تزداد مخاوف مختصين في شئون اللاجئين من وجود مخططات مقصودة، لتصفية القضية الفلسطينية بكاملها، عبر انهاء قضية اللاجئين التي تعتبر محور القضية الفلسطينية، وذلك بعد سلسلة الأزمات التي تحدثت عنها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا وتقليص خدماتها برغم من الحاجة الماسة لخدماتها في العديد من مخيمات اللاجئين في القطاع.
وتعاني الأونروا عجزا ماليا يقدر بمائة مليون دولار، طال هذا العجز برامج تعليمية وصحية وخدمات إنسانية.
ومن الواضح أمام ادعاء الأونروا بوجود عجز مالي، وبحسب ما يشاع عن تأجيل العام الدراسي الجديد، فإنها ربما ستتخذ قرارات صعبة ستؤثر بشكل كبير على اللاجئين في أماكن تواجدهم، وما ينتظرهم ربما أدهى وأمر.
وقد أعرب بيار كرهينبول مفوض عام الأونروا عن قلقه من أن تجرهم الأزمة المالية الحالية على النظر في تأخير بدء العام الدراسي، موضحاً أن قرارا كهذا سيعمل على توليد الكثير من التوتر واليأس لمئات الآلاف من الطلاب المتفانين جداً في دراستهم.
رئيس دائرة شئون اللاجئين في حركة حماس عصام عدوان يؤكد أن تصفية قضية اللاجئين حاضرة على أجندة الدول المانحة والمجتمع الدولي، معتبراً أن الفرصة لم تكن مواتية من وجهة نظر المانحين، لكن يبدو أن هناك تقدير موقف لدى الدول المشرفة على الأونروا أن الظرف الآن مواتيةِ للمضي بخطوات سريعة نحو تصفية القضية.
ويقول عدوان إن السعي الإسرائيلي لتصفية القضية، بدأ مع مفاوضات السلام في مدريد، حين بدأت الأونروا تقليص خدماتها المقدمة ووقف المشاريع التي يستفيد منها اللاجئون.
ويشير إلى أنه لا توجد معلومات حقيقية عن أن الأونروا ستوقف أعمالها، قائلا: لا نريد أن نستبق الأحداث وندخل في معركة في غير وقتها، موضحاً أنه في حال حصل التقليص على أرض الواقع فإن ردة الفعل ستكون قوية.
وبين عدوان أن المراهنة على وجود حالة من الضعف واهتراء الصف الفلسطيني وبالتالي تصفية المشروع الفلسطيني تقدير خاطئ والشعب سيكون له موقف موحد تجاه أي تقليصات، لأنها قضية شعب.
وكانت الأونروا قد عقدت اجتماعاً للجنتها الاستشارية، بهدف مناقشة الأزمة المالية الأشدّ التي تعصف بها منذ تأسيسها، وستقوم اللجنة بمراجعة المخاطر المتزايدة لاضطرار "الأونروا" إلى تأخير بدء العام الدراسي لما يقارب نصف مليون طالب وطالبة، في نحو 700 مدرسة تنتشر في الشرق الأوسط، ما لم يتم سد العجز البالغ 101 مليون دولار بالكامل قبل الموعد المقرر لبدء الدراسة.
ويرى عدوان أن الأونروا تتخذ سياسة خطوتين للأمام وخطوة للوراء فهي عندما تريد وقف مساعداتها الإنسانية في سوريا ووقف التعليم في لبنان، تنتظر رد الفعل وبالتالي تعود خطوة للوراء وتتراجع عن خطوة التعليم وتستقر على خطوة وقف المساعدات، منوهاً إلى أن الاونروا تخرج من وراء هذه الأزمة فارغة الأيدي لأن هذا تلاعب بمصير الشعب ووضعه الإنساني الملح والعاجل.
ويشير عدوان إلى أنه يجب البحث عن ممولين آخرين في حال لم تقدم الدول المانحة مساعدات عاجلة، وإيجاد بدائل لحل الأزمة، حتى لا نقول إن الأونروا تشترك في مؤامرة كبيرة لتصفية القضية عبر تقليص عملها شيئاً فشيئاً.
ويوضح رئيس دائرة شؤون اللاجئين في "حماس" أنّ "إجمالي العجز السنوي للأونروا يتراوح بين 50 و70 مليون دولار، وكانت تتعامل معه المؤسسة الدولية عبر الاقتراض من موازنة العام الذي يليه، فيجري ترحيل العجز، من دون أي زيادة عليه، للسنة التالية".
وقد أطلقت "الأونروا" في هذا الصدد نداءات استغاثة دولية لجمع أموال لبرامجها، لكن النتائج لم تكن إيجابية، ويقول مسؤولوها إنّ "الدول العربية جزء من الأزمة، لأنها لا تقوم بدورها في دفع الحصص المطلوبة منها للأونروا، والتي أقرّها مجلس الجامعة العربية، والمُقدّرة بـ 7 في المائة من الميزانية العامة".
من جهته أكد المختص في شئون اللاجئين حسام أحمد أن هناك مخططا سياسيا باتجاه شطب الأونروا، وأن التقليص هو شكل أساسي من أشكال هذا المخطط، في سبيل شطب حق العودة كون اللاجئين هم جوهر القضية الفلسطينية.
ويعتبر أحمد أن انشغال القوى المؤثرة في العالم العربي عن القضية الفلسطينية وفّر بيئة خصبة للقوى الداعمة للأونروا أن تسير في هذا المخطط لإفراغ القضية من مضمونها وهي قضية اللاجئين.
ويعتقد أحمد أن الأزمة سيتم حلها قريباً، لأن بعض العقلاء في الساحة الأوروبية سيكون لديهم موقف واضح لوقف انهيار الأونروا.
واستهجن أحمد صمت السلطة الفلسطينية وكأن لا علاقة لها بالأمر، مؤكدا ضرورة أن يكون هناك موقف فلسطيني موحد، وأن يتم نقل هذه المشكلة لمنظمات المجتمع المدني في الداخل والخارج والاعلان عن فعاليات للضغط على الأونروا والولايات المتحدة باتجاه استمرار خدمات الأونروا في مناطق عملياتها الخمس.
ويتفق أحمد مع عدوان في أنه لا يوجد قرار نهائي حتى اللحظة فيما يتعلق بالتقليص، لكنه يخشى من ذلك بسبب تأخر الدعم حتى اللحظة، محذراً أن ينتقل التمويل لجامعة الدول العربية وبالتالي أن يكون هناك خطة لتعريب قضية اللاجئين ومن ثم ضياعها لانشغال العرب بأزماتهم الداخلية.