بعد أيام قليلة فقط من قبول حماس المشاركة وتسهيل انتخابات البلدية احتدم الصراع الانتخابي، وبدأت فعليا العملية الانتخابية وحتى الدعاية والتحشيد ورصد المتغيرات، وبدأت السلطة تحاول تقليل سيطرة حماس على مجالس بلديات الضفة، فنفذت عمليات اعتقال لأهم المتفاعلين مع انتخابات البلدية من حركة حماس، كما الاعتماد على الأكاذيب ونشر الشائعات التي تمس بحركة حماس، واستخدمت أساليب "قذرة" في تشويه الخصم، وأطلق الرئيس محمود عباس مجموعة مراسيم تتدخل في الانتخابات، وحجز كوتة للمسيحيين من غير توافق، وحدد لهم أيضا مقاعد لرئاسة مجالس بعض البلديات.
للأسف كوتة المسيحيين التي ابتدعها الرئيس محمود عباس في انتخابات البلدية تعزز الطائفية غير الموجودة، وتطرحها وتنفخ في نارها، كما أن المسيحيين لم يطالبوا بها لأنهم لا يتجزؤون عن الوطن، وليسوا بمعزولين مضطهدين بل هم جزء أصيل من شعبنا، وقد رفضتهم بعض الاصوات ومن المحتوم أن الرئيس عباس لم يطرحها حبا بهم بل نكاية في خصومه السياسيين، وتعكيرا للأجواء الانتخابية لا أعتقد أن حماس لديها حساسية من المسيحيين، وقبل ذلك أدخلت بقوائمها منهم، والكثير انتخبها ويشاركها النضال والمقاومة.
من معرفتي بحركة حماس هي لن تضع هذا القرار الفردي الغريب كمعرقل للعملية الانتخابية، إلا انه بلا شك نكت في العملية نكتة سوداء، ووضح نوايا الرئيس الحقيقية وأنه غير معني بالانتخابات ونجاحها.
مخطئ من يُحمل الانتخابات أكثر مما تحتمل، وإن كانت لها أبعاد سياسية، وقد تعطي صورة تقريبية لحجم ونسبة الفصائل في الشارع الفلسطيني وحجم التأييد، إلا أنها تبقى في النهاية انتخابات بلدية هدفها الخدمة والإدارة التفصيلية الخاصة بحياة المواطن اليومية، ولا تتدخل في السياسات العامة، ولولا أن خُبزنا مسيس، وكهرباؤنا واسمنت البناء، لما تعاركت البرامج السياسية وتقدمت، ونصيحتي بتقليل الحدية السياسية في التعاطي مع هذه الانتخابات، وفسح مجالات أوسع للكفاءة والخدماتية.
ولنعلم أن في حال فوز فتح أو حماس بأغلبية في هذه المجالس، فلن تنزع عن أي منهما الشرعية، فحماس لها امتداد جماهيري واسع، وشرعيتها وطنية مستمدة من نضالها وسلاحها ومقاومتها، كما أن حركة فتح ذات قاعدة جماهيرية لا تقل عن حماس، وتستمد شرعيتها من منظمة التحرير والاحتضان العربي الرسمي للمنظمة.
ولنعلم أن هذه الانتخابات ليست لمرة واحدة فقط، ونتائجها مهما كانت ليست الضربة القاضية، فاليوم يفوز سين وغدا صاد، وقد تفوز حماس في البلديات وفتح في التشريعي وحماس بالرئاسة، وعلينا العمل والبدء باستيعاب أن الانتخابات أسلوب يعزز الشراكة لا الإقصاء، التكامل لا الحسم، العمل الجمعي الجماعي لا الفردي، وكل أملنا في نجاح هذه التجربة، ويختار الشعب ممثليه في مجالس قادرة على خدمته وتمثيله