مجددا، تحركات دولية بطلب إسرائيلي لإخماد انتفاضة القدس، وبنفس الصيغة القديمة الجديدة يتم استدعاء أطراف عربية على شكل مخاتير يتحولون إلى وسطاء، من أجل فرض صفقة على حساب الدم الفلسطيني.
وساطة كيري بين الاحتلال والسلطة استدعت هذه المرة الجاهة الأردنية، والجماعة ما قصروا "حطوا وجه" في القضية وتوافقوا على حل عنوانه: "كاميرات مراقبة الحرم"، وهكذا تم اختزال المواجهة والصراع والانتفاضة على طريقة الكاميرا الخفية.
وما أشبه اليوم بالبارحة، فبعدما فشلت جهود بريطانيا العسكرية لإخماد الثورة الفلسطينية عام 1936 وظلت الثورة مشتعلة طوال شهري آب وأيلول، دون مهادنة أو ضعف، دخلت الجاهة العربية على الخط بعد اتصالات ومشاورات أجراها الملوك والرؤساء العرب بطلب من بريطانيا للتدخل لإنهاء الإضراب، ووجهوا رسالة إلى رئيس اللجنة العربية العليا لفلسطين لفك الإضراب وإنهاء المقاومة، ونزل الفلسطينيون عند نداءات الزعماء العرب فأوقفوا الإضراب والثورة في 13/10/1936 وكانت ذريعة القيادة الفلسطينية للقبول بفك الإضراب هي موسم قطاف الزيتون.
بالمناسبة لم تتذرع السلطة هذه المرة بموسم قطف الزيتون، واستعانت بجملة تكررت في فلم لعادل إمام: "لقد وقعنا في الفخ"، أو هكذا بدا الأمر بعدما نقلت وسائل أردنية ملامح خلاف فلسطيني ــ أردني سببه تصريح لوزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، قال فيه إن الفلسطينيين وقعوا في "الفخ" بعد الاتفاق على نشر كاميرات مراقبة في الأقصى، وأن الكاميرات ستستخدم لاعتقال الفلسطينيين بحجج التحريض، فيما ترد مصادر أردنية أن الكاميرات من أجل مراقبة الانتهاكات الإسرائيلية وهكذا أصبح على نتنياهو أن يتوسط لحل الخلاف بين السلطة الفلسطينية والأردن وعليه منعت الشرطة الإسرائيلية الأوقاف الأردنية صاحبة الوصاية الدينية من تثبيت كاميرات الحرم، في نفس الوقت صرحت نائبة وزير الخارجية تسيبي حوطوفيلي: "يجب رفع العلم، بشكل مطلق، هذا هو أقدس مكان للشعب اليهودي، ان حلمي هو رؤية علم (إسرائيل) يرتفع فوق الحرم".
وعليه يستحق الأمر أن يحمد شعبنا الله لأنه لم يوفقهم في وساطتهم وصفقتهم، التي حيكت بليل خلف الكواليس والأبواب المغلقة، وأننا لم نعد نستمع لنداءات الملوك والرؤساء العرب كما في الماضي ويكفيهم أن: "كل ما هو في قطينه بيقطن".
وهكذا انتهت هذه الجولة من محاولات احتواء الانتفاضة على طريقة المثل الشعبي:
"ما شافوهم بيسرقوا شافوهم وهم بيتحاسبوا"..