كشفت مصادر أمنية أن السبب في سقوط صنعاء بيد الحوثيين الشهر الماضي هو تواطؤ قيادات عليا في الجيش اليمني معهم وإصدارهم أوامر بالانسحاب وعدم المقاومة وتسليم المعسكرات لهم.
وقال قائد عسكري يعمل في المنطقة العسكرية السادسة إن قصف مقر الفرقة الأولى مدرع يوم سقوط صنعاء في 22 سبتمبر/أيلول لم يكن من الحوثيين وحدهم بل تم رصده كذلك من معسكرات بمنطقتي الصباحة وفج عطّان, يتبع بعضها لوزارة الدفاع, وأخرى للحرس الجمهوري الذي كان يديره سابقا أحمد علي نجل الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
من جهته, كشف أحد ضباط الكتيبة التي كانت مكلفة بحماية مبنى التلفزيون أن وزير الدفاع اللواء محمد ناصر أحمد زار المبنى، وأمر الكتيبة بعدم مهاجمة مواقع الحوثيين، مشيرا إلى أن الوزير طلب من أفراد الكتيبة وقف إطلاق النار بحجة وجود لجنة وساطة ستحل الموضوع، وهو ما لم يحدث, وكان بمثابة غطاء لمنح الحوثيين فرصة للتقدم نحو المبنى واحتلاله وفقا للمصدر نفسه.
يشار إلى أن جماعة الحوثي لم توقع اتفاق السلم والشراكة في 21 من الشهر الماضي إلا بعدما سيطرت بصورة شبه كاملة على صنعاء, ووقعت على الملحق الأمني بعد ذلك بأيام.
ورغم صمود عدة كتائب عسكرية لثلاثة أيام متوالية, فإن عدم إسناد وزارة الدفاع للمواقع التي تتعرض للهجوم أجبر بعض الوحدات على الانسحاب، وهو ما يعتبره كثير من الضباط بمثابة خيانة قام بها وزير الدفاع, ورئيس هيئة الأركان اللواء أحمد علي الأشول، على حد وصفهم.
كما أفادت معلومات تسربت من أحد الاجتماعات الأخيرة للجنة الأمنية العليا تفيد بأن وزير الدفاع اقترح تسهيل دخول الحوثيين لمحافظتي البيضاء ومأرب لأنهم سيتكفلون بمحاربة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، حسب قوله.
وأثار موقف وزير الدفاع حفيظة قادة آخرين كانوا حاضرين للاجتماع حيث اعتبروا ذلك مقامرة بالوطن.
دور الرئاسة
من جهته, كشف مصدر مقرب من قيادة الفرقة الأولى مدرع أن خلافا نشب بين الرئيس عبد ربه منصور هادي وقائد الفرقة اللواء علي محسن الأحمر في آخر لقاء بينهما يوم سقوط صنعاء بسبب رفض هادي الدخول في مواجهة رسمية مع الحوثيين, وعدم تكليفه وزارة الدفاع بذلك.
وأضاف المصدر أن خلافات أخرى حدثت بين هادي والأحمر, وتتعلق بتقديم الإسناد والدعم للمواقع التي تتعرض للقصف من الحوثيين.
وقالت مصادر أمنية يمنية للجزيرة نت إنها رصدت اجتماعات لضباط وخبراء في سفارة دولة عربية بصنعاء لتنسيق وترتيب تسليم العاصمة اليمنية للحوثيين, وضرب القوى العسكرية والسياسية المحسوبة على ثورة الشباب. وأضافت أن اجتماعات أخرى عقدت بفندق مجاور للسفارة الإيرانية بصنعاء للغرض ذاته.
جدير بالذكر أن جماعة الحوثي كانت كشفت أنها نسقت مع بعض القيادات الرسمية قبل مهاجمة صنعاء. وأشار المتحدث باسمها محمد عبد السلام -في مقابلة مع الجزيرة- إلى تنسيق مسبق مع الرئاسة ووزارة الدفاع اليمنيتين, ومع جهات إقليمية ودولية.
كما اتهم رئيس الدائرة السياسية لحزب التجمع اليمني للإصلاح سعيد شمسان وزير الدفاع محمد ناصر أحمد بالتواطؤ مع الحوثيين لإعطائه تعليمات لمعسكرات الجيش بصنعاء بالتوقف عن المقاومة والاستسلام للحوثيين. وطالب شمسان بمحاكمة الوزير لكشف ما حصل فعلا أثناء سقوط العاصمة.
الجزيرة نت