قائد الطوفان قائد الطوفان

بعد 27 عاما..

علاقات حماس الدولية بين الترميم والتجديد

لقاء وفد حماس الأخير لطهران
لقاء وفد حماس الأخير لطهران

الرسالة نت - لميس الهمص

"نحن لا نغير سياساتنا، لكن البعض يغير سياسته اتجاهنا نتيجة ظروف بلدانهم"، تصريح لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل يدلل على درجة من الثبات في سياسات وعلاقات حركته في تعاملها مع جميع الدول.

لمرات عديدة حاولت حماس اظهار حرصها في الحفاظ على علاقات مع الجميع وعدم التدخل في شؤون أي دولة، وذلك على لسان عدد من قياداتها السياسية، لكن المعضلة التي لازالت تواجه حماس هي أن العديد من الدول تتعامل معها بمنطق الإرث القديم الذي كان يوجب على أي طرف أو فصيل فلسطيني على مدى تاريخ القضية الفلسطينية أن يكون تبعا لدولة أو زعيم لكي يضمن بقاءه ووجوده.

قبل الربيع العربي حاولت "حماس" الحفاظ على علاقات مع محور الاعتدال رغم أنها حليف لدول الممانعة وكان من الصعب الجمع بين العلاقات مع المحورين، لذا كغيرها تأثرت بالربيع العربي واضطرت لدفع اثمان قربها من الشارع خاصة وانها فصيل يقوم على الامتداد الشعبي والجماهيري.

علاقاتها العربية

ليس سرا أن حماس اتخذت موقفا وكان لها قرار من علاقتها بسوريا بعد اندلاع الثورة الشعبية فيها ودفعت ثمن ذلك رغم محاولاتها الخروج بأقل الخسائر.

وفي محاولة لرسم خارطة لعلاقات حماس بالدول الأخرى وابتداء من الجارة الجنوبية مصر، لا يمكن لأحد أن ينكر أن علاقتها بحماس باتت أشبه بالقطيعة خاصة أنها اصطفت مع محور معاد لحماس، ويحاول عزلها وهو ما أكده الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحماس حيث قال إن العلاقة بين حركته والقاهرة في أدنى درجاتها وأن معوقات تعترضها.

فيما بدت الأردن حريصة في الحفاظ على مستوى، وان لم يكن عاليا، من الاتصال مع الحركة، لذا أبقت على شعرة معاوية من خلال وجود القيادي محمد نزال في أراضيها كممثل عن الحركة، خاصة أن السياسة الأردنية قائمة على تعويم العلاقات وليس قطعها البتة.

في المقابل فإن العلاقة مع الخليج العربي، فلا يمكن جمعها في سلة واحدة، ففي حين تمتاز علاقتها مع قطر بمتانة عز نظيرها في الوقت الراهن، وباتت تشكل لها حاضنة قوية، تحتفظ الكويت بعلاقة طيبة مع حماس بحكم ترأسها لدول مجلس التعاون ودورها الإسلامي والتاريخي المعروف وإن كانت تلك الاتصالات في أوقات متباعدة.

بينما بدت علاقات باقي دول الخليج، وتحديداً السعودية والإمارات، معها عدائية، فرغم أن علاقة حماس بالأولى فاترة وشبه مقطوعة لكنها تتجاهل اعلان بذلك، في حين تجاهر الامارات بعدائها لحماس على لسان العديد من القيادات الأمنية، ولا تخفي دورها في الإطاحة بالإخوان المسلمين التي تمثل حماس امتدادا لها.

حماس تمنت أن تقطف ثمار الربيع العربي في العديد من الدول التي حصلت فيها الثورات العربية إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن، وحال انشغال تلك الدول بأوضاعها الداخلية دون ذلك، خاصة تونس وليبيا واليمن والتي تحاول ترتيب اوضاعها الداخلية خشية انفجار الاوضاع فيها.

علاقات إسلامية

حركة حماس بدورها حاولت بعد معركة "العصف المأكول" تقييم علاقاتها وسياساتها الخارجية وهذا ما جاء على لسان أكثر من قيادي فيها، حيث ألمحت أنها بصدد إجراء مشاورات داخلية، ومراجعات شاملة، تسعى من خلالها إلى تقييم مواقفها السياسية سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي.

أبو مرزوق عضو المكتب السياسي للحركة، قال في تصريحات صحفية، إن "تبدل الأحداث وتغيرها على المستوى الإقليمي والعالمي، يدفع حماس إلى إعادة قراءة وتقييم كل خطوة من الخطوات".

ويبدو ان ثمار اعادة النظر والتقييم بدأت تنضج، حيث زار وفد من الحركة خلال الأيام الماضية إيران وهو وما يشير لإعادة إحياء العلاقة بين الطرفين والتي من المتوقع أن تشهد تطورا خلال الفترة المقبلة خاصة وان حماس لم تعد تحتاج إثباتاً لاستقلالية قرارها، فالفترة السابقة أثبتت ابتعادها عن الارتهان لأي محور.

كما أن الحرب الأخيرة أثبتت للجميع أنه لا يوجد بديل مقاوم قوي لحماس في الاراضي الفلسطينية، ولذلك جاءت الزيارة لطهران في توقيت حساس ومهم، إذ إنها من الممكن أن تكون رسالة واضحة بعد إعلان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن وجود استعداد لتحالف دول عربية مع (إسرائيل) من أجل القضاء على حماس.

وفي شبكة العلاقات الاقليمية لحماس مثلت تركيا، التي تتمتع بعلاقة صلبة مع الحركة، بديلا عن سوريا في احتضانها والوقوف معها ضد دولة الاحتلال، حيث عوضت هذه العلاقة خلال السنوات الماضية جزءا كبيرا من ثمن تدهور العلاقة مع سوريا وايران.

فيما حافظت حماس على علاقة جيدة بعدد من الدول الإسلامية من بينها ماليزيا والتي شهدت أراضيها زيارات متكررة لقادة من حماس كما أن سياسيين وبرلمانيين ماليزيين زاروا غزة لأكثر من مرة.

وتنتهج حماس سياسة توزيع الاحمال على الدول الداعمة لها والتي تربطها بها علاقات جيدة اشفاقاً منها على هذه الدول من الضغوط الخارجية التي تتعرص لها بسبب الحركة، ويبدو اقرب نموذج لذلك السودان.

علاقات دولية

وفيما يخص علاقات الحركة الدولية وخاصة الاوربية، فهي تشهد حراكا منذ سنوات لكنه ما زال تحت الطاولة كون تلك الدول تعمل تحت العباءة الأمريكية، رغم إيمانهم أن حماس لاعب مهم في الإقليم وتعبيرهم لأكثر من مرة عن ذلك.

وما يدلل على ذلك تعاطي عدد من الدول الأوربية مع الحركة ومطالبها خلال الحرب الأخيرة.

وحول تحقيق حركة حماس بعض الاختراقات النوعية مع الدول الأوروبية، يقول أسامة حمدان مسؤول ملف العلاقات الدولية في الحركة: "ذلك حسب تعريف الاختراق، إذا كان المقصود به وجود اتصالات سياسية ذات طابع رسمي فهذا تحقق، أما إذا كان وجود تمثيل رسمي لحماس فهذا لم يتحقق حتى الآن".

وتابع "إذا كان المعنى حدوث تحول في مواقف دول أوروبية تجاه الحقوق الفلسطينية وتبدأ بالضغط على (إسرائيل) فهذا أيضا لم يتحقق بشكل كاف".

لكن القضية الأهم، وفقا لحمدان؛ حول إن كانت هذه الدول باتت مقتنعة بدعم (إسرائيل) كما في السابق؟ فالإجابة "هذا الموقف لم يعد كما كان، وهناك دول أصبحت ترى أن (إسرائيل) عبء، وأخرى ترى أن هناك مشكلة يجب إعادة النظر فيها، وأن (إسرائيل) لا تعرف مصلحتها".

ورغم الموقف الدولي الذي كان ولا زال خجولا في التعامل مع حركة حماس إلا أن دول أمريكا اللاتينية شكلت موقفا متقدما عن غيرها وهذا مرده إلى كونها دول ولدت من الفكر الثوري والتحرر من الاحتلال، فقد برز هذا الموقف خلال الحرب من خلال ادانة هذه الدول للحرب وسحب عدد منها لسفرائها من (إسرائيل).

مصادر من داخل حماس أكدت أن الحركة تسعى لتعزيز علاقتها بتلك الدول والعمل على استثمار مواقفها لصالح القضية الفلسطينية.

حالة المد والجزر في العلاقات التي تتعرض لها حركة حماس لا تلغي أن دولا رغم قطيعتها للحركة، أجبرت على التعامل معها في عدد من المناسبات كونها تمتلك أوراق السلم والحرب والتي تعد أبرز نقاط قوتها.

البث المباشر