المنطقة كلها تشتعل، ولن تخمد نيرانها كل موجات البرد القطبية والأوربية، بينما البقية يشحذون سلاحهم، حيث لا تفاهم، ولا لغة حوار وسط تمدد النعرات الطائفية والقبلية والدينية والمذهبية والمناطقية، وانكماش الأفكار الوسطية والسلمية والوحدوية.
أسلحة حروب اليوم تضم تشكيلة واسعة ومتنوعة، ابتداء من المال وصولا للإعلام وكله في خدمة القوة العسكرية.
الحروب والنزاعات تنتشر في المحيط، وتنتقل من مدينة إلى أخرى، ومن دولة إلى جارتها مثل فايروس "ايبولا"، لا تعرف حدودا جغرافية أو اجتماعية، وكل محاولات العلاج باءت بالفشل.
فلسطينيا وصلتنا العدوى رغم أننا ملوك الخلافات والصراعات الداخلية منذ زمن، استأنفنا الاشتباك والمناكفة مجددا. أبرز الغارات كانت هذا الأسبوع إعلامية، عندما استعان الرئيس أبو مازن بـ"الجنرال" المصري توفيق عكاشة، الذي وجه سلسلة ضربات ردح وشتائم من العيار الثقيل اعتاد استخدامها ضد قطاع غزة وحماس، منطلقا من قاعدة إعلامية فلسطينية "تلفزيون أبو مازن"، في إشارة إلى أن المواجهة لم تعد تتقيد بخطوط حمر أو ضوابط، وفي المحصلة يتشكل تحالف غريب يعبر عنه المثل الشعبي: "تلاقت المكنسة مع البلاعة وصاروا جماعة".
المشكلة هنا ليست في عكاشة، بل من يحتمي بلسانه ويستعين بهذا الكائن الغريب المنبوذ في وطنه لمهاجمة خصم سياسي فلسطيني، لكن صدق المثل: "اتجمع تنتن على تنتن الأول نتن والثاني أنتن".
والنتيجة الأخرى من هذه الغارة التلفزيونية تكشف هشاشة العلاقات الفصائلية، وزيف ابتسامات وقُبل المصالحة في القاهرة وغزة، وعلى رأي المثل: "الشفايف تتباوس والقلوب تتداوس".
في هذه البيئة المتصارعة على الصعيد المحلي والإقليمي تتشكل جغرافية عقول الناس، وخارطة مسلكيات إنسانية مختلفة، تعتمد القوة والبطش، لهذا نحن مقبلون على عصر جديد، تتبلور فيه ثقافة جديدة عناوينها: طابش، هابش، ناهش، طاحش.
أعدوا العدة وحصنوا عقولكم، وتهيأوا للقادم، فالمعارك أصبحت قاسية تحكمها قوانين السلاح.