قائد الطوفان قائد الطوفان

الحمد الله يبحث عن موطئ قدم في الخارطة السياسية الجديدة

رامي الحمد الله
رامي الحمد الله

​غزة-محمود فودة

لا شك أن المشهد السياسي الفلسطيني الداخلي يمر في مرحلة مخاض، وإعادة ترتيب للأوراق بين أقطاب السياسة الأبرز في الضفة وغزة، والمحسوبين على المنطقتين في الخارج، مما يدفع السياسيين الفلسطينيين للبحث عن مقعد في الخارطة الجديدة، وهو ما ظهرت علاماته مؤخرًا على رامي الحمد الله رئيس حكومة رام الله.

في خطاب متلفز نادر، خرّج الحمد الله ليتحدث في السياسة، عن غزة والقدس والمفاوضات، ويظهر مواقفه التي يتبناها، رغم أن المقعد الذي أُوجد له برسم اتفاق الشاطئ ابريل 2014، لا يحمل سمة السياسية، بل تسيير الملفات الحكومية فقط.

خروج الحمد الله عن المسار الذي حدد له مسبقاً، لم يكن بمحض الصدفة، أو احتياج الموقف، بقدر ما هي رغبة سياسية لتقدم الصفوف، في ظل حالة السعي القائمة بين رجالات السلطة، ولا سيما في ظل تهاوي أسهم الرئيس محمود عباس بشكل متسارع.

ففي خطاب عبر تلفزيون فلسطين وهو الشاشة الرسمية للسلطة، دافع الحمد الله عن إجراءات السلطة التي تعاقب بها غزة حاليا، ودعا بشكل صريح لاستئناف المفاوضات مع الاحتلال الاسرائيلي، وكذلك حذر من فصل غزة وهي الاسطوانة المشروخة التي لا تسأم السلطة وهي ترددها، رغم أن الواقع يشير إلى تورطها فيما تحذر منه.

وكما كان لافتاً أن الحمد الله صدّر نفيه للترشح للانتخابات الرئاسية، رغم أن ألف باء سياسة تشير إلى أن حديث الرجل يعني العكس، إذ من الواضح أن نفسه تحدثه بإمكانية شغل المنصب، في هذا التوقيت، الذي جاء فيه الحديث تزامنا مع حالة الإعياء غير المسبوقة التي يمر بها الرئيس عباس.

ولعل الرجل يرى أن بإمكانه استغلال حالة الشرخ القائم بين تياري عباس والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، بأنه لا اتفاق داخل الحركة على شخصية لشغل منصب رئاسة السلطة والمنظمة والحركة في حال غياب الرئيس عباس، ويرتكن في ذلك على علاقات بناها مؤخرا مع قيادات أمنية داخل السلطة تمثل مفاصلا في تحديد مرحلة ما بعد عباس.

وكما أن الرجل قد يراهن على حالة القبول الدولي والاقليمي به كشخصية جديدة، تتبنى سياسات عباس في الملفات التي تعنيها وهي التي تحدث بها في خطابه الأخير، كالمفاوضات والتعامل مع غزة، ومحاربة حركة حماس وهذا ما ظهر من سيل الاتهامات التي وجهها الحمد الله في خطابه.

وعلى النقيض تماماً، قد يؤدي انكشاف نوايا الرجل في هذا التوقيت إلى سعي "ختيارية" السلطة وفتح إلى إقصائه عن المشهد في المرحلة المقبلة، إذ إنهم لو اجتمعوا على هذا القرار، فسيكون من السهل تطبيقه، خصوصا في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها القضية، والضعف الذي يصيب الرئيس عباس بصفته قائد دفة المناصب.

وفي التعليق على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة إن تاريخ رامي الحمد الله لا يسعفه ليتقدم الصفوف لشغل منصب أكبر من رئيس وزراء في المرحلة المقبلة، وإنه لا يملك جذورًا قوية تمكنه من التمدد في السلطة.

وأوضح أبو شمالة أن الحمد الله يلعب في الفراغ في هذا الوقت السياسي الحساس، ويحاول البحث عن مكان له، لكنه أفقد نفسه حالة التوافق، بتبنيه لسياسات عباس، والتي في مقدمتها العقاب الجماعي لسكان غزة، وهذا ما كان له أن يقع فيه بهذه السهولة إلا في حال رغبته بنيل مكافأة سياسية لاحقًا.

وأشار إلى أن الحمد الله خسر سياسيًا في هجومه على غزة، وكشفه عن رغبته في إخضاع حركة حماس لشروط الرئيس عباس، وهو الحديث الذي قد يتفهمه الشعب من عباس بصفته يعادي غزة وحركة حماس، لكن لا يمكن القبول به من شخصية أوتي به لشغل منصب يخدم فيها المواطنين في غزة قبل الضفة.

وفي نهاية المطاف، لا يمكن لرغبة الحمد الله أن تتحقق في ظل وجود شخصيات فتحاوية قوية يمكنها إزاحة الحمد الله، إضافةً إلى عدم التوافق عليه فصائليا، وهو الذي أفقد نفسه هذه الميزة، وكذلك أن إسرائيل ترغب في شخصية قوية تحكم السلطة، وليس تسيير أعمال حكومية كما اعتاد الحمد الله فعله.

البث المباشر