قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: الستار الحديدي

وسام عفيفة مدير عام صحيفة الرسالة بغزة
وسام عفيفة مدير عام صحيفة الرسالة بغزة

بقلم/ وسام عفيفة

لا يمكن فصل الفزعة الأخيرة لسلطة المقاطعة المتعلقة بحجب المواقع الإلكترونية الاخبارية المزعجة لمحمود عباس عن سلسلة المحجوبات الانتقامية من غزة وأبنائها والتي طالت رواتب الموظفين، إلى جانب حجب الكهرباء، وحجب التحويلات الطبية والأدوية... ولا يزال الحجب على الجرار.

المثير في خطوة حجب المواقع تحديدا أنها تعيدنا إلى حقبة الأربعينات من القرن الماضي زمن الستار الحديدي وهو المصطلح الذي استخدمه ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني مارس   1946 وكانت العبارة تشير إلى سياسة العزلة التي انتهجها الاتحاد السوفيتي السابق بعد الحرب العالمية الثانية، إذ أقام حواجز تجارية ورقابة صارمة، عزلت البلاد ودول أوروبا الشرقية التي كانت تسير في فلكه عن بقية العالم.

عباس بدوره يسدل ستارا حديديا على الضفة الغربية يفصلها عن غزة تعبيرا عن حالة الانكماش السياسي والخوف من كل شيء حتى وسائل الإعلام التي تترصد عوراته الوطنية لهذا أصبح مصابا بأعراض الإعلام فوبيا.

سبب لجوء عباس لهذه السياسة القديمة المتمثلة بالحجب والملاحقة والعزل يتوافق مع ما أبدعه أحد الكتاب الصحفيين التابعين للمقاطعة عندما تغنى في وصف رئيسه وكتب مطبلا: "أبو مازن مثل جهاز الهاتف القديم أقل تطبيقات وألعاب وأقوى اتصال وبطارية".

من الطبيعي ألا يستوعب رئيس قديم غير محدث من فئة الأجهزة غير الذكية، تطور الطفرة المعلوماتية، وأن الادوات البالية زمن" حلق حوش" لم تعد تنطلي على طفل صغير يمتلك جهازا ذكيا يلف العالم عبر لمسة شاشة، كما لا تستطيع قرارات نيابة ولا حتى الأجهزة الأمنية العباسية حجب الصوت والصورة والكلمة، في زمن الفضاء الرقمي اللامحدود.

خلال إعداد الصوت العالي، كان عباس يطارد شاحنات الوقود المصري ويحاول عبثا عرقلة وصولها من مصر إلى محطة التوليد في غزة، بعدما تسرب عنه في اجتماع اللجنة المركزية أنه أقسم ألا يمر الوقود إلا على جثته، وقد استمات لدرجة تهديد العاملين في المحطة وإجبارهم على عدم استقبال الشاحنات ومنع تشغيل المولدات، ورغم ذلك مرت الشاحنات على جثته واحترق الوقود في التوربينات وأعصاب الرئيس "أبو محجوب".

البث المباشر