عندما ينتظرك عدوك كي يسمع منك ما تقول هذا والله في القياس بديع ، وهذا الانتظار تصديقا لما تقوله المقاومة وكان شعار الصهاينة الصدق ما قالته المقاومة، وعندما يسألون: ماذا تنتظرون؟ قالوا ننتظر أبو عبيدة حتى نحدد مسارنا لأن الصدق ما قالته القسام.
أبدع إعلام المقاومة بشكل عام وكان أكثر إبداعا إعلام القسام ، ومن خلال مراقبتنا لهذا الإعلام وجدنا أن من يديره فريق محترف يتحرك بشكل منتظم وبتخطيط محكم وبمصداقية عالية، وبيانات ناطقة كانت في الزمان والمكان المناسبين وكانت تحمل ما سيحدث خلال قادم الأيام من المعركة، إضافة إلى ما يسمح الظرف الأمني والسياسي من الحديث عنه حتى بتنا ننتظر ظهور أبو عبيدة نلتمس من بيانه كيف سيكون سير المعركة، ولسنا وحدنا كمواطنين فلسطينيين كنا ننتظر، بل جمهور عدونا بعد أن مورس بحقه تعتيم إعلامي وكذب فيما يقال له هو أيضا كان ينتظر إعلام المقاومة وإعلام القسام تحديدا حتى يستقي منه المعلومات ويحصي من خلاله مجريات العمليات العسكرية وكم من الجنود قتل أو أصيب ومن اسر حيا كان أو ميتا.
صمت العدو كثيرا في معركة الشجاعية ولم يعلن عن عملية قتل ثلاثة عشر جنديا من النخبة وإصابة قائد فرقة (جولاني) واسر أحد الجنود في كمين محكم نصبه المجاهدون من كتائب القسام ، ولكن كتائب القسام خرجت لتعلن عن العملية وتطالب العدو الصهيوني بالكشف عن مصير الجندي شاؤول آرون ولم تكتف بذلك بل نشرت رقمه العسكري فكانت المفاجأة التي هزت الكيان الصهيوني وأجبرت الناطق العسكري للخروج والإعلان عن العملية وبين حجم الخسائر التي أكدها إعلام المقاومة الأمر الذي رفع رصيد المقاومة في الرأي العام الفلسطيني وكذلك أكد على صدقية إعلام المقاومة لدى العدو الصهيوني.
الإعلام المقاوم لعب دورا مهما في تعزيز الجبهة الداخلية عندما كان يتحدث عن بسالة وصمود رجال المقاومة وعملياتهم النوعية وخاصة عمليات الإنزال خلف خطوط العدو ولعل ما نشرته القسام عن عملية (نحال عوز) بالصوت والصورة وبالقدر المسموح بالنشر كان أيضا له الأثر الكبير على جبهة العدو العسكرية والداخلية بل تعدى الأمر إلى التأثير على كافة الجبهات العربية والدولية حتى تحدث الجميع عن مقاومة غزة وقدرتها وتأثيرها على القرار الصهيوني والذي أفصح عنه نتنياهو عندما قال انسحبنا من قطاع غزة ولم نقم بعملية برية حفاظا على أرواح جنودنا وحماية لهم من عمليات الأسر على أيدي المقاومة.
عندما وجهت كتائب القسام النداء إلى شركات الطيران العالمية بوقف رحلاتها إلى مطار اللد (بن غوريون) وحددت اليوم والساعة ورغم كل ما بذلته دولة الاحتلال من محاولات للتقليل من أهمية النداء الموجه من القسام إلا أن شركات الطيران لم تقتنع بالخطاب الصهيوني واستجابت لنداء القسام وأوقفت رحلاتها ونفذت القسام ما توعدت به وضربت محيط المطار بعدد من القذائف كما وعدت واستطاعت ان تفرض حظرا جويا على الكيان الصهيوني وهي بذلك تمتعت بصدقية عالية.
وبين هذا وذاك كانت بيانات القسام محط أنظار الإعلاميين والصحفيين وكانت القسام تقوم بنفسها من خلال مندوبيها بتوصيل رسائلها الإعلامية إلى كافة وسائل الإعلام ووكالاته سواء المكتوبة أو المصورة أو المذاعة بشكل منتظم ووفق الحاجة التي تقتضيها الظروف والأحوال فكان العمل متقنا ومعتمدا نتيجة الصدقية العالية في المحتوى وتطابق البيانات مع ارض الواقع.
ولعل عدم الحديث عن الشهداء من كتائب القسام أو المقاومة وعدم نشر الأسماء أربك العدو وحد من قدراته على تحديد أهداف له كمنازل الشهداء أو معرفة أعدادهم وهذه خطوة ذكية من المقاومة وكتائب القسام إلا أن بعض العاطفيين من هواة الإعلام والفيسبوك افسدوا في بعض الأحيان ما خططت له القسام من خلال الأخطاء التي ارتكبوها من نشر أسماء بعض المجاهدين ممن استشهدوا في ارض المعركة ونشر صور لهم وهذه واحدة من الأخطاء التي ارتكبت نتيجة عواطف جياشة للأصدقاء بنشر الصور بل تعدى الأمر في الحديث عن العمليات العسكرية التي نفذوها.
نعم نجح إعلام المقاومة في اختراق الجبهة الداخلية الصهيونية واختراق وسائل الإعلام الصهيونية وشبكة الاتصالات وتوجيه رسائل للمستوطنين جعلتهم يرحلون من غلاف غزة بمئات الآلاف ما أربك حسابات الجبهة الداخلية في الكيان وكان له الأثر في الرأي العام الصهيوني الذي أخذ يتراجع عن مساندة الحملة الإرهابية خوفا على نفسه التي يقوم بها قادته السياسيون والعسكريون.
نعم لإعلام مقاوم منضبط يعمل وفق الأصول المهنية والعلمية وبمصداقية عالية ودقيقة وبحس أمني عال، فتحية لإعلام المقاومة بشكل عام السرايا وأبو علي مصطفى والألوية وكافة الفصائل بشكل عام وتحية خاصة لإعلام كتاب القسام الذي مثل درة إعلام المقاومة.