الرسالة نت _ رائد أبو جراد
تزامنت جولة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل مع حديث إعلامي متواصل عن نية الولايات المتحدة الأمريكية طرح مبادرة جديدة للسلام في حال فشلت جهود المفاوضات غير المباشرة بين الطرف الصهيوني ومفاوض سلطة فتح في الوصول الى حلول ، وتطرح عدة تساؤلات عن آليات الحل الأميركي الجديد لإنهاء حالة الصراع في المنطقة..
في هذا السياق رأى محللون سياسيون مبادرات السلام التي تطرحها الولايات الأمريكية "استهلاكا للوقت"، وأن الإدارة الأمريكية تقوم على عملية تزويد حالة الصراع عبر الهاء الفلسطينيين بقضايا هامشية وفرعية للتوقف عن المطالبة بالحقوق الوطنية.
مسار المفاوضات
وأكد المحللون في أحاديث منفصلة مع "الرسالة نت" أن "إسرائيل" معنية باستمرار حالة الصراع وتعتبر أنه لا قيمة للعرب في الساحة الدولية.
ويرى البروفيسور عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية مبادرات السلام التي تطرحها الولايات المتحدة استهبالا بالشعب الفلسطيني"، مشيراً إلى أن أمريكا منذ 43 عاماً تطرح مشاريع واحدة تعيد فيها الصياغة وبنود هذه المشاريع.
ولفت إلى أن الإدارة الأمريكية لا تريد عودة اللاجئين الفلسطينيين ولا إقامة دولة فلسطينية حقيقية ولا إزالة مستوطنات، مبيناً أنها تريد تحويل الفلسطينيين لمجرد فقراء يبحثون عن رغيف الخبز ولقمة العيش.
فيما يؤكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية د.هاني البسوس أن الإدارة الأمريكية نصبت نفسها كوسيط بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في المفاوضات غير المباشرة، مبيناً أنها منذ البداية لم تكن وسيطاً نزيهاً وأن كل ما تسعى له هو تحقيق أمن وسلامة الاحتلال.
ويقول البسوس:"كل المبادرات الأمريكية السابقة لم تسع لتطبيق مفهوم السلام الحقيقي العادل من أجل إحقاق الحق وإعادة حقوق شعبنا(..)والآن كل ما تسعى إليه الإدارة الأمريكية هو إعادة مسار المفاوضات لما كانت عليه في السابق والمحصلة النهائية لم تقدم أي حلول للشعب الفلسطيني".
لكن المحلل السياسي طلال عوكل يعتقد أنه يمكن للإدارة الأمريكية أن تفرض حلا عبر طرح مبادرة جديدة للسلام في حال فشلت المفاوضات غير المباشرة بين السلطة والاحتلال، مبيناً أن هذا أصبح مطلب كثير من الأطراف بعد سنوات من المفاوضات غير المجدية.
هامشية وفرعية
وعاد قاسم ليؤكد أن الولايات المتحدة لم تنه حالة الصراع المستمرة في المنطقة، مبيناً أنها تقوم على عملية تزويد حالة الصراع عبر الهاء الفلسطينيين بقضايا هامشية وفرعية للتوقف عن المطالبة بالحقوق الوطنية.
وقال :"المنطق التاريخي يقول أن أمريكا لا يمكن أن تضغط على الكيان، والمطلوب منا الآن إما أن نصبح أصحاب قرار وإما لا نحصل على أي شئ".
وأشار البسوس إلى أن المبادرة الأميركية الحالية عبارة عن مشروع للإبقاء على مسار المفاوضات بين المفاوض الفلسطيني والاحتلال.
وبين أن عشرات من مبادرات السلام طرحت منذ عشرين عاما ولم تقدم أي شئ للشعب الفلسطيني.
وبالنسبة لعوكل فبين وجود عقبات في إمكانية فرض الحل وعلى الصعيد الفلسطيني ، مستدركا :" لكن عندما تصل الأمور لهذه الدرجة سيكون الأمر مطروح على مستوى دولي ومجلس الأمن".
وأكد أن الولايات المتحدة الأمريكية مضطرة لفرض مبادرتها وحلولها في المنطقة، قائلاً:"للمرة الأولى نسمع تصريحات متعددة ومتكررة من أطراف مهمة في الإدارة الأمريكية بما فيهم الرئيس أوباما بان موضوع السلام في الشرق الأوسط هو مصلحة قومية أمريكية ".
وبين البروفيسور قاسم أن العرب لا يملكون أي شئ، متسائلاً:" كيف سيمدوننا أو يعطونا أي شيء"، موضحاً أن الحل يتطلب تغيير الفلسطينيين لما هم فيه وأن القوات الدولية ستكون وكيلا لـ"إسرائيل".
وفي معرض رده على إمكانية فرض الإدارة الأمريكية حل للصراع في المنطقة بالقوة كما حدث في كوسوفو سابقاً، قال قاسم:"القصة لدينا مختلفة تماماً، الحديث هنا عن الاحتلال الإسرائيلي وأمريكا مع تهويد فلسطين وهي تريد من الفلسطينيين أن يبحثوا عن أماكن أخرى وبذلك هي تعمل على تهجير اللاجئين الموجودين في الضفة وغزة بطريقة أو بأخرى".
إيقاف السعي
وقال البسوس:"على السلطة أن تتنبه لكل هذه المسائل عبر إيقاف السعي خلف المفاوضات العبثية التي لا تسمن ولا تغني من جوع بالنسبة للمواطن الفلسطيني وأي مبادرات جديدة لن تؤتي بأي ثمار لشعبنا".
ويشير إلى أن الصراع في المنطقة يخدم المصالح الأمريكية والصهيونية،موضحاً أن الهدف الذي تسعى إليه الإدارة الأمريكية والكيان الإسرائيلي هو تفكيك الأنظمة العربية وإضعافها لصالح مصالحهم في المنطقة.
ورأى البسوس أن الإدارة الأمريكية تسعى لكسب الوقت عبر مواصلة المفاوضات إلى ما لا نهاية، مؤكداً أن الحل الأمثل لأمريكا والكيان الصهيوني أن تمتد هذه المفاوضات لكسب مزيد من الوقت ومن ثم يتم مصادرة العديد من الأراضي كما يحدث في القدس والضفة.
فيما يصف المحلل عوكل الموقف العربي بغير المحصن، لافتاً إلى وجود حالة ضعف تتمثل في تعدد المواقف والتجاذبات الحادثة على المستوى العربي والانقسام الفلسطيني، مبيناً أن السياسة المتطرفة الصهيونية تضعف موقف الاحتلال الإسرائيلي.
وبين عوكل انه لا احد يستطيع أن يرسم السيناريو للحل، إنما بشكل عام هناك فرصة للمفاوضات وإذا لم تنجح فالأرجح يتم تدويل الحل ويتطلب ذلك آليات جديدة من قبل الرباعية الدولية والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي".
وفيما يتعلق بجولة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل الحالية في المنطقة، أكد قاسم أنها مجرد تسلية وحديث إعلامي عبر وسائل الإعلام وأنه لا يوجد أي حلول تقدمها جولة المبعوث الأمريكي، مضيفاً:" الحل لا يمكن أن يكون إلا في تغيير جذري".
ويرى البسوس في هذه الجولة جانبين متمثلين في محاولة أمريكا الإبقاء على أنها هي الوسيط الوحيد والراعي للسلام في المنطقة الذي يفرض سياسات معينة ومحددة، مبيناً أن هذه الزيارة تعني أن هناك تقدما في العلاقات والاتصالات ما بين الطرف الصهيوني وسلطة فتح في الضفة، مستطرداً:" السلطة تسعى جاهدةً أن تمهد الطريق أمام ميتشل لكي يأتي ويفرض نفسه والاملاءات الأمريكية والسلطة لا تستطيع أن ترفض هذه الوساطة الأمريكية لان رفضها سيفقدها المزايا والمنح الممنوحة لها من قبل الإدارة الأمريكية".