تنام الطفلة ياسمين البكري – 12 عامًا – على سرير طبي ملازم لشباك شرقي في مركز "عدنان العلمي للحروق" بمستشفى دار الشفاء، علّ هذا المكان يخفف من ألم الحروق التي نالت من جسدها الذي يغطي معظمه الشاش الطبي.
أصيبت ياسمين يوم قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزلها الذي يتوسط البيوت المكتظة في مخيم الشاطئ في الرابع من أغسطس الحالي, حيث استشهدت أمها وشقيقاتها الطفلتان أسيل وأسماء وابن عمها الطفل وعمها رمضان بينما أصيب غالبية عائلتها الممتدة بجروح من بينهم شقيقتها حنين.
وفيما تغرق هذه الفتاة في النوم بسبب المسكنات الطبية تفيق بين الفينة والأخرى على "كابوس" انتهاء كل شيء في لحظة القصف.. تسرد الفتاة تفاصيل ما قبل القصف وكأنها تريد أن تؤكد لعمتها التي ترافقها في المستشفى أنهم كانوا أبرياء من أي ذنب يبيح هذه الجريمة فأمها كانت "تعجن" وهي تراقبها متأهبة لأي طلب.
وتقول عمتها محاسن التي تسأل الله الكريم أن يشفي ابنة أخيها من هذه الحروق:" تردد في كل لحظة كلمات مثل: الشوبك ، العجين ، الخبز، الحجر وقع في الطنجرة".
تشوهات وإعاقة
يرقد أيضا الشاب على أحمد – 30 عامًا- في غرفة العناية المركزة بقسم الحروق ، يعاني هذا الشاب الذي أصيب في مجزرة الشجاعية في 20 من يوليو الماضي من فشل كلوي حاد لذا فهو بحاجة إلى غسيل كلى مرتين وذلك في وقت يعالج فيه من الحروق .
هدم منزل أحمد عليه بفعل القذائف الإسرائيلية فتسبب ذلك في تهتك الأنسجة والعضلات بجسده ووصل التهتك إلى الكلي كما يقول الطبيب المشرف على حالته ، ويعالج أحمد من الحروق أيضا فقد طالته من تحت الركام لهيب نيران القذائف الإسرائيلية .
"معظم الحروق هي حروق عميقة متوقع أن تتسبب تشوهات وإعاقة دائمة للمصاب خاصة أنه يصاحبها إصابات ثانية تؤثر على وظيفة الأعضاء المصابة " هكذا يصف رئيس قسم الحروق بمستشفى دار الشفاء د. نافذ أبو شعبان أثر الحروق التي نالت من مئات أجساد الجرحى الفلسطينيين خلال حرب "العصف المأكول" التي شنتها قوات الاحتلال في السابع من يوليو الماضي.
ويأسف د. أبو شعبان في حديثه لـ"الرسالة نت " لعدم وجود خبرة وإمكانيات لدى المستشفى في تحديد آثر الأسلحة المستخدمة من قبل الاحتلال بدقة.
عشرة حالات يوميًا
ورغم عدم وجود إحصائيات تبين عدد الإصابات التي أصيبت بالحروق في هذا العدوان الغاشم إلا أن د. أبو شعبان يؤكد أن القسم كان يستقبل يوميًا عشرة حالات على الأقل وهذا ما كان يدفعهم باستمرار لاخراج المصابين من القسم إلى مستشفيات أخرى من أجل استيعاب الحالات الجديدة.
وأشار الطبيب إلى أن الحصار ومن ثم العدد الهائل من الجرحى تسبب في أن تنتقل المستشفيات بغزة من مرحلة النقص الشديد في الأجهزة والمستهلكات الطبية إلى مرحلة العجز وهي مرحلة خطيرة جدا خاصة أن وضع معبر رفح ليس كحاله في الحروب السابقة.
ويتابع:" لن تصل عبر المعبر المساعدات الطبية ولم يخرج إلا عدد محدود من الجرحى, ناهيك عن منع وفود الأطباء المتطوعين من الوصول للمستشفى".