سلسلة من الاجراءات لتشديد الخناق على غزة ينفذها رئيس السلطة محمود عباس و "إسرائيل" فكلاهما يتسابقان في تفاقم الأزمة الانسانية سواء بقطع مخصصات الأسرى وذوي الشهداء أو تقليص الكهرباء التي بات يراها المواطن أربع ساعات كأقصى حد يوميا.
وسائل إعلام إسرائيلية كشفت مؤخرا، عن جملة من المطالب الإسرائيلية والأمريكية للسلطة الفلسطينية بهدف العودة إلى مفاوضات التسوية بينها قطع رواتب الأسرى، فاستجابت السلطة لهم.
و في المقابل استجابت "إسرائيل" لمطلب السلطة بخفض امدادت الكهرباء لقطاع غزة و تقليص عدد ساعات وصل الكهرباء في بعض المناطق إلى ثلاث ساعات يوميا، وفق ما أوردته صحيفة هارتس العبرية.
والجدير ذكره، أن حكومة رامي الحمدلله، أعلنت أنها لن تدفع ثمن فاتورة الكهرباء التي توفرها (اسرائيل) إلى قطاع غزة، وكما يبدو، فإن التنسيق في ادارة الأزمة وتشديد الخناق على قطاع غزة من شأنه أن يؤدي إلى التصعيد العسكري وتفاقم الأزمة الإنسانية وتدهورها.
وكان عباس قد أبلغ "إسرائيل" مؤخراً نيته تقليص الأموال التي تدفعها السلطة لقاء كهرباء القطاع بما نسبته 40% وذلك بهدف الضغط على حماس.
انعكاسات اقتصادية واجتماعية
اشتداد الأزمة على قطاع غزة بلغت ذروتها، خاصة بعد زيارة الوفد الحمساوي إلى مصر ومناقشة أبرز الملفات العالقة، الأمر الذي جعل السلطة تتخبط كونها تسعى لعزل حماس عن الساحة السياسية خاصة وأنها تستغل الظروف المحيطة في المنطقة.
المختص في الشأن السياسي حسام الدجني يعقب على ذلك بالقول:" السلطة الفلسطينية قائمة على التنسيق الأمني وتنفيذ الاتفاقيات التي وقعتها مع إسرائيل والمجتمع الدولي، حتى وصلت لدرجة التماهي والطلب من الاحتلال تقليص الكهرباء عن غزة، رغم رفص "إسرائيل" العقوبات الجماعية".
وبحسب متابعة الدجني، فإن الأزمة الخانقة التي يعيشها قطاع غزة لها انعكاسات اجتماعية واقتصادية وسياسية أيضا، الأمر الذي ينذر بانفجار عسكري.
وعن بلوغ الأزمة ذروتها على ضوء زيارة الوفد الحمساوي لمصر، يرى المحلل السياسي الدجني، أن هناك حالة استفزاز ورفض للحراك الذي حدث في القاهرة من قبل السلطة دفعها للضغط على "إسرائيل" بخنق قطاع غزة حتى يكون ذلك ضغطا على مصر كي لا تتحمل مسئولية القطاع كونها ترفض أن يكون لها وصاية عليه.
وفسر قوله السابق، أن مصر والفلسطينيين في قطاع غزة على حد سواء يرفضون الوصاية المصرية على القطاع لتحمل مسئوليته، لافتا في ذات الوقت أنه يخالف القانون الدولي الذي يحمل "إسرائيل" مسئوليتها تجاه غزة في حال وقع الانفجار.
ارضاء للإدارة الأمريكية
وكانت صحيفة يديعوت أحرنوت نشرت كاريكاتيرا ساخرا لرئيس السلطة "عباس" وهو يقلص الكهرباء عن غزة ويتلاعب بها، وهذا ما يؤكد ما نقلته القناة العبرية الثانية، عن مسؤولين فلسطينيين خلال اجتماع مع وزير المالية الإسرائيلي موشيه كاحلون ومنسق أعمال الحكومة الاسرائيلية يؤاف مردخاي، "لن نساعد حماس انهم يهاجموننا ويهاجمون الرئيس أبو مازن".
كما ونقلت صحيفة هارتس العبرية، عن مسئول إسرائيلي رفيع المستوى قوله بأن الوزراء تبنوا توصية الجيش عدم تخفيف الحصار المفروض على حركة حماس والعمل بناءً على قرار رئيس السلطة محمود عباس بتقليص الأموال التي تدفعها السلطة لقاء كهرباء القطاع.
وأضاف المسئول أن قائد الأركان "غادي آيزنكوت" ورئيس شعبة الاستخبارات "هرتس هليفي"، بالإضافة لمنسق المناطق "بولي مردخاي"، وصفوا الوضع بقطاع غزة على أنه متدهور طوال الوقت، وبينوا ان مساً إضافياً بتوريد الكهرباء من شأنه التعجيل بالتصعيد على جبهة القطاع.
الكاتب السياسي ابراهيم المدهون أشار الى زيادة التنسيق ما بين الاحتلال والسلطة، لاسيما في ظل التفاهمات التي بدأت تترجم على الأرض ومنها فصل قطاع غزة عن الضفة المحتلة، بالإضافة لتراجع الاهتمام بالقضايا الجوهرية كالقدس والأسرى الذين تخلت عن احتضانهم واعطائهم مستحقاتهم.
وأوضح أن ما تقوم به السلطة تجاه قطاع غزة والضفة يتطابق تماما مع السياسات الاسرائيلية، عدا عن الحال الذي وصلت إليه وهو عدم التطلع للانتقال لأي مرحلة سياسية جديدة.
ولا يتوقع الكاتب السياسي، وقوع أي انفجار عسكري في قطاع غزة، بل سيكون هناك فصل حقيقي لغزة والضفة المحتلة، حيث سيتم ادارة الأخيرة من قبل رؤساء البلديات بالتنسيق مع الاحتلال الاسرائيلي.
ووفق رؤيته، فإن ما ينفذه رئيس السلطة "عباس" يأتي في سياق ارضاء البيت الأبيض وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يتبنى السياسة الاسرائيلية ويعمل على تفتيت القضايا الفلسطينية، مشيرا إلى أن رئيس ينتهك قضايا كان يعتبرها سابقا خطوط حمراء كالأسرى والقدس الذي ينتصل من مهامه تجاهها.