مقال: حكومة التيه الفلسطينية للعام الثالث على التوالي

​إبراهيم المدهون

عامان كاملان مرا على حكومة لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم، وتنأى بنفسها عن أي دور حقيقي وفعال في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية فالواقع أشد مرارة، فهناك حاكم عسكري إسرائيلي هو الناهي والامر، وما هذه الحكومة إلا شاكلة لطيفة لا تملك من امرها ضرا أو نفعا.

لا شك أن الحكومة خيبت آمال الفلسطينيين وصدمت وعيهم، حتى فضلوا الانقسام والاقتتال على هذه السياسة العدمية والتي تتسع فيها دائرة الفراغ يوما بعد يوم، وتتعطل المؤسسات الرئيسية مؤسسة مؤسسة، فأضحت غزة ما بين خيارين احلاهما مر، أما الركون للفراغ والفوضى والتشظي او البحث عن بدائل اخرى تتجاوز فيهم الحكومة والرئاسة والسلطة، وتتجه لقرارات خطيرة. حكومة الوفاق همشت نفسها بنفسها.

وفشلت كحكومة للكل الفلسطيني فظهرت بثوب فئوي اقصائي، واتخذت سياسات تمس باستقرار القضية وتعريض الواقع الفلسطيني في قطاع غزة للخطر، وذلك عبر تسريح أكثر من 50 ألف موظف يمارسون اعمالهم عبر الجهاز الاداري والامني المحكم. تدرك الحكومة ان هذا المطلب مستحيل ولن يتحقق، ولكنها اخذته حجة لكي تبتعد عن حمل أعباء المرحلة الحساسة، ويبدو أن الرئيس عباس متمهل في حل الاشكاليات، ولا يرغب فعليا بإنهاء حالة الانقسام دون القضاء على خصمه السياسي نهائيا كما فعل السيسي في مصر، وإلا لما توانى عن وضع سياسات اصلاحية عاجلة، ولفعل الاطار القيادي المؤقت، ولأعلن عن الانتخابات الحكومة كانت قادرة على استيعاب الحالة واستثمار الحاجة الملحة لدى القوى والفصائل لترتيب البيت بسرعة وحكمة، الا انها فضلت التمركز في ذاتها والابتعاد عن اتخاذ قرارات جريئة.

اليوم الحكومة غائبة في غزة مما ادى لترك فراغ واسع، هذا الفراغ لن يستمر طويلا هناك تفكير جدي لدى القوى الحية في القطاع للخروج بقرارات جريئة والعمل على تشكيل حالة فلسطينية تتخطى قيود المقاطعة ومماطلتها، فهناك اكثر من 2 مليون فلسطيني يعانون من الحصار وتهميش الحكومة المستمر لقطاع غزة، فحتى اللحظة الحكومة لم تقنع اهالي غزة انها حكومتهم وتنتمي اليهم.

كما ان الحكومة فشلت في رفع الحصار عن قطاع غزة وتحسين حياة السكان مما ادى لزيادة حالة الاحباط والسخط من هذه الحكومة، وحتى اللحظة لم ترسم خارطة طريق واضحة للخروج من الازمة ولا يوجد تحرك جدي ومركز ومطمئن عبر خطوات استراتيجية وترتيبية.

ومع هذا ما زال امام هذه الحكومة فرصة لكي تملا الفراغ قبل فوات الاوان، وتثبت نفسها وتحتوي الحالة الفلسطينية بصعوباتها وتعقيداتها وهناك عوامل مساعدة لو توافرت النية، فالساحة مفتوحة امام السيد رامي الحمد الله لالتقاط اللحظة واخذ دور حقيقي في قطاع غزة بشرط استيعاب التنوع ونفس قطاع غزة المقاوم، والعمل الفوري لإنهاء اشكالية الموظفين، والتماشي مع الواقع المعقد بحكمة ووطنية ومرونة.

البث المباشر