المتفوقة بدران.. حققت أمنية أبي وروحه تحلّق من حولي

صورة للمتوفقة بدران
صورة للمتوفقة بدران

الرسالة نت - محمد بلور

تستحق الطالبة المتفوقة حليمة نضال بدران رفع القبعة فقد حصلت على ترتيب الرابع على الفرع الشرعي بقطاع غزة بمعدل (97.7%) رغم استشهاد والدها وإصابة نصف الأسرة بجراح خطيرة.

كانت حليمة الناجي الوحيد من قصف مدفعية الاحتلال لمنزل الشهيد نضال بدران في (30) تموز من عام (2014) والذي أصيب فيه (7) من أشقائها وشقيقاتها منهم (4) بجراح خطيرة بعيد استشهاد والدها في قصف مغاير.

الناجي الوحيد

في حجرة الضيافة تلتصق حليمة بصورة مكبّرة للشهيد بدران الذي استشهد في حرب العصف المأكول عام (2014) ثم عاود الاحتلال قصف منزله بقذيفة مدفعية شديدة الانفجار تركت إعاقات قاسية في عيون وأجساد أبنائه التسعة.

تتحلى حليمة بعزيمة وثقة عاليتين وهي تصف مشوار الثانوية العامة الذي بدأ معها في ظروف ما بين متوسطة وصعبة خاصةً في ظل غياب والدها الذي شكل لها منذ صغرها عامل إسناد ودعم معنوي وتوجيه دراسي دائم.

وتضيف: "افتقدته كثيراً وغيابه كان تحدي كبير لكنني تدريجياً تغلبت على هذه الصعوبة وبدأت أسيطر على الدراسة فهو نفسه من أراد تميزي وتفوقي وطريق الامتياز هو طريق الله".

وتهدي حليمة تفوقها إلى معلمات مدرسة الرياض الثانوية في مخيم النصيرات بمحافظة وسط قطاع غزة اللواتي لم يقصرن في شرح الدروس ودعمن تفوقها بالنصح والإرشاد طوال العام الماضي.

وكانت حليمة قد اختارت دراسة الفرع الشرعي رغم تميزها في كافة المواد الدراسية خاصّة العلمية منها واجتهدت طوال العام الماضي متخطيةً جملة من الصعوبات.

آلام وجراح

في مثل هذه الأيام من تموز قبل الماضي وتحديداً ثالث أيام عيد الفطر دمّر الاحتلال أحلام الطفولة في منزل الشهيد نضال بدران واختطف أشلاء وأعضاءً من أجساد أطفاله التسعة.

في الحجرات المجاورة يسكن الوجع أجساد شقيقات وأشقاء حليمة فقد أدى انفجار قذيفة مدفعية إلى إصابة شقيقتها الكبرى إيمان (19) عاما بشظايا في ساقيها ونجت إحداهما من البتر بأعجوبة بعد انقطاع الأوتار وتهتك الأعصاب.

وتحتاج إيمان إلى عمليات تجميل متواصلة لتخطي الأزمة فيما لا تزال نوبات الصرع تداهم إبراهيم (17) عاما بعد إصابته بشظايا في إنحاء جسده وتضرر جهازه العصبي.

وتقول والدة حليمة (أم أحمد) إنها كانت تعتمد اعتماداً كلياً على حليمة في مساعدة أبنائها في دراستهم لكن مرورها بالثانوية العامة أجبرها على تركها تتفرغ لدروسها فقط.

وتتابع:" هناك أخوها محمد 12 عاما فقد نظر بالكامل من شظايا القذيفة وأيضاً حنان 14 عام تأثرت أعصاب يديها من الشظايا وتعاني من آلام وبحاجة لعمليات تجميل وكانت حليمة تساعدهم دوماً".

وعاشت الأم برفقة أبنائها التسعة عاماً خاصاً فقد كانت الثانوية العامة لابنتها حليمة سنة صعبة ومميزة في ذات الوقت فيما حافظت حليمة على رباطة جأشها وهدوء أعصابها ولجأت أحياناً إلى حضن أمها.

لو لم يكن خيارها هو العلوم الشرعية لشقت طريقها حليمة في الفرع العلمي فقد تميزت منذ الصف العاشر في المواد العلمية وحثّتها معلماتها على دخول الفرع العلمي.

وتقول حليمة:"طموحي هو دخول كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية، اليوم أقول واثقة إن سبب تميزي هو ثقتي بالله رغم كل ما عشته من آلام وجراح، كنت أرى توتر الطالبات في الامتحانات وأنا مع نفسي في كامل طمأنينة".

وتعاني أسرة بدران من حصار غزة الذي يحول دون استكمال أشقاء وشقيقات حليمة العلاج المناسب خارج قطاع غزة بعد أن رحل ربّ الأسرة عن البيت تاركا فراغا كبيرا.

وترى حليمة أن جسد والدها قد رحل في حين تحلّق روحه من حولها وتهدي نجاحها إلى والدها متوقعةً أن يدفع الاحتلال يوماً ما ثمن جرائمه بحق المدنيين والأطفال ومنهم أسرتها التي تعيش معها.

البث المباشر