ينشط سوق المنجمين على أعتاب العام الجديد، يروجون نبوءاتهم وتوقعاتهم لما يمكن أن يحمله 2015، من أحداث وتغيرات في السياسة والمال والرياضة والفن والإعلام، يقرأون الفناجين ويستدعون أدوات الشعوذة والدجل، فيما يتابعهم باهتمام الشغوفون بحب الاستطلاع ومعرفة الغيب، ومسابقة المستقبل... يكذب المنجمون حتى لو صدقت بعض توقعاتهم، لكن الكذب أيضا حبكة وإخراج بحيث يقنع المغفلين أو المتغافلين الذين يؤمنون بالمثل الشعبي: "كذب مصفط ولا صدق مخربط".
وظيفة المنجمين لا تختلف عن سياسة الرئيس محمود عباس، الذي اعتاد أن يخبئ لنا المفاجآت، يرحلها من عام إلى آخر، من خطوة كبيرة إلى خطوة عظيمة، يضرب في المندل بمجلس الأمن فتخيب توقعاته، حيث اختار آخر أيام 2014 ليرمي أحجاره في وجه الشعب الفلسطيني، كل ذلك لم يثن صاحب هذه التجارب من الوقوع مرة أخرى في شر أعماله، أو الحنين لأيام الدجل... فسقط عباس أول من أمس في فخ التنجيم مجدداً.
ظهر عباس وكأنه ينافس المذيع اللبناني الشهير توني خليفة الذي تنقل بين الفضائيات اللبنانية ثم أخيرا إلى المصرية وهو الذي درج على استضافة المنجمين ليلة رأس السنة من كل عام، فأصبحوا بفضله مرجعيات شهيرة للعرب تفوق قدراتهم ما لدى المحللين السياسيين ومراكز الدراسات، وبنوك التفكير.
هناك أوجه شبه بين خليفة وعباس... توني ينتقل من محطة إلى أخرى بحثا عن المال والشهرة، ولكنه يعيد إنتاج نفس المضمون بطريقة "الحاوي"، وأبو مازن ينتقل من محطة سياسية إلى أخرى بحثا عن البقاء لكنه يكرر نفس اللعبة.
ليلة رأس السنة سوف يخرج عباس ويقدم لنا توقعاته ووعوده الجديدة للعام 2015 أبرزها أنه سيوقّع على 16 معاهدة دولية، من ضمنها اتفاقية روما التي تخوّل دولة فلسطين الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية..".
لكنه سيعود وينظر في الفنجان وسيقرأه لنا على طريقته المعهودة: "أمامنا طريق طويل فيه ضغوطات سياسية من أمريكا، وهناك إجراءات إسرائيلية أحادية الجانب، ويقف على جانب الطريق دحلان يتآمر معهم، وحماس ستعود وتنقلب علينا".
لهذا الأولى ألا تكون وظيفته رئيس... بل منجم، وقارئ فنجان.