بقلم: هبة الكحلوت
كانت هنا منذ سنين ولكنها لم تغادر ذاكرتي تلك المرأة العجوز ذات الشعر الأبيض . غفى الابن على نغمة هذه القصة.. بكى أبو احمد ومسح دموعه بمنديل اشتراه لمسيرة الغد ولكنه استعمله قبل أن ينتبه لان دموعه باءت بالفشل.. توضأ ونام.
التفت على الساعة إنها الواحدة صباحاَ ... أخذته ذاكرته إلى ما قبل الميلاد اخذ يتتبع خارطة الوطن من كتب التاريخ وفنجان الشاي بجواره وهو يرسم عينان لوطن غاب عنه الذكر..
ذهب به وجدانه إلى أمه وأبيه, وكيف وقع ذاك اليوم عن شجرة الزيتون وكيف ضمته أمه إلى قلبها بينما كان القصف على وجنتيهما.
اخذ يبكي مجدداً ولم ينتبه للساعة وقف أمام المرآة ينظر إلى شاربه الأبيض..ويتساءل كيف مر الزمان ولم يتسنى له معرفة أخبار العائلة في الخارج وبين يديه بريد كتبه له أخيه منذ عاماً: "يا ترى لماذا أوقف كتاباته فجأة"، وفي يده الأخرى رسالة من أخته تذكره بحلول العام الجديد وباقة ورد ذبلت في الطريق: "لماذا هي الأخرى أوقفت كتاباتها لي".. في رأسه مئة سؤال.
وفي ثنايا وجدانه مئة ألف تذكار وهنا باقة زهور في عيد مولده وهذه تمثال لعام النكبة .. سخر من نفسه وأغلق كل الأبواب عله يجد منفذاً آخر لينقل به كتب التاريخ.. وضع القلم على الورقة وأسدل الستار وتمتم بحروف لم يجد لها تبرير وأغلق المصباح وقرأ فاتحة الكتاب لأرواح الآلاف ثم قال: "الحمد لله على كل هذا"، ونفث في قلبه صرخة تدوي إلى الآن في عروق البيت ونام....