تتجه سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) نحو فرض إجراءات جديدة في مدينة القدس عقب هزيمتها المدوية في معركة المسجد الأقصى التي انتهت بانتصار المقدسيين الذين أجبروا الاحتلال على إزالة البوابات الالكترونية وكاميرات المراقبة من محيط الأقصى.
وقد وافق الكنيست (الإسرائيلي) على مشروع قانون ما عرف إسرائيليا بـ "منع تقسيم القدس" أو "القدس الموحدة"، الذي ينص على منع القبول بتقسيم القدس حتى ضمن أي اتفاق سياسي مع الفلسطينيين إلا بموافقة 80 عضوًا من أعضاء الكنيست.
وبحسب ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، عن أحد أعضاء الكنيست، فإن هدف القانون الحفاظ على بقاء القدس عاصمة موحدة للإسرائيليين، وفق تعبيره.
ويسعى القانون لتكبيل أي مفاوضات مقبلة بين السلطة والاحتلال، وإقصاء القدس خارجها، وهو بمنزلة نهاية أي فرص لعملية التسوية، وفق رأي الكاتب أكرم عطاالله.
ويتزامن هذا الإجراء، مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن دعمه لاقتراح قانون يسمح بزيادة منطقة نفوذ بلدية الاحتلال في القدس، والتي تشمل مستوطنات "معاليه أدوميم" و"بيتار عيليت" و"غوش عتصيون"، وبعض المستوطنات الأخرى.
ويأتي ذلك ضمن مساعي حكومة الاحتلال لإحداث تغيير في الحدود التي تضعها للقدس، وفي إطار خطتها الرامية لتغيير ديمغرافيتها، التي تعتمد بالدرجة الأولى على زيادة عدد المستوطنين، مقابل تقليص عدد الفلسطينيين في المدينة المقدسة.
وبحسب المشروع الذي بادرت له كتلة الليكود في الكنيست، فإنه لا يشتمل على إحلال السيادة الإسرائيلية على المستوطنات، بل ستبقى تعمل تحت الحكم العسكري، علما أن اقتراح القانون يعطي بلدية الاحتلال صلاحيات على الأراضي المقامة عليها المستوطنات.
ويعتبر المختص في الشأن الإسرائيلي خالد العمايرة هذا المشروع، "خطوة استفزازية يهدف الاحتلال من خلالها لبسط سيطرته على القدس بالكامل تدريجيًا، في محاولة لتغيير ديمغرافية الأقصى، وإحلال اليهود بدلاً من الفلسطينيين".
وبالعودة إلى عطاالله، فإنه يوضح في حديثه "للرسالة"، أن الاحتلال زاد وتيرة المستوطنات بعد عملية التسوية، حيث يسابق الزمن، من أجل حسم ملف القدس قبل أي مفاوضات قادمة، من خلال بسط السيطرة الكاملة عليه وزيادة عدد اليهود فيه.
واعتبر تلك الإجراءات "جزءاً من الصراع الطويل الدائر بين الاحتلال والفلسطينيين، في المسجد الأقصى، والمدينة المقدسة".
إسرائيل تنتقم
ولا يختلف اثنان أن أحداث الأقصى الحقت الخسارة والهزيمة في الاحتلال، لذلك أراد أن يصب جام غضبه على مدينة القدس، من خلال فرض إجراءات جديدة، تسمح له بفرض سيادته على الأقصى، وفق ما يرى المختص في الشأن الإسرائيلي خالد العمايرة.
وقال العمايرة في حديث "الرسالة نت"، إن (إسرائيل) تحاول تعويض هزيمتها في الأقصى، من خلال إصدار قرارات استفزازية، من أجل إثبات وجودها في مدينة القدس.
وبيّن أن كل هذه الإجراءات الاحتلالية، تهدف للقضاء على إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، معتبراً إقدام (إسرائيل) على ذلك يلحق بها الضرر.
وتوّقع أن يُقدم الاحتلال على تنفيذ تلك القرارات عملياً على أرض الواقع، خاصة في ظل الانشغال العربي والدولي عن الأقصى، مستدلاً بالأحداث الأخيرة التي انتصر فيها المقدسيون بنضالهم، دون مساندة عربية أو إسلامية ودولية.
يولد انفجارا
ويبقى السؤال المطروح هنا، أنه في حال أقدم الاحتلال فعلياً على تنفيذ تلك المخططات، كيف ستكون ردة فعل المقدسيين؟
ويجيب المحللان على ذلك، أن أي إجراءات سيقدم عليها الاحتلال، ستولد انفجاراً لدى أهل المدينة المقدسة، على غرار ما حدث في المسجد الأقصى في الفترة الماضية.
وتوّقع المحللان أن تندلع مواجهات عنيفة في كافة أرجاء القدس وربما تتنقل إلى مدن الضفة بالكامل، رفضاً لإجراءات الاحتلال.
يذكر أن إجراءات الاحتلال الأخيرة في المسجد الأقصى، فجّرت حالة من الغضب الشديد بين أوساط المقدسيين، مما دفعهم لمواجهة الاحتلال على مدار أسبوعين، وانتهت بانتصار المقدسيين، وتراجعه عن تلك الإجراءات.
وتبقى الأيام المقبلة شاهدة على مدى تجرؤ الاحتلال على تنفيذ خطواته فعلياً في المدينة المقدسة، خاصة في ظل حالة الغضب الشعبي الفلسطيني عقب معركة الأقصى.