قائد الطوفان قائد الطوفان

أطفال أيتام يفتقدون والديهم على موائد الإفطار

مها شهوان – الرسالة نت

يشعر أحمد العوضي ذو الـ15 ربيعا  بالوحدة في معهد الأمل للأيتام، لاسيما في هذا الشهر المبارك، لافتقاده أخيه الشهيد محمد الذي طالته طائرات الاحتلال الإسرائيلي ليرتقي شهيدا في أول يوم من الحرب العدوانية على القطاع، تاركا أحمد يعيش في ذكراه في كل ركن من المعهد الذي عاش فيه خمسة سنوات.

يعيش أحمد الأجواء الرمضانية داخل المعهد حينما يتوجه لصلاة التراويح برفقة زملائه ومشرفيه ، والزوار الذين يتوافدون من الخارج لزيارة المعهد مما يشعره بالسعادة.

يقول أحمد : "اشعر بنهار رمضان حينما أكون في إجازتي عند والدتي، خاصة عند ذهابي لشراء احتياجاتها من السوق، إضافة إلى مساعدتها في تحضير الفطور وزيارة أخواتي المتزوجات مما يجعلني اشعر بالجو الأسري الذي افتقده".

الجو الأسري

أحمد ليس الوحيد في معهد الأمل الذي يفتقد للجو الأسري في شهر رمضان رغم  توفير المعهد لكافة احتياجاته.

في إحدى زوايا المعهد تجلس علا الصفدي التي قضت ستة سنوات بعد وفاة والديها ، وإخوتها جميعهم  تزوجوا ولم يتبق لها سوى زوجة والدها التي تعاملها بحنان حينما  تذهب لزيارتها وتقدم لها كل ما تطلبه.

تتمنى علا لو كانت أمها لا زالت على قيد الحياة كباقي زميلاتها بالفصل لتساعدها في ترتيب المنزل وإعداد الطعام لاسيما في شهر رمضان، مشيرة إلى أنها تشعر بالغيرة حينما تستمع لقصص زميلاتها في المدرسة كيف يساعدن أمهاتهن في إعداد الطعام، محاولة تقليدهن حينما تزور زوجة أبيها وإخوانها لتدرك ذلك الشعور.

وتقول: كل ما أطلبه متوفر، وربما أكثر من الخارج ، وأشارك في الفعاليات الرمضانية التي يقيمها المعهد لكني افتقد للجو الأسرى فلا شيء يعوضني عنه.

""

وفي مشهد آخر يجلس الطفل مصطفى البيوك وسط مجموعة من زملائه وعلامات الحزن بادية على تقاسيم وجهه، فوضعه يختلف عن باقي الأطفال المتواجدين معه فمنهم من فقد أحد والديه بينما هو فقد الاثنين .

وبنبرات متقطعة يقول :لا أحد من زملائي في المدرسة يعلم أني أعيش في معهد الأمل وفاقد لوالدي ،لأني لا أريد أن ينظر إلي احد بنظرة شفقة" .

وعبر عن اشتياقه للأكلات التي كان تعدها  أمه في شهر رمضان رغم مرضها، شاعرا بالغيرة حينما يسمع زملاءه بالفصل يتحدثون عما أعدت لهم أمهاتهم، وذلك رغم ما يقدمه له المعهد من أكلات محببة إليه لكنها لا تعوضه عن طعام أمه.

قضاه بالبكاء

وفي ركن آخر تجلس إسلام زكاكتة ابنة الـ14 ربيعا بجانب أختيها المقيمتين معها في نفس المعهد .

وأثناء الحديث معها كانت تحاول أن تسترق النظر عبر الشرفة للمبنى المجاور الذي يرقد فيه أخوها الصغير الذي تعتبر نفسها والدة له في المعهد.

تحرص إسلام في شهر رمضان على قضاء يومها بتلاوة القران حيث تجمع أختيها من حولها ليرددن من خلفها ما تقرأ حتى يتشجعن ويواظبن على قراءته بالإضافة إلى أنها تصطحبهن معها في صلاة التراويح بالمسجد المجاور للمعهد.

وبحسب إيمان- فان أكثر شيء يشعرها بالسعادة في شهر رمضان قدوم الزوار للمعهد فتشعر بان هناك من يهتم بها ويسأل عنها.

أما مصطفى عبد العزيز المتواجد في المعهد منذ سنتين بعد استشهاد والده، ففضل تجربة الحياة الرمضانية خارج المعهد رغم ما يتوفر له من حاجيات أكثر مما لو كان بالخارج .

وتذكر أول رمضان في المعهد بعيدا عن أهله قضاه بالدموع متذكرا أفراد عائلته وهم يجتمعون حول مائدة الطعام ينتظرون أذان المغرب.

ورجع بذاكرته قائلا:"اشتقت كثيرا لوالدي الذي كنت أرافقه للمسجد لأصلي التراويح وكذلك كنت اذهب برفقته للسوق لشراء ما نحتاجه".

ويفتقد عبد العزيز كثيرا لأجواء حارته في رمضان حيث أصدقاؤه الذين يلهو معهم فما ان تحل إجازته حتى يذهب لقضائها بين أمه وأولاد حارته، ورعاية أخيه الذي يصغره معتبرا نفسه انه والده فيحميه من الأولاد .

وأشار إلى انه يشارك في الفعاليات التي يقيمها المعهد لاسيما في شهر رمضان ، إضافة إلى صلاة التراويح ويشعر بالسعادة حينما يذهب برفقه أصدقائه مما يجعله يشعر في تلك اللحظة بأنه بين أهله كما كان في السابق.

في حين قالت إيمان محمد ابنة الـ12 ربيعا:"أقيم بالمعهد منذ خمسة سنوات ومع قدوم رمضان من كل عام ابكي دون أن يشعر احد لأني أتشوق لأكون في جو أسرى وانتظر مع أفراد أسرتي أذان المغرب"، مشيرة إلى أن تلك الأجواء التي كانت تعيشها مع أفراد أسرتها لازالت في ذاكرتها  .

وتضيف:"أنا وأخواتي كنا نتسابق في مساعدة أمي في ترتيب البيت وإعداد الطعام لاسيما في شهر رمضان، بينما بالمعهد كل شيء جاهز و ما يمكننا فعله هو المساهمة في ترتيب صالة الضيوف".

وأبدت إيمان سعادتها لأنها علمت أنها ستخرج برفقة مربيتها في المعهد لشراء ملابس جديدة للعيد.

ومع كل رمضان سيبقى أطفال معهد الأمل للأيتام يفتقدون للأجواء الأسرية كغيرهم من الأطفال الذين تجمعهم مع ذويهم لحظات الألفة والسعادة لاسيما على موائد الإفطار.

 

 

البث المباشر