قائد الطوفان قائد الطوفان

ينتهك القوانين الدولية

الاحتلال يسعى للضغط على "حماس" بملف جنوده الأسرى

أرشيفية
أرشيفية

غزة–مها شهوان

لأول مرة منذ اندلاع انتفاضة القدس، يلوح المجلس الوزاري الإسرائيلي بدفن شهداء يحملون الهوية الزرقاء في مقابر الأرقام، وذلك في سياق الضغط على حركة حماس التي تأسر جنود إسرائيليين في قطاع غزة.

وكانت صحيفة "صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية كشفت أن وزير الحرب الإسرائيلي “أفيغدور ليبرمان” استجاب لطلب وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي “جلعاد أردان” بدفن شهداء فلسطينيين يحملون الهوية "الإسرائيلية" في مقابر الأرقام.

وجثامين الشهداء التي طلبت وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي دفنها في مقابر الأرقام تعود للشهداء مصباح أبو صبيح منفذ عملية إطلاق نار في القدس وقتل فيها مستوطنين في شهر أكتوبر من العام 2016، والشهيد الثاني هو فادي القنبر منفذ عملية دهس في مستوطنة “أرمون هنتسيف” في يناير من العام 2017 وأدت إلى مقتل أربعة جنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وكان المجلس الوزاري الإسرائيلي قد اتخذ قراراً بعدم إعادة جثامين شهداء من حركة حماس نفذوا عمليات مقاومة، بالإضافة إلى عدم إعادة جثامين شهداء نفذوا عمليات وصفها الاحتلال بالقاسية، والشهيدين أبو صبيح والقنبر تنطبق عليهم هذه المواصفات حسب وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي.

وتجدر الإشارة إلى أن معالجة جثامين شهداء القدس وفلسطينيي الداخل يخضع لمسؤولية وزير الأمن الداخلي اردان، بينما يتولى ليبرمان المسؤولية عن جثامين شهداء الضفة.

احتجاز الجثامين

ورغم تهديدات الاحتلال بدفن منفذي العمليات الفدائية في مقابر الأرقام، نفت الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال، ما ورد عبر وسائل الإعلام حول تحويل جثامين اثنين من الشهداء المحتجزة في ثلاجات الاحتلال إلى مقابر الأرقام.

وأوضحت الحملة في بيان لها نقلته "الرسالة نت"، أن ليبرمان لا يستند إلى قرار قضائي، وأن الحملة تلقت ردًا من نيابة الاحتلال على طلبها المقدم بخصوص الإفراج عن جثمان الشهيد فادي قنبر يحوي بأنه لن يتم تسليم الجثمان استنادًا إلى قرارات الكابينت الصادر في السابع من يناير لهذا العام.

أما بخصوص ملف الشهيد مصباح أبو صبيح فقد صدر أمر احترازي من قبل المحكمة العليا الإسرائيلية في شهر مارس من العام الجاري بعدم الموافقة على نقله إلى مقابر الأرقام.

كما ستقدم الحملة التماسًا منفردًا بخصوص ملف الشهيد فادي قنبر إلى المحكمة العليا تطالب فيه بتسليم الجثمان وعدم نقله إلى مقابر الأرقام.

وتجدر الإشارة إلى أن قوات الاحتلال تحتجز جثامين 9 شهداء في ثلاجات الاحتلال و249 جثمانًا في مقابر الأرقام وتم تحديد جلسة للمحكمة العليا للنظر في ملفات الشهداء المحتجزة في الثلاجات في الثالث عشر من سبتمبر المقبل.

سياسة قديمة

ويقول مأمون أبو عامر المختص في الشأن السياسي في حديثه "للرسالة نت"، إن ما تروج له "إسرائيل" عبر صحفها يأتي ضمن سياسة قديمة تنتهجها لتظهر أمام شعبها أنها مهتمة بالأمن الداخلي وتعمل للحد من العمليات الفدائية.

وأضاف:" "إسرائيل" تريد الضغط على حركة حماس وإحراجها أمام الشارع الفلسطيني والمجتمع الدولي بشأن الجنود الإسرائيليين المحتجزين لديها للإفراج عنهم"، موضحًا أن ما تلوح به بشأن دفن الشهداء بمقابر الأرقام يأتي في سياق تكتيكي لتحميل حماس المسؤولية عما يجري بينما هم يريدون إيصال رسالة للعالم أنهم يمدون أيديهم للمفاوضات بشأن الأسرى.

وتدرك "إسرائيل" أن إقدامها على دفن الشهداء في مقابر الأرقام من شأنه رفع وتيرة الأحداث في الضفة المحتلة ودفع الشباب إلى مزيد من العمليات البطولية.

من ناحيته، ذكر حنا عيسى أستاذ القانون الدولي، بأنه وفقًا لمبادئ القانون الإنساني الدولي، فقد حددت المادة (17) من اتفاقية جنيف الأولى لسنة 1949م معايير التعامل مع جثث الأعداء، حيث نصت هذه المادة على "أنه يجب على أطراف النزاع ضمان دفن أو حفظ الجثث بصورة فردية بقدر ما تسمح به الظروف، على أن يسبق ذلك فحص دقيق، وإذا كان ممكنًا بواسطة فحص طبي للجثث بغية تأكيد الموت والتعرف على الهوية وتمكين إصدار تقرير".

وكما يجب حسب هذه المادة "التأكد لاحقًا من تكريم الموتى حسب تقاليدهم الدينية ما أمكن، وأن تحترم قبورهم وأن تصنف حسب القوميات التي ينتمون إليها، وأن يتم حفظها بصورة ملائمة، وأن يجري تعليمها بحيث يمكن العثور عليها دائمًا".

ويرى القانوني عيسى، أن احتجاز جثامين الشهداء هو انتهاك للإعلان العالمي للأمم المتحدة حول الاختفاء القسري الذي يعتبر جريمة ضد الإنسانية، ويدان بوصفه إنكارًا لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة، وانتهاكًا خطيرًا وصارخًا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ويقول عيسى:" رغم النصوص القانونية والمواد الملزمة الواضحة في القانون الإنساني الدولي، إلا أن السياسات الإسرائيلية والممارسات على أرض الواقع تظهر أن إسرائيل تتنكر بشكل واضح لهذه المبادئ والالتزامات.

وأشار إلى أن مقابر الأرقام غير لائقة ولا تحترم جسد وقدسية الإنسان، وأن الجثث تدفن على عمق سطحي لا يتجاوز نصف المتر، ما يجعلها عرضة لنهش الكلاب الضالة والضباع وقد تجرفها مياه الأمطار والسيول.

البث المباشر