قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: لأحفاد بلفور

محمد إسماعيل ياسين

تتبجح رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي بإعلان رغبتها الاحتفال بمئوية الوعد المشؤوم الذي أطلقه وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بلفور لإنشاء وطن قومي لليهود على حساب أرض الشعب الفلسطيني، متجاهلة الويلات والعذابات التي جرها هذا الوعد اللعين على ملايين الفلسطينيين الذين تشتتوا في بقاع الأرض ومازالوا يرقبون فجر العودة البازغ لا محالة، فما ضاع حق وراءه مطالب، ولا نامت أعين الجبناء طالما في باطن الأرض من يشق طريق النصر والتحرير.

إن كان من نصيحة لماي، فأخبرها قبل الاحتفال بمئوية بلفور أن تستمع لقادة الاحتلال وخبرائه حول المخاوف التي تنتابهم على مستقبل الكيان العبري الزائل بإذن الله، فضلاً عن أنه لا يخفى على أي متابع ومراقب أن مقاومة الشعب الفلسطيني في منحنى تصاعدي متواصل مقابل تراجع وانحدار مستمر في قدرة جيش الاحتلال على الردع، وغير بعيد ذلك الزمن الذي تتوازن فيه القوى المادية، أما البشرية، فشعبنا صاحب الإرادة الأصلب والعزيمة الأشد لاقتلاع المشروع الصهيوني من جذوره بعز عز وذل ذليل.

لا يخدعنكم هرولة بعض الأنظمة العربية المهترئة نحو التطبيع السري والعلني مع الكيان الغاصب، فهذه الأنظمة البالية تلعب في الوقت الضائع، ويأبى الرحمن إلا أن يفضح سوءاتها، ويخزيها باصطفافها إلى جوار عدو الأمة الذي مرغ ويمرغ وسيمرغ شباب المقاومة الفلسطينية أنفه في الوحل والطين، ويكسروا شوكته ويبددوا أوهامه وأحلامه.

حقاً، إن لم تستح فاصنع ما شئت، فهذا حالكم بالإعلان عن رغبتكم بالاحتفال بذكرى وعد بلفور، بدلاً من أن تشعروا بالخزي والعار لجريمتكم النكراء بحق الشعب الفلسطيني الذي مازالت أجياله تدفع ثمن جريمتكم المتناقضة كل التناقض مع تغنيكم وتشدقكم المفرط بشعارات حقوق الإنسان والإنسانية الزائفة التي تحاولون تسويقها لتستر عورة حقدكم وتآمركم على حق الشعب الفلسطيني في وطنه السليب.

إن أبجديات العدل والحق تدعوكم إلى المبادرة بتصحيح خطأكم، والتكفير عن جريمتكم النكراء، وأول الخطوات نحو ذلك، الاعتذار الواضح والصريح للشعب الفلسطيني، والإقرار بحقه في تقرير مصيره أسوة بشعوب العالم، والعدول عن دعمكم للاحتلال الإسرائيلي المعادي للقيم الإنسانية، فضلاً عن العمل الحثيث من أجل إزالة الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، وتعويضه عن الأضرار التي لحقت بأجياله المتعاقبة. 

ولئن احتفلتم بمئوية وعدكم المشؤوم، فإن الشعب الفلسطيني يحتفل بصموده طوال هذه السنوات المريرة، ورفضه الخضوع والخنوع رغم صنوف العذاب التي صبت عليه، ورغم مرارة التجهير وقسوة المذابح التي سجلت بمداد من قطران في تاريخ العصابات الصهيونية الغادرة، وسيحتفل الشعب الفلسطيني ومعه أحرار العالم يوم يزول الاحتلال وترفرف رايات الحرية والنصر فوق ربوع فلسطين من بحرها إلى نهرها، وإن رأى في ذلك البعض أضغاث أحلام.

البث المباشر