قائد الطوفان قائد الطوفان

على ضوء حرق صور عباس

مسيرة أنصار دحلان بغزة تنهي وساطة الرباعية العربية لإعادته لفتح

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

فايز أيوب الشيخ

تسود أطر حركة فتح الرسمية حالة من الغضب، بعد خروج أنصار القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان بمسيرة الخميس الماضي بمدينة غزة، هتفوا خلالها ضد القائد العام للحركة محمود عباس وأحرقوا صوره، في مشهد عكس انتهاء وساطة اللجنة الرباعية العربية لإعادة توحيد حركة فتح وعودة المفصولين إلى الحركة وعلى رأسهم دحلان.

وأثارت المسيرة التي نظمها تيار دحلان، هاجساً خطيراً لدى عباس وتياره، على اعتبار أن ذلك "تمرداً علنياً على قيادة فتح، وتجاوزاً لكل الخطوط الحُمر، يستدعي التغيير الجذري لقيادة فتح في غزة". فمؤخراً ذكرت مصادر موثوقة لـ "الرأي اليوم" أن عباس استدعى القياديين البارزين في فتح أحمد حلس، وأحمد نصر إلى مقر المقاطعة بمدينة رام الله، ضمن مساعيه الحالية لتشكيل قيادة تنظيمية جديدة للحركة في القطاع بدلاً من الحالية، وذلك للتصدي لما يعرف بتيار دحلان.

لا معنى ولا دلالة!

وعلى ضوء ما سبق، نفى إبراهيم أبو النجا عضو الهيئة القيادية العليا لحركة فتح في قطاع غزة، أن يكون قد جرى أو سيجري في المستقبل القريب تغيير الهيئة الفتحاوية في غزة، مشيراً إلى أن لقاء نصر وحلس بعباس في رام الله ليس له علاقة بهذا الخصوص، قائلاً: "لا دخل للقاء بأي تغيير على الإطلاق، والخبر ليس صحيحاً لا من قريب ولا من بعيد".

وأوضح أبو النجا في حديث خاص لـ "الرسالة" أن طبيعة اللقاء بين القيادين حلس ونصر بعباس عادية، وتمحورت حول القضايا العامة لشعبنا إلى جانب القضايا الخاصة بفتح، لافتاً إلى أن هيئته ماضية في عملها وتقوم بوضع اللمسات الأخيرة للمشاركة في المؤتمر العام السابع، على حد قوله.

وقلل أبو النجا في سياق متصل، من حجم المسيرة التي نظمها أنصار دحلان في غزة مؤخراً، معتبراً "خروجهم لا معنى له ولا دلالة"، لافتاً إلى أن المسيرة جاءت –وفق ما وردهم من معلومات-بعد حصول من يسمون أنفسهم "نواب فتح" إذناً من وزارة الداخلية في غزة بإقامة المسيرة.

ويرى أبو النجا أنه كان يجب على "الأمن" متابعة ما فعله هؤلاء "القِلة" خلال المسيرة على اعتبار أن "الأمن" لا يمكنه أن يوافق على ذلك، معرباً عن تأكيده بأنه لو كان يعرف "الأمن" أنهم سيلجأون إلى حرق صور عباس لما أعطاهم إذناً بالموافقة على المسيرة من الأصل.

استفزاز أدى للقطيعة

وفي قراءة تحليلية لتبعات المسيرة الفتحاوية الأخيرة والتي أُحرقت فيها صور عباس، فقد ذكر الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب، بأن دحلان استفز بذلك الرئاسة الفلسطينية واستفز حركة فتح، وشكل هذا الاستفزاز –في نفس الوقت- قطيعة نهائية بين تياره وتيار عباس، وذلك حتى لو احتفظ الطرفان بمسمى حركة فتح. وأضاف أن المظاهرة الفتحاوية لم تحقق لدحلان القوة الواضحة والمحددة من ناحية، كما أنها لم تمنع فتح ملفاته وملفات فريقه من قبل فريق عباس من ناحية أخرى.

ورغم أن حبيب لا يرى في حديثه لـ "الرسالة" فرصة جدية وحقيقية لعقد المؤتمر الفتحاوي السابع أواخر العام الجاري، إلا أنه اعتبر إصرار عباس على عقده لا يأتي فقط في سياق قطع الطريق على دحلان، وإنما يأتي في السياق المتعلق بتدخل الدول العربية من أجل إعادة اللحمة لفتح، لافتاً إلى أن رد عباس على التدخل العربي كان في البداية إيجابياً، ولكنه بعد أيام قليلة عاد ليتذكر الشعارات الضرورية في هذه المناسبة ليشير إلى ما يسمى استقلالية القرار الفلسطيني كرد على هذه الدول وتدخلها.

وحول فرص تغيير قيادة فتح في غزة، ذكر حبيب أن السنوات الأخيرة شهدت عدة تغييرات في إطار قيادة فتح، ولكن هذه التغييرات دائماً ما تم نسفها لأنها لم تستجب لقواعد الحركة حتى للقواعد المختلفة فيما بينها، وبالتالي من الصعب نجاح أي قيادة جديدة لفتح(..)، وتابع "قد تتشكل قيادة جديدة ولكن مدى نجاحها في استقطاب التيار الفتحاوي التقليدي أي الرئاسي، أعتقد أن هذا الأمر بحاجة إلى كثير من التردد في القول من أنه يمكن أن تنجح".

رسم تحالفات جديدة

ومن ناحية تحليلية أخرى، فقد اعتبر الكاتب والمحلل السياسي يوسف رزقة، أن المشهد الواضح هذه الأيام يحكي القصة الداخلية الموجودة في فتح كحركة منقسمة ومتمزقة، سواء كان ذلك في المشهد الذي رسمه نواب فتح وخروجهم بمسيرة ضد عباس في غزة أو غيره من المشاهد الأخرى لفتح.

وذكر رزقة لـ "الرسالة" أن كل المعلومات التي ترشح عن المؤتمر السابع وقرب انعقاده توحي بهذه الحالة من حالات الانقسام الفتحاوي، مشيراً إلى أن مصادر معلوماتية تتحدث على أن هناك شبه تأكيد على انعقاد المؤتمر أواخر العام الجاري، وهذا قد يقطع الطريق على دحلان ورجاله داخل أجهزة فتح ومكوناتها المختلفة.

وأضاف "ليس هناك ما يؤكد على وجه اليقين أن مصر ستسمح لدحلان بأن يجمع أعضاء فتح في القاهرة في مقابل المؤتمر السابع الذي يعقده عباس، وبالتالي هذه هي صورة الواقع لحركة كانت كبيرة وقائدة للحركة الوطنية في فترة من الفترات، ولكن الخصومات الداخلية أكلت عمودها الفقري فأصابها حالة من التفسخ والهزال والذي كان مشهده إحراق صور قائدها العام في وضح النهار".

ويرى رزقة أن المؤتمر السابع المزمع عقده سيرسم حالة من التحالفات يقودها عباس وشخصيات موازية له في هذا المشهد، غير أن ذلك لا يمكن أن يجعل فتح تلتئم على ما كانت عليه في عهد الرئيس الراحل أبو عمار، وخاصة في هذه الظروف التي تشهد تمزقاً داخلياً بعضه معلن وبعضه مخبأ تحت الرماد.

البث المباشر