قائد الطوفان قائد الطوفان

الموساد في قفص الاتهام

غزة والمبحوح و"الحرية"..أشباح تلاحق "إسرائيل" في أوروبا

باسم عبد الله أبو عطايا

ورطة ... أخيرا أقرت " إسرائيل " أنها تعيش في ورطة وان كل محاولاتها لتجميل الصورة قد باءت بالفشل ، وان العالم لم يعد يستطيع تحمل انتهاكات "إسرائيل" للقانون الدولي، ولسوء حظها فالمصائب لا تأتى فرادا ، فبعد تقرير غولدستون الذي وضع قادة دولة الاحتلال على قوائم مجرمي الحرب وجرائم ضد الإنسانية ، جاءت قضية اغتيال الشهيد محمود المبحوح في دبي من اجل كشف المستور وفضح جرائم "إسرائيل" وانتهاكاتها وتحقيرها للدول التي تقيم معها علاقات قوية ومتينة ، ثم كانت الفضيحة الأكبر وما حدث من جرائم وقرصنة دولية  ضد مجموعة من المتضامنين ودعاة السلام فيما عرف ب" أسطول الحرية " وفى خضم الصراع حول محاولة " إسرائيل " الهروب من لجنة تحقيق دولية ، عادت إلى واجهة الأحداث من جديد قضية اغتيال المبحوح باعتقال احد رجال  الموساد المتهمين بالاشتراك فى هذه الجريمة .

اعتقالات وطرد

البداية كانت في وارسو العاصمة البولندية التي تقيم علاقات قوية مع " إسرائيل " والتي أعلنت نبأ اعتقال الإسرائيلي، أوري برودسكي المتهم بالمشاركة في اغتيال الشهيد المبحوح ، مجلة "دير شبيغل"  الألمانية كانت أول من كشف عن هذا الاعتقال .

"برودسكي " اعتقل  بناء على أمر اعتقال أصدرته ألمانيا، مشتبه بأنه يعمل لصالح الموساد، وأنه قدم مساعدة لوجيستية لتزوير جواز سفر ألماني تم استخدامه من قبل المجموعة التي أقدمت على اغتيال المبحوح.

وستوجه إليه تهمة التجسس وتزوير وثائق والعضوية في جهاز تجسس أجنبي، وليس بمخالفات تتصل بشكل مباشر باغتيال المبحوح.

صحيفة "هآرتس" نقلت عن مصدر بولندي قوله إن النشر في "دير شبيغل" عن الاعتقال هو نتيجة تسريب متعمد لمنع إطلاق سراحه الفوري وإعادته إلى "إسرائيل".

الناطقة بلسان النيابة العامة في بولندا قالت إن بلادها معنية بتسليم ألمانيا المعتقل الإسرائيلي، ، المتهم بالمشاركة في اغتيال القيادي في حركة حماس الشهيد محمود المبحوح في دبي.

وجاء أنه رغم طلبات إسرائيل بعدم تسليم المعتقل لألمانيا، إلا أن الناطقة بلسان النيابة العامة قالت إن المدعي العام سوف يطلب من المحكمة في وارسو الاستجابة للطلب الألماني بتسليمه.

بولندا لم تكن الوحيدة التي اتخذت قرارا بالتحرك في هذا الاتجاه فقد لحقت بها السلطات الأيرلندية التي  قررت طرد دبلوماسي إسرائيلي في أعقاب استعمال جهاز الموساد جوازاً ايرلندياً مزوراً في عملية اغتيال القيادي المبحوح.

وقالت الحكومة الايرلندية أنها طلبت من "إسرائيل " سحب أحد العاملين بسفارتها في دبلن بسبب استخدام جوازات سفر مزورة في عملية اغتيال المبحوح.

وقال وزير الخارجية مايكل مارتن في بيان "التحقيق الذي أجراه مكتب الجوازات أكد أن جوازات السفر الايرلندية الثمانية التي استخدمها أشخاص يشتبه في قتلهم المبحوح مزورة."

وتابع "إساءة استخدام جوازات سفر ايرلندية من جانب دولة تتمتع بعلاقات ودية معها... وبعلاقات ثنائية أمر غير مقبول تماما ويتطلب ردا قويا."

وقد سبق أن طردت الحكومة الأسترالية احد دبلوماسيي البعثة الإسرائيلية لثبوت تورطه في عملية تزوير جوازات سفر استرالية استخدمت في عملية الاغتيال.

الحكومة البريطانية أيضا كانت قد اتخذت إجراء مشابها في مارس/آذار الماضي بعد أن بين التحقيق الذي أجرته بوجود أدلة دامغة تثبت تورط السلطات الإسرائيلية باستخدام جوازات سفر بريطانية مزورة في عملية اغتيال المبحوح.

هذه التحركات في الساحة الأوربية التي تعبر الملعب الأفضل للموساد ادخل " إسرائيل " في حالة من الذهول والرعب سببه قناعة الإسرائيليين انه لم يعد هناك حصانة لأحد وانه لا يمكن أن تنتهك "إسرائيل" حقوق دول دون أن تدفع الثمن ودون ان تحصل على العقاب المناسب ، وقد يكون إلغاء مشاركة أيهود باراك في معرض الأسلحة في باريس خير شاهد ودليل على ذلك بعد خشيته من الاعتقال على خلفية إعلان بعض الفرنسيين تقديم دعوة قضائية ضده بسب جريمة القرصنة ضد أسطول الحرية مطلع هذا الشهر .

اعتراف وخشية

اعتقال بوردسكي في بولندا شكّل صدمة شديدة وضربة قوية للموساد الإسرائيلي يرجع ذلك إلى  المستوى الذي وصلت إليه علاقات الموساد مع أجهزة الأمن الأوروبية بحيث لم يعد بالإمكان حل إشكالات كهذه بعيدا عن وسائل الإعلام وسيادة القانون. وثمة من يعتقد بأن الأجوبة على الأسئلة لم تعد سهلة، ولكن يمكن تلخيصها بعبارة: العالم تغير، وقواعد اللعبة تغيرت.

وإسرائيل التي لاحقها القانون الدولي والقانون الإنساني لجرائمها في حربي لبنان وغزة تجد نفسها ملاحقة أيضا بسبب عملياتها السرية.

الخشية باتت اكبر على المستوى السياسي, فقد نقلت  مصادر مقربة من الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس, انه بات يشعر في الآونة الأخيرة بالقلق على مستقبل إسرائيل جراء تدهور الوضع السياسي وتدني منزلتها في المجتمع الدولي.

وأوضحت تلك المصادر أن بيرس يشعر بالقلق أيضا من إمكانية أن تتحول المقاطعة التلقائية لإسرائيل إلى مقاطعة اقتصادية منتظمة.

وذكرت صحيفة معاريف أن وضع الرئيس الإسرائيلي كئيب جدا في الآونة الأخيرة جراء التدهور السريع في مكانة إسرائيل بين دول العالم مرد هذا القلق أيضا الخشية من نضوج  فكرة المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل  التي بدأت تظهر في أوروبا الشمالية في الأساس, وأكد خلال محادثات مغلقة أن هذه الظاهرة يمكن أن تمتد وتزداد وتصل إلى دول أخرى.

أما المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية يجتال بلمور فقد  اقر بتآكل مكانة إسرائيل على الساحة الدولية خلال الفترة الأخيرة ،وقال - في تصريح لقناة (الجزيرة) الفضائية - "لا شك أن هناك تآكلا فى مكانة إسرائيل، فهناك بالفعل مشكلة كبيرة بين ما تقوله حكومة إسرائيل وما تفعله".

وأضاف "إسرائيل تتعرض لانتقادات شرعية وأخرى غير شرعية، كما أن هناك مشكلة في التغطية الإعلامية وهذا ما يؤدى للضغط على إسرائيل".

يغض النظر عن الاعتقال أو الطرد ، أو حتى المحاكمة بحكم كبير أو صغير لكن الحقيقة باتت واضحة أن "إسرائيل" فشلت  في إقناع العالم بدور الضحية وانها الدولة الضعيفة المحاطة بمجموعة من الدول العربية في الشرق الأوسط والتي تحتاج إلى حماية ودفاع عن نفسها ما عادت تستطيع أن تخدع العالم وارويا خصوصا بهذه الصورة فالعالم عرف "إسرائيل" عن قرب بالصوت والصورة في حرب غزة وفى جريمة اغتيال المبحوح وفى القرصنة بعرض البحر ضد " أسطول الحرية ", لكن هذه الصورة يجب أن تبقى عالقة في الأذهان اكبر فترة ممكنه ويجب العمل على تغذيتها بكل المعلومات وفضح كل الجرائم الإسرائيلية والحديث إلى أوربا بلغتها.

البث المباشر