قائد الطوفان قائد الطوفان

برد الشتاء يقرص المدمرة منازلهم قبل قدومه

مواطن يجلس فوق حطام منزله المدمر
مواطن يجلس فوق حطام منزله المدمر

الرسالة نت - معاذ مقداد

"اشرد يمّا جوا الغرفة".. يرُد أحمد "أيّ غرفة يما؟! حسبنا الله وبس"، حوار سريع في لحظة سقوط "مطرة الشتاء" على غزة، بين أحمد سالم وأمه وهي تقصدُ بالغرفة "كوخ القماش والنايلون " بجوار ركام منزلهم.

ما إن انتهت الأمطار من الهطول حتى همَّ أحمد بسؤال والدته "ماذا سنفعل هذا الشتاء؟، وما الملجأ؟!"، أسئلة كثيرة تراود قاطني المنازل المدمرة في كل بقعة من أرض قطاع غزة، فيما لن يجد أكثرهم سبيلًا لمواجهة برد الشتاء القارص كما المعتاد في كل عام.

أكثر من عشرة آلاف منزل دُمر خلال الحرب الأخيرة، ما يعني أن الآلاف سيقرصهم برد الشتاء ممن فقدوا بيوتهم، أو حتى ممن يقطن "الكرفانات" المؤقتة وهم قِلة بين الأعداد المخيفة.

بيت النايلون

وفي الجوار، تحاول "أم علي" وعائلتها أن تختبئ قليلًا من الأمطار التي زحفت في سيلٍ واحد صوب أغطية الشتاء التي أَضحت جدرانًا للبيوت المدمرة بغزة، مع قليل من "النايلون" الممزق علّه يقيهم تلك المياه القادمة.

الأم الصابرة من حدود خانيونس الشرقية - التي أصبحت أثرًا بعد عين -، تجمع ما استطاعت من أكياس "النايلون" لتُكمل تجهيز كوخهم الصغير بجوار الطوابق الأربعة التي استوت على الأرض بعد تدميرها.

لكنها تعلم أن ذلك لن يحميها وأولادها من شتاء مخيف بدت أولى مظاهره في "مطرة الشتاء الأولى" التي مضت قبل أيام.

وكما يُعرف، فإن أكثر البيوت بغزة عبارة عن جدران مهترئة تغطيها كسوة من "الإسبست" لا يحمي مَن تحته من برد الشتاء، فيما يعبّر الشاب "يزن" من شمال القطاع عن عدم استعداد غزة لأيّ شتاء قادم بقوله "نقّطت كم نُقطة من السماء فطفّت المجاري في كل مكان".

وبالعودة إلى الأم التي تعيل وزوجها المتعطل عن العمل ستة من الأبناء، فتقول إن رؤيتهم للغيوم في السماء أصبح كابوسًا يلاحقهم، فمع كل غيمة سوداء تمُر من فوقهم ينتظرون الغرق في أيّ لحظة مع اقتراب فصل الشتاء.

وقبل أيام أنذرت الأرصاد الجوية المواطنين بموجة خفيفة من الأمطار التي ستتساقط بغزارة مصحوبة بأصوات الرعد القوي الذي أعاد للذاكرة قصف "إسرائيل" لمنازل الآمنين.

قبور الأحياء

وفي ذات الحي المُدمر الذي تسكنه عائلة "أم علي"، الذي شهد تساقط الأمطار لدقائق قليلة، امتلأت المنطقة ببرك المياه الصغيرة التي ارتسمت مع كل مكان سقطت فيه قذيفة أو مع كل صاروخ هوى فوق منزل جديد.

شتاءٌ ينذر بالخوف في سيل كبير من المياه التي قد لا تجد متسعًا في باطن الأرض فتحتضن المنازل بساكنيها، وتنذر بالخطر الذي ينتظر من لا مأوى لهم، وهم كُثر بعد الحرب على غزة.

واستعدادًا لموسم الشتاء فإن بلديات المنطقة الشرقية لخانيونس - التي تعرضت لدمار كبير خلال الحرب - طرحت آليات التعامل مع فصل الشتاء في المناطق المنكوبة، وإمكانية مساعدة الأهالي وإخراجهم من "ورطة الشتاء القاسي".

في العام الماضي اخترقت مياه الأمطار، بل وغمرت الجدران الإسمنتية، واختلطت مياه الشتاء مع الصرف الصحي، في وضع لم يكن مزريًا كما أيامنا هذه، فماذا باستطاعة الغزيين أن يفعلوا لمواجهة الموجة الآتية من الأمطار بعد شهر أو أكثر؟، أو ما الذي ينتظر قاطني "قبور الأحياء"!.

عدسة خالد أبوزيد

البث المباشر