دخل العدوان الإسرائيلي على غزة شهره الثاني تخلله ثلاثة أيام من التهدئة افساحاً لمفاوضات القاهرة التي مر عليها خمسة أيام تقريباً في ظل تمسك الأطراف بمواقفها، فالوفد الفلسطيني لا يزال مصراً على مطالبه التي قدمها في ورقة للوسيط المصري والوفد الإسرائيلي يتحرك مكوكياً بين القاهرة وتل أبيب لنقل المطالب الفلسطينية ويعود مرة أخرى بالموقف الإسرائيلي الذي لا يزال على تعنته بحسب تصريحات الساسة الإسرائيليين المنقولة عبر وسائل الاعلام، بل إن هناك أنباء عن رفض الوفد الإسرائيلي العودة إلى القاهرة حاليا بحجة انهم لن يوافقوا على التفاوض تحت النار.
الإسرائيليون يرون أنهم سيفقدون قوة الردع تماماً إذا صب مشهد التفاوض السياسي لصالح المقاومة بعد فشل العمليات العسكرية لاسيما التحرك البري الذي كلف (إسرائيل) غالياُ بعد اعترافها بمقتل ما يزيد عن 64 جندياً إسرائيلياً خلالها.
المحللون الإسرائيليون وعبر وسائل الاعلام ينقلون عن الساسة في دولة الاحتلال رغبتهم في استخدام مزيد من القوة ضد قطاع غزة، وبحسب ما نقلوا عن وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز قوله "الذي لا يمكن ان يخضع بالقوة عليك استخدام مزيد من القوة لإخضاعه".
هكذا ربما يفكر صناع القرار في دولة الاحتلال الذين قد يلجؤون لاستخدام مزيد من قوة النار الهائلة التي يملكونها من الجو بدون خسائر أو من خلال القصف المدفعي المكثف.
ومع ذلك فإن (إسرائيل) لن تستطيع الاستمرار في حرب استنزاف طويلة ولم تتعود على حرب من هذا النوع بالرغم من حماسهم لضرب حماس في ظل ما يقولون انهم يحظون به من دعم وتأييد أنظمة اقليمية وتحدثوا بصراحة عن مصر والسعودية.
وأمام عوامل القوة لدى الطرف الاسرائيلي فإن هناك نقاط ضعف قد تؤثر على قراره إزاء المفاوضات الجارية في مصر وهي:
- عدم قدرة الجبهة الداخلية على العيش طويلاً تحت النار أو في حالة عدم الامان.
- تعرض المرافق الحيوية للتعطيل مثل وقف حركة الطيران الجوي لمطار بن غوريون.
- عدم استعدادهم وتقبلهم لوقوع خسائر بشرية كبيرة.
- الحراك في الضفة تهديد لفتح جبهات أخرى كانت مغلقة.
- يمكن أن تؤثر عليه المظاهرات والاحتجاجات في البلدان الغربية لاسيما أن دعايته تعتمد على المظلومية، وكانت هناك اليوم 200 مظاهرة في العواصم الغربية أبرزها لندن.
- كما يمكن أن تؤثر عليه الخسائر الاقتصادية الكبيرة.
ومن جهة ثانية لا يبدو أن الوفد الفلسطيني سيتنازل عن منفذ لغزة تستطيع من خلاله الاتصال مع العالم الخارجي، وهذا الحد الأدنى الذي يمكن أن يوافق عليه الفلسطينيون الذين لا خيار لهم سوى مواصلة الصمود بالرغم من الكثير من نقاط الضعف التي تعتري الموقف الفلسطيني المحاصر سياسياً من عدة جهات لاسيما من الطرف المصري.
ولدى الطرف الفلسطيني عدة عوامل قوة يمكن تلخيصها في التالي:
- ليس لديه خيارات أخرى إما ان تقبل الموت البطيء لشعبها في ظل الحصار أو أن تواصل حتى النهاية.
- صمود الجبهة الداخلية وتحملها بل احتضانها للمقاومة .
- حالة الوحدة التي طرأت بعد تشكيل حكومة التوافق وزادت بعد الحرب على غزة خاصة وجود وفد يمثل الفصائل الفلسطينية وحتى الان يبدو أن الموقف ما زال موحداً.
- التضامن الدولي الذي يتصاعد يوماً بعد يوم.