تسعى دولة الاحتلال إلى تمكين علاقاتها مع دول عربية، في محاولة منها لتحسين موقعها في المنطقة، وللضغط على الفلسطينيين لإنهاء الصراع معها، باعتبارهم الخطر الأكبر والاقرب الذي يهددها على الدوام، لهذا تعمل "إسرائيل "وفق استراتيجية جديدة، وهي إنهاء الصراع عبر البوابة العربية، لا الفلسطينية كما كان في السابق، وهذا تمامًا ما أشار إليه رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في مقابلة تلفزيونية مع شبكة سي.أن.أن الأمريكية في شهر يناير الماضي، وقال: "كنا نعتقد في السابق أننا إذا انهينا الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، فإننا سنتمكن من حل صراع أكبر، وهو الصراع العربي-الإسرائيلي، لكن أتضح لنا لاحقا أن العكس هو الصحيح، ونعمل حاليًا من أجل تحقيق هذه الغاية".
هذا الاعتراف الذي أدلى به نتنياهو، يؤكد أن دولة الاحتلال تعمل في المرحلة القادمة على اتخاذ سياسة الإعلان الرسمي عن علاقاتها مع دول عربية، لأنه باعتقادها سيعطيها الشرعية التي كانت تبحث عنها سابقًا، وأنه سيشكل لها درع حماية، وقوة ضاغطة على الفلسطينيين لإنهاء الصراع رسميا وعلنيا وعمليا.
وحتى تتمكن دولة الاحتلال من تحقيق ذلك، تعمل على إحداث الفتنة الطائفية في المنطقة، وسوريا خير شاهد على ذلك، فـ "إسرائيل" كانت اللاعب الرئيس في أراضيها، وكان مخططها ينص على تقسيم سوريا طائفيًا، حتى تستطيع السيطرة عليها، وهذا ما أكده موشيه يعلون وزير الحرب الصهيوني في كلمته التي ألقاها أمام مؤتمر ميونخ منتصف الشهر الجاري، وقال: "إن إسرائيل مستعدة لتطوير استراتيجية مشتركة مع عدد من الدول العربية السنية فيما يتعلق بسوريا"، فمن الواضح من تصريح يعلون، أن دولة الاحتلال تعمل وفق خطين متوازيين، هما تقسيم الدول العربية إلى طائفتين سنية وشيعية، وإيجاد عدو جديد بديلا عنها في المنطقة، هذا المخطط سيؤدي حتما إلى تصارع الدول العربية فيما بينها، حتى تضمن لنفسها أن تكون الأقوى في المنطقة دون منازع.
وهذا ما يفسر تصريح يعلون في ميونخ "تقسيم سوريا طائفيا يبدو شبه حتمي وهذا الخيار الأفضل لنا"، ولا نغفل نتنياهو الذي لعب على وتر التقسيم والتفضيل بين الدول العربية في حديثه لسي.أن.أن: "إسرائيل والدول العربية السنية ليستا على طرفي النقيض"، وقال أيضا في ذات المقابلة: "إيران وداعش وجهان لعملة واحدة، والعرب سيضطرون لطلب المساعدة من إسرائيل لمواجهة هذين الخطرين، ما يؤدي إلى تقارب عربي-إسرائيلي"، وهذا تأكيد آخر أن الاحتلال الصهيوني، يريد إضعاف الدول العربية حتى تخضع وتتذلل لها، وهذا لا يدع مجالًا للشك بأن دولة الاحتلال لاعب أساسي في المنطقة، وهي التي تجلب الحروب والويلات للمنطقة العربية عبر بوابة الطائفية، وبذلك تسعى إلى أمور ثلاثة يجب إدراكها جيدًا:
1- تقسيم الدول العربية.
2- إخضاع العرب.
3- إنهاء القضية الفلسطينية، والقضاء على كل عوامل دعم المقاومة الفلسطينية.
وبهذا تكون دولة الاحتلال الصهيوني، قد شكلت سيطرة لها ونفوذًا في المنطقة العربية، ما يتطلب من شعوبنا العربية والإسلامية، أن تستدعي وعيها أن "إسرائيل" هي العدو الأوحد لنا، وأنها هي التي تسعى إلى تخريب وتدمير منطقتنا حتى نكون عبيدًا لها.