قائد الطوفان قائد الطوفان

"محمود الشريف".. حكاية تخرج بنكهة "شهادة"

صورة للشهيد محمود الشريف
صورة للشهيد محمود الشريف

محمد العرابيد- الرسالة نت

على صوت ألحان وأنشودة "وصيتي لكم إن كنت لن أعود ألتقي بكم في جنة الخلود"، ترجّل والد الشهيد محمود الشريف على منصة الخريجين ليتسلم شهادة ابنه الجامعية.

الحزن والألم كانا سيدا الموقف لحظة خروج والد الشهيد وهو يتسلم الشهادة، الذي كان من المفترض أن يتسلمها ابنه في هذا اليوم من الكلية الجامعية، التي احتفلت بتخريج فوجها الخامس عشر بعنوان "الصمود والأمل".

وحين تسلمه الشهادة استرق النظرات إلى زوجته التي أنهكتها الدموع وكأنه يقول لها "صبرًا فـ محمود اليوم في الجنان، ترك شهادة الدنيا وفاز بشهادة الآخرة".

وارتقى محمود أثناء تصديه لقوه إسرائيلية خاصة شرق البريج ليقتل عددًا منهم ويصيب آخرين بجراح، وصفها الاحتلال حينها بالخطيرة.

والد الشهيد "أبو رمزي" جلس بعد أن استجمع قواه وأنهكته الدموع والألم. تحدث لـ"الرسالة نت": "كنت أنتظر تلك اللحظة لأرى محمود يرتدي "زي التخرج" ويجلس على المنصة مبتسمًا لأشاركه فرحته، لكنه انتقل إلى جوار ربه".

يصمت أبو رمزي للحظات، ثم يمسح دموعه أمام زوجته وبناته، الذين يجلسون في الجهة المقابلة منه، مظهرًا تماسكه بفقدان محمود في هذا اليوم، لكن عيناه كانت تقول غير ذلك.

"إذا رأيت دموع الرجال فاعلم أن الهموم فاقت قمم الجبال" هذه الجملة وصفت حال والد الشهيد حينما ذكر عريف الحفل اسم محمود بأنه من المفترض أن يكون اليوم بين زملائه ليشاركهم تخرجهم من الجامعة.

ويتابع والد الشهيد "اليوم أفتقد محمود، كنت أنتظر هذه المناسبة وأنتظر أن تمر الأيام بسرعة؛ لأرى محمود يجلس على هذه المنصة مبتسمًا".

وكان محمود يخطط لارتداء الزي المميز حتى تتمكن أسرته من تفرقته عن باقي زملائه الذي سيشاركونه فرحته. ورسم طريقه المستقبليّ بعد تخرجه بأنه سيعمل ويكمل حياته.

مكان الشهيد لم يكن فارغا وحلّت صورته بجوار صديقه الذي كان يقف على منصة الاحتفال، وحمل بيده صورة الشهيد صديقه "زميل الدراسة" أثناء مناداة اسمه.

أما عن الجهة التي يجلس بها الحضور، فكانت صورة كتب عليها "إهداء من أصدقاء الشهيد محمود الشريف"، ذهبت "الرسالة نت" مسرعة للحديث مع أحد أصدقائه فما إن اقتربت منه فوجدته منهكا من شدة الألم، ففراق صديقه لم يكن بتلك السهولة التي يتصورها أحد.

محمد غانم صديق الشهيد يقول:" أنا بتألم كتير بفقدان أعز أصدقائي في الحرب، فهو أكتر الأصدقاء قربة مني وكنا نقضي الأوقات مع بعضنا".

"لم أكن أريد أن أذهب لحفل التخرج لأني كنت أعلم بأني لن أستطيع أن أتمالك نفسي من شدة الموقف، فحديث الشهيد محمود لم يغب عن فكري، كان ينتظر هذه الدقائق ليتسلم شهادته، فكنت أحضّر له الهدية لكنه تركنا وذهب". يكمل غانم.

وليس ببعيد عن مشهد عائلة محمود، نتذكر قبل يومين تسلم الطفلة "أبو جزر" أحد الناجيات من العدوان الإسرائيلي غزة، شهادة تخرج والدتها الشهيدة أماني أبو جزر (23 عاماً)، التي ارتقت مع جميع أفراد عائلتها في العدوان.

العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي استمر (51 يومًا) حرم الكثير من الطلاب، استلام شهاداتهم الجامعية، فمنهم من استشهد وآخرون أصيبوا بالحرب وما زالوا يتلقون العلاج في المستشفيات.

البث المباشر