بعدما تراكمت نتائج الاستطلاعات التي تظهر احتمال خسارة «الليكود» رئاسة الحكومة الإسرائيلية، اتجهت الأنظار نحو البدائل المحتملة، ومن بينها تشكيل «حكومة وحدة وطنية»، بعد الانتخابات الاسرائيلية الثلاثاء المقبل.
ومن الواضح أن حسم المعركة الانتخابية بين «الليكود» و «المعسكر الصهيوني» لا يزال بعيداً، ما يدفع الكثيرين للتقدير أن لا حل في وقت قريب سوى الشراكة بين المعسكرين. لكن هذه الشراكة تدفع الكثير من القوى إلى دق ناقوس الخطر، لأن الشراكة في «حكومة وحدة وطنية» لا تعني سوى شل، ليس فقط التحركات السياسية المطلوبة دولياً، بل أيضا شل الحياة الاقتصادية.
وتقريباً صار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يحذر، في كل مقابلة يجريها مع وسائل الإعلام أو مع نشطاء «الليكود»، من احتمال خسارة الانتخابات. وفي آخر مقابلة له مع صحيفة «معاريف» رفض نتنياهو رفضاً قاطعاً فكرة الشراكة في «حكومة وحدة وطنية» مع «المعسكر الصهيوني» بقيادة اسحق هرتسوغ وتسيبي ليفني. لكن إذا كان هذا الرفض يرمي إلى وضع «الليكوديين» أمام عواقب الخسارة بالابتعاد عن الحكم، فإنه قد يشير أيضا إلى نيته اعتزال الحياة السياسية في حال الفشل.
وفي مقابلته مع «معاريف» قال نتنياهو، موجهاً كلامه إلى أنصار اليمين، «ليس لديكم ترف التصويت إلى حزب آخر». وحذر الإسرائيليين من أن تولي هرتسوغ وليفني الحكم يعني «عدم قدرتهما على الصمود في وجه (الرئيس الأميركي باراك) أوباما، ولو لجزء من الثانية. فهما يفتقران للزعامة، ويؤمنان أن الشيء الوحيد الممكن فعله هو الاستجابة لكل طلب يصل حتى من أقرب الحلفاء لنا. والجواب هو لا، لا ينبغي لنا فعل ذلك». وشدد على أن إسرائيل «تحت زعامة هرتسوغ ستعيش في ضائقة. فهو قال مراراً إن الصفقة الإيرانية ليست فظيعة».
وفي حوارات أجراها نتنياهو، على صفحته على «فايسبوك»، «في محاولة للتحاور معكم مباشرة»، اعترف بأنه «ليس مؤكداً أن أكون رئيساً للحكومة المقبلة». وأشار إلى أن «الكثيرين يقولون إنهم واثقون بأنني سأكون رئيس الحكومة المقبلة، لكن هذا ليس مضموناً. وإذا لم نردم الهوة القائمة فإن ليفني وهرتسوغ سيتوليان رئاسة الحكومة».
ويبدو أن هذه غدت لغة قادة اليمين، الذين رغم تصارعهم العنيف في ما بينهم باتوا يلحظون انفضاض قسم من الجمهور عنهم. وقد حمل زعيم «البيت اليهودي» نفتالي بينت على اليسار، معلناً أن «حكومة اليسار ستدمر اقتصاد إسرائيل. والدولة الفلسطينية ستدمر اقتصاد إسرائيل». وأشار إلى أنه «مثلما قلنا قبل خطة الفصل، إن الصواريخ ستنطلق من غزة، وانطلقت. في غزة فعلنا كل ما أراده العالم. ولكن صاروخاً واحداً على مطار اللد يدمر اقتصاد إسرائيل. من يرغب في الوصول إلى دولة تتفجر فيها الحافلات؟ لذلك سأبذل كل جهد لمنع تسليم سنتيمتر من أرض إسرائيل للعرب».
عموماً، تشير استطلاعات الرأي الأخيرة، التي نشرت أمس في «معاريف» و «يديعوت احرونوت»، إلى تفوق «المعسكر الصهيوني» بأربعة مقاعد على الأقل على «الليكود». واستطلاع «معاريف» يمنح «المعسكر الصهيوني» 25 مقعداً مقابل 21 مقعداً إلى «الليكود». وفي المقابل، فإن استطلاع «يديعوت» يمنح «المعسكر الصهيوني» 26 مقعداً مقابل 22 الى «الليكود». ويمنح استطلاع «معاريف» 13 مقعداً لكل من القائمة العربية و «هناك مستقبل»، فيما ينال «البيت اليهودي» 11 مقعداً وحزب «كلنا» بقيادة موشي كحلون 10 مقاعد.
ومن الواضح أن أحزاب اليمين القومي الأساسية كلها تشهد تراجعات، وإن لم تكن كبيرة. فـ «البيت اليهودي»، الذي كان يطمح لأن يكون القوة الثالثة وتحدث عن 15 مقعداً، لا ينال أكثر من 11. كما أن «إسرائيل بيتنا»، التي كانت هي الأخرى تتطلع لمكانة القوة الثالثة بعد «الليكود» و «المعسكر الصهيوني»، تنال في الاستطلاعات 4 إلى 5 مقاعد فقط. وعن حركة «شاس» حدث ولا حرج، خصوصاً بعد انشقاق إيلي يشاي عنها، وتشكيل قائمة «ياحد». ولا تنال «شاس» في الاستطلاعات أكثر من سبعة مقاعد.
أما استطلاع «يديعوت» فيمنح القائمة العربية مكانة القوة الثالثة و13 مقعداً، فيما ينال «البيت اليهودي» و «هناك مستقبل» 12 مقعداً لكل منهما، و8 مقاعد إلى «كلنا»، و7 لكل من «شاس» و «يهدوت هتوراه» و5 لكل من «ميرتس» و «إسرائيل بيتنا» وأربعة مقاعد إلى حزب «ياحد».
وبحساب بسيط يتبين استحالة تمكن «الليكود» من قيادة معسكر اليمين - حريديم وتشكيل الحكومة المقبلة. لكن هذه الاستحالة تقريباً هي أيضا من نصيب «المعسكر الصهيوني»، الذي، وإن امتلك نظرياً القدرة على تشكيل الحكومة، يصعب عليه تجسيدها فعلياً. فالقائمة العربية المشتركة، والتي تعتبر ضمن معسكر الوسط - يسار في ظروف المعارضة، تغدو فعلياً خارجه في ظروف الحكم. وليس صدفة أن هذه القائمة رفضت التوقيع حتى على اتفاقية فائض أصوات، لا مع «المعسكر الصهيوني» ولا حتى مع حركة «ميرتس».
وفي كل الأحوال، وقبل ثلاثة أيام من موعد الانتخابات، يبدو أن الصراع يشتد حول ثلاثة إلى أربعة مقاعد، من دون أن يتبين أحد بشكل مضمون القوة الفعلية لأي من المعسكرين. ويرى الجميع أن هذا يمنح قيمة أعلى لحزب «كلنا» برئاسة كحلون، الذي من جهة يعادي نتنياهو ومن جهة أخرى يعتبر نفسه «الليكود الحقيقي». وربما لهذا السبب يحاول قادة المعسكرين استمالته من ناحية والنزول إلى الشارع بأنفسهم لاجتذاب المزيد من الأصوات.