض سياسات أبو مازن، على ضوء استمرار التنسيق الأمني قائما في الضفة ومنع اندلاع انتفاضة ثالثة، بضرب المقاومة الشعبية بيد من حديد، ما تزال تبقي الباب مواربا في وجه الرجل الثمانيني، وإن كان بعض قيادات الصف الأول فيها يخشى أن يكون حديث ابو مازن عن دعم المقاومة والوقوف بجانب شروطها بمقابل وقف العدوان، هو استباق سياسي لما قد يحدث لغزة من تآمر دولي وعربي.
ويرى طاهر النونو المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء السابق اسماعيل هنية، أن بيان القيادة انتصار لشروط المقاومة ومنهج حماس، وأن الخطاب دليل على أن غزة هي الدرع الحامي للجميع.
وقال النونو "لقد قررت القيادة الفلسطينية العمل العاجل من أجل تعزيز وحدة الصف الوطني، تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك عبر الدعوة إلى عقد اجتماعٍ فوري لقادة العمل الوطني"، مؤكدا أن غزة تتقدم الصفوف لتحمي الحقوق والاهداف الثابتة والمقدسة في الحرية والعودة والاستقلال.
وأضاف أن "منهج التنسيق الأمني سقط لصالح "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم"، في اشارة الى استدلال عباس في خطابه بالآية القرآنية، وأشار النونو إلى أن هذه هي الوحدة الوطنية المبنية على قاعدة المقاومة، كما قال.
ويذهب جملة من الكتاب والمحللين السياسيين، ومنهم مصطفى الصواف الى ضرورة البناء على خطاب الرئيس عباس والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية.
وقال الصواف "خطاب محمود عباس هو خطاب ايجابي يمكن أن يبنى عليه لو صدقت النوايا ودعمه بيان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير كلاهما يمكن ان يؤسس لمرحلة جديدة لو احسنا استثمار اللحظة المناسبة".
وأضاف "لا تستعجلوا في الرد، نحن نحاكم الكلمات ونختبرها على الأرض ، ودائما حسن النوايا يجب أن يكون حاضرا" لافتا في الوقت ذاته الى أن هناك خلافات داخل حركة فتح حول موقف أبو مازن من غزة، وبالتالي لا يستبعد الصواف أن يكون ذلك الخلاف سببا في تعديل موقف عباس، أو "مغادرته الساحة السياسية وهذه التي أراها قرب" كما قال.
من جانبه رأى الكاتب إبراهيم المدهون، أن هناك تطورا ايجابيا في خطاب السلطة الفلسطينية برام الله ولكن الأقوال بحاجة إلى أفعال.
وشدد المدهون على ضرورة أن يأتي الرئيس عباس إلى غزة ويعمل على رفع الحصار واتخاذ مواقف عملية بخصوص حكومة الوفاق ومسؤولياتها الغائبة، وذلك تعزيزا لخطابه المشيد بالمقاومة وأدائها، مشيرا الى أهمية تعزيز الأفعال الداعمة لقطاع غزة وصموده من سلطة رام الله.
وكانت قد أشادت قيادة السلطة بصمود الفلسطينيين في قطاع غزة وبالمقاومة الباسلة ضد جيش الاحتلال الذي يرتكب المذابح والجرائم المتواصلة".
وأكدت في بيان صدر عنها عقب اجتماع عقدته برئاسة الرئيس عباس، تلاه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه، ليلة أمس الثلاثاء، أن مطالب غزة بوقف العدوان ورفع الحصار بكل أشكاله هي مطالب الشعب الفلسطيني بأسره، وهي الهدف الذي تكرس القيادة الفلسطينية كل طاقاتها من أجل تحقيقه.