الرسالة نت – جمال عدوان
بداخل أحشاء البحر تتواجد لقمة العيش التي يبحث عنها الصيادون الغزيين في رحلة من المعاناة, وفي الوقت الذي تسمح فيه السلطات المصرية لصيادي البحر التقاط لقمة عيشهم تنصب لهم شباك الموت لاصطيادهم.
ولم يكتف الجانب المصري بسياسة التضييق التي يمارسها بحق الغزيين؛ متمثلة بالحصار والجدار الفولاذي والأنابيب المائية ومحاربة الأنفاق حتى نقل حصاره من البر إلى البحر.
فبالأمس البعيد يقدم الجانب المصري على اعتقال عدد من الصيادين وإصابة العديد منهم ومصادرة الأدوات التي يستخدمونها في الصيد , واليوم ينفذ وبدون سابق إنذار أبشع عملية قتل لصياد فلسطيني لا يجد قوت يومه إلا في البحر.
شهيد البحر محمد إبراهيم البردويل البالغ من العمر 44عاما ربُ أسرةٍ مكونةٍ من ستة أولاد وبنتين إحداهما معاقة , وله والد يعاني الكثير من الأمراض, يقطنون بمنطقة عزبة الندى غرب محافظة رفح بمحاذاة البحر.
وبلحظات الألم الخانقة و الدموع الساخنة التي انسابت على وجنتي أخيه الأصغر عبد الله البردويلوهو يحكي قصة شقشقه الذي طالته عبثية الزوارق المصرية في عرض بحر رفح فأدت إلى دثر جسده في حلكة الظلام الدامس.
ويقول وهو ينظر بشغف إلى حقيقة ما يفعل الأخ بأخيه: "خرج أخي في أول ساعات الفجر بقاربه كالعادة ليبحث عن قوت يومه الذي لم يتحسن إلا في الأيام الأخيرة متوجها للصيد داخل الحدود مع مصر بمسافة تقدر 1.5 كيلو متر ومعه العديد من أقاربه –كلٌ على قاربه- ليمضي بهم الوقت حتى الفجر".
ويضيف: "تحركت باتجاههم الزوارق الحربية المصرية فجأة دون إنذارهم بأنهم في المكان الخطأ وهم لم يظنوا ذلك لأنهم كل يوم يصطادون بنفس المكان.. لتصلهم وتبدأ حولهم عملية مراوغة وشتائم".
ويتابع: "فجأة انقض الزورق المصري على أحد القوارب بعد التهديد الذي أطلق من قبل قبطان الزورق بأنه سيقوم بالقتل –حسب ما أبلغنا ممن كانوا بالقرب من قارب أخي-ليصدمه ويغرق القارب، ويصبح جسد أخي محمد فوق القارب الفلسطيني وتحت الزورق المصري وهو جثة هامدة".
وبعد إخراج الجثة من عرض البحر على يد ابنه الأكبر أكدت المصادر الطبية في مشفى أبو يوسف النجار بعد فحص جثمانه بأن سبب الوفاة كان كسر في جمجمة الرأس وعظم الصدر العلوي والغرق.
ويوضح شهود العيان بالمكان بأن الزورق المصري لم يكتف فقط بقتل الصياد محمد بل تعدت الزوارق بعدها للهجوم على ابن عمه بنفس المكان والطريقة ولكن تمكن بحمد الله من النجاة و الهرب.
وأضافوا أن الزورق تمكن من الإنقضاض على بعض القوارب فقام الجنود المتواجدون في الزورق بالنزول و ضرب العديد من الصيادين بالحديد المستخدم في الصيد وأغرقوا حسكة الصيادين وصادروا بعض معداتهم.
وتجدر الإشارة إلى أن الشهيد محمد البردويل هو أحد العاملين في نقابة الصيادين بمحافظة رفح.
وفي مظهر مليء بالكآبة داخل أسوار البيت أبى والد الشهيد إلا أن يشارك بلحظة الألم والدموع التي تغمر عينيه بالحديث عن ابنه بالقول:"بعد استشهاد ابني محمد امتلأ الحزن جميع أرجاء المنزل ولا نستطيع إلا أن نردد حسبنا الله ونعم الوكيل".
ويضيف:"نحن لم نتوقع بلحظة من اللحظات أن يقوم إنسان مسلم ونعتبره أخا لنا بمثل هذا العمل الشنيع ليرمل الزوجة التي لن تستطيع أن تعيل أبناءها بعد استشهاد زوجها".
ويتابع:"نحن لم يطمئنا إلا لحظات التشييع لجثمانه الطاهر إنطلاقاً من البحر وحتى مسجد العودة بعد صلاة ظهر أمس بوجود الكثير ممن شاركونا في تشييعه".
ويؤكد والد محمد في ختام حديث بأنهم سيسعون بكل جهدهم لتقديم مطالبهم إلى كافة الجهات والمطالبة بحقوقهم كاملة لوقف هذا الجرم بحق الصيادين على صعيد قطاع غزة أجمع.
كما وقدم الشكر والعرفان إلى كل الحكومة الفلسطينية على وقوفها بجانب عائلتهم ومساندتها والتخفيف عنهم بهذه الفاجعة التي سببتها "الجارة مصر".