متغيرات إقليمية تدفع باتجاه تحقيق المصالحة الفلسطينية

رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية خلال زيارة وزير المخابرات المصري لغزة
رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية خلال زيارة وزير المخابرات المصري لغزة

غزة-محمد عطا الله

خلافاً للسنوات الماضية، تدفع العديد من الأطراف الدولية باتجاه تحقيق المصالحة الفلسطينية؛ رغم عدم حدوث أي تغيير في المكونات الفلسطينية منذ سنوات سواء على صعيد حركة حماس أو حتى السلطة، مما يدفع للتساؤل عن سبب هذا الحضور القوي هذه المرة.

الحضور بدى واضحا في توافد مختلف وغير مسبوق من الوفود العربية والدولية، التي تمثلت أبرزها في الزيارة غير المسبوقة لوزير المخابرات المصرية خالد فوزي والحفاوة المصرية في الدفع لتحقيق المصالحة إلى جانب الدعم الأوروبي الذي يدفع بهذا الإطار.

ولا يمكن الإنكار بأن المتغيرات الإقليمية في الآونة الأخيرة والدفع باتجاه تسوية الأوضاع في الشرق الأوسط وعلى رأسها إيجاد حل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي الذي تقوده الإدارة الأمريكية الجديدة، هو من أبرز المستجدات وراء هذا الأمر.

حراك أمريكي

ويؤكد ذلك الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، مبينا أن هناك حراك أمريكي يسعى للوصول لتسوية القضية الفلسطينية أو تسوية شاملة يكون عنوانها الإقليم.

ويضيف عوكل في حديثه لـ "الرسالة نت" أن المطلوب من الفلسطينيين لتمرير هذه الصفقة هو استعادة السيطرة كسلطة واحدة على غزة حتى يتمكنوا من الاستجابة لاستحقاقات هذا التحرك الأمريكي، وهو ما يفسر سبب رفع الفيتو عن المصالحة الفلسطينية.

ويستشهد في ترحيب مبعوث الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط "جيسون غرينبلات" بجهود المصالحة المبذولة والتي وصفها جديرة بالملاحظة؛ بهدف خلق وضع تتحمل فيه السلطة الفلسطينية المسؤولية الكاملة عن قطاع غزة كما طالبت بذلك اللجنة الرباعية.

ولفت إلى أن تحول الدور المصري من الاستضافة إلى الشراكة في متابعة ملف المصالحة يرجع إلى توكيل مصر بإنجاز هذا الأمر كونها جزءا من هذا الحراك في المنطقة، وأن فلسطين هي الامتداد الطبيعي لأمنها القوي.

احتواء حماس

ويرجع الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري سبب التطورات في ملف المصالحة إلى أن المنطقة دخلت في مرحلة جديدة، ووصلت بعض الحروب والأزمات إلى فصلها الختامي، لاسيما الأزمة في سوريا، واحتمال اندلاع حروب جديدة على خلفية الخشية العراقية الإيرانية التركية من إقامة دولة كردية، واحتمال توسعها لتضم الأكراد المنتشرين في دول المنطقة.

ويعتقد المصري في مقال نشرته صحيفة القدس أن تصاعد الخلاف بين المحور الإيراني والمحور السعودي، وبين إيران وإسرائيل، والخشية من حرب على خلفية تخوف إسرائيل من ازدياد النفوذ الإيراني في العراق وسوريا ولبنان، ووصوله إلى حدودها بعد انتصار نظام بشار الأسد، شكل دافعا لتحريك هذا الملف كمقدمة لتسوية الملفات الأخرى في الشرق الأوسط.

ويؤكد أن هذا العامل استدعي تبرير الوضع الفلسطيني والسعي لجذب "حماس" بعيدًا عن المحور الإيراني، على حد وصفه.

ومن وجهة نظر الكاتب والمحلل السياسي د. أسعد أبو شرخ فإنه يرى أن القبول الدولي ودفع المصالحة جاء خشية الانفجار في قطاع غزة والدخول في حرب جديدة مع إسرائيل في الوقت الذي يسعون فيه إلى تهدئة الأوضاع.

ويوضح أبو شرخ لـ "الرسالة نت" أن سبب القبول أيضا يرجع إلى وجود مصالح خاصة لبعض الدول تريد أن تنفذها من وراء تحقيق المصالحة، مشددا على أن المجتمع الدولي أصبح لديه قناعة بضرورة وجود كيان فلسطيني موحد.

ويلفت إلى أن الكثير من الدول أُرهقت من تعنت إسرائيل التي تنتهك كل القرارات الدولية ويريد مصالحة تخدم أهدافه وتكون تحت سلطة واحدة تنفذ ما يملى عليها.

وفي نهاية المطاف يمكن القول إن إيجاد حل للصراع الفلسطيني أو حتى إنجاز أي صفقة سياسية في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتم بمعزل عن وجود كيان فلسطيني موحد يدفع تلك الاستحقاقات. 

البث المباشر