قائد الطوفان قائد الطوفان

الفقر يلف حباله على رقبة "أبو مجدي"

غزة-محمد أبو قمر

بدت الرطوبة التي فاحت رائحتها واضحة على أرضية المنزل الإسمنتية، وكان مشهد الطفل الرضيع الذي يرتدي "كيسا من النايلون" بدلا من "البامبرز" لعدم توفر ثمنه دليلا على الفقر المدقع الذي التف على رقبة العائلة.

وتقول الأم " ما معنا مصاري نشتري حفاظات أطفال" ، فيما رطوبة المكان تفتح الباب أمام الأمراض لتنخر في عظام الأطفال اللينة.

يضم المنزل الذي لا تتجاوز مساحته السبعين مترا تسعة من الأبناء الى جانب والديهما تتناثر أفرشتهم بين غرفه الصغيرة التي اخترقتها خيوط شمس من فتحات السقف "الاسبستي" البالي.

استعان الثلاثيني "أبو مجدي" بعربة صغيرة لبيع المرطبات يتجول بها بين شوارع المخيم عله يتمكن من توفير مصاريف أطفاله، إلا أن الانقطاع المتكرر للكهرباء -الذي يعتمد عليها في تجهيز المرطبات- يزاحمه في لقمة عيشه.

ويحاول "أبو مجدي" جاهدا تخصيص جزء من غرفة تناثرت فيها حاجيات العائلة لفتياته، لكنه يقول " عند هطول الأمطار تغزو المياه منزلنا ونحاول لملمة أنفسنا في غرفة واحدة، فيكون الوضع صعب جدا علينا".

وتلملم العائلة ملابسها في دولاب بالي وضع في زاوية الغرفة، فيما غط طفلين في نوم عميق، بينما كانت والدتهم تنتظر عودة التيار الكهربي لتجهيز الطعام على "القرص الكهربائي".

مطبخ الأسرة الذي لا تتجاوز مساحته المترين بدا خاويا من احتياجاته، فلا أواني وغاب "فرن الغاز عن المكان" ، وتنجز الأم أعمالها المنزلية على "قرص كهرباء" نادرا ما تستخدمه في ظل الانقطاع المتكرر للتيار.

منزل "أبو مجدي" يكاد يكون فارغاً, فالفراش قليل والأغطية لا تكفي, والملابس شحيحة, ولا أثاث يُذكر, ولاحظت "الرسالة" أن الغرف تفتقر للأبواب.

نظرات الأطفال الحائرة التي تجول في المكان الضيق وتراقب حركة الفريق الصحفي كانت مفعمة بالألم ومرارة العيش، لكن الأمل لم يغب عن حديث الوالدين بأن يتحول حالهم للأفضل.

" يوم بيكون معنا ويوم ما بيكون ،

كان أبو مجدي يقطن بالإيجار وقبل خمس سنوات اشترى المنزل الذي يقطن فيه ، وقال " بيظل ساترنا وأحسن من الإيجار مع أنه كل شتا بيغرق".

وتعتمد العائلة على المساعدات التي تقدمها وكالة الغوث الى جانب المصروف اليومي الذي يجمعه الوالد من بيع المرطبات.

وبنبرات حزينة يقول أبو مجدي "لمن بنتي تطلب مني شيكل وما بيكون معي بعمل حالي نايم، وقلبي بيتقطع".

ويدور الوالد في السوق عله يجد أسعارا مخفضة على بعض الخضروات كي يتمكن من شرائها.

انسدلت دموع الأم على وجنتها وهي تحاول أن تغمس قطعا من الخبز في الماء لإطعام أطفالها ، وتقول "أحيانا ما بلاقي أكل لأولادي, وتخيل شعور الأم لما يكون ابنها جوعان وما عندها تطعميه".

ويتهرب الوالد من تسجيل أبنائه في الرحلات المدرسية لعدم مقدرته على دفع رسومها ومصاريف أبنائه، ويتابع " أحيانا يفطروا أبنائي قبل المغادرة للمدرسة، وأحيانا ما بيفطروا".

ويجمع الأب من بيعه للمرطبات عشرون شيقلا في اليوم على أبعد تقدير ، لكنه قال " شو بتساوي لأحد عشر شخصا".

وتبدلت أحلام الابن الأكبر مجدي الذي لم يتجاوز الخمسة عشر عاما الى هموم وتفكير في كيفية البحث عن فرصة عمل لمساعدة والده.

دفع الفقر أبو مجدي للقول بنبرات حزينة " بتمنى من الله أن يأخذني وأتريح، عندها أولادي سيعيشون أفضل مما كنت بينهم، والله الدار ما فيها شيكل".

وتحاول الأم أن تصبر أبنائها الذين يتطلعون للعيش كزملائهم في المدرسة ، وتهرب من أسئلتهم في بعض الأحيان التي عندما تعجز عن إجابتها.

" لو أندفن في قبر أهون لي عندما يطلب ابني ولا أستطيع توفير متطلباته" هكذا تقول الأم التي لم تنقطع الدموع عن عينيها.

أعين الأم الدامعة كانت تكشف عن الألم وحجم المأساة والمعاناة التي تعيشها مع أسرتها لكن الأمل لا زال يراودها في أن يغيثها كل من كان له قلب. 

تفتح صحيفة الرسالة من خلال زاوية "ألم وأمل" بالتعاون مع برنامج "لمن كان له قلب" الذي يبث عبر إذاعة الأقصى الباب لكل من يريد مد يد العون والمساعدة للأسر التي يسلط عليها الضوء من خلال صندوق البرنامج المتواجد في جميع فروع الجمعية الإسلامية بمحافظات غزة.

ويبدي القائمون على البرنامج استعدادهم للإفصاح عن اسم العائلة وعناوينها لأي شخص أو جهة تود إغاثتها وذلك من خلال الاتصال عبر الهواتف : 2854002 أو 2851990

 

 لمشاهدة معاناة العائلة بالفيديو اضغط هنا  أو  هنا 

البث المباشر