تحاول حركة فتح جاهدة التقليل من أهمـية حوارات المصالحة الفلسطينية الجارية في القاهرة بحضور ممثلي الفصائل الفلسطينية منذ الثلاثاء الماضي، من خلال حصرها بمعالجة تمكين حكومة الوفاق وتقييم المرحلة الماضية التي أتت في أعقاب استلام الحكم في قطاع غزة.
ورغم أن حركة حماس أعطت كافة التسهيلات اللازمة لتمكين الحكومة دون أي عوائق تضرب في جسم التوافق، إلا أن فتح تصر على التلكؤ بالخوض بآليات تنفيذ اتفاقية 2011، بصورة أزعجت الفصائل الفلسطينية التي كان هدفها من اجتماعات القاهرة الاتفاق على مواعيد تنفيذ الملفات الخمسة التي نصت عليها الاتفاقية.
ومن الجدير ذكره أن اتفاقية 2011 التي وقعت في القاهرة برعاية مصرية، حظيت بترحيب كامل من الفصائل الفلسطينية التي وقعت عليها، لإنهاء حالة الانقسام وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني وتحمل معالجة خمسة ملفات وهي: منظمة التحرير، وحكومة الوحدة الوطنية، والمصالحة المجتمعية والحريات العامة، والانتخابات.
وظهر أمس الأربعاء، صرح عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال ظريفة أن حوارات اليوم الأول في القاهرة طغت عليها مسألة ملف تمكين الحكومة؛ عبر طرح فتح بعض القضايا المتعلقة بتسليم الوزارات في غزة، مبينًا أن حماس ردت بتوضيحات عليها.
وكان صلاح البردويل القيادي في حماس وعضو وفدها لحوار القاهرة، أعلن أن حركة "فتح" تريد بحث مسألة تمكين الحكومة بغزة فقط، وعدم البحث بباقي الملفات.
وأشار إلى أن التوجه لدى وفد حركة فتح، بأنهم يريدون فقط البحث في تمكين الحكومة ولا يريدون البحث في الملفات الأخرى الكبيرة، ويعتبرون "التمكين" أمرًا مهمًا جدًا وشرطًا أساسيًا لمناقشة باقي الملفات.
وكشفت مصادر صحفية لوكالة فلسطين اليوم، أن حركة "فتح" كانت تريد القفز عن اتفاق 2011، لكن الفصائل رفضت، وأصرت على أن اتفاق 2011 هو المرجع والأساس للحوار الحالي، وأن الأصل أن تبحث الحوارات الحالية في آليات التنفيذ، وليس البحث في اتفاق جديد.
وأكدت المصادر ان أعذار فتح وتلكؤها أغضب الفصائل المشاركة في الحوار، وتحديدا عندما قال وفد فتح إن إمكانات السلطة لا تسمح وأنها تعاني من ضائقة مالية صعبة، حيث أثار هذا الحديث غضب الفصائل التي تصر على تنفيذ اتفاقية 2011 ورفع العقوبات عن غزة ومتمسكة بها.
من جهته، يرى طلال عوكل المحلل السياسي، أن الضغوط التي تمارسها الفصائل الفلسطينية المشاركة في الحوار والراعي المصري، لن تعطي مساحة واسعة لحركة فتح للتلكؤ عن تنفيذ اتفاقية المصالحة الفلسطينية لعام 2011.
وأكد عوكل في حديثه مع "الرسالة نت" أن المرحلة المقبلة لا تحتمل أي تراجع عن المصالحة الفلسطينية بعد الإجماع الفصائلي الواسع على تنفيذها، وإبداء حماس جهوزيتها للشراكة الوطنية على أسس ديمقراطية وتقديم التنازلات الكاملة واللازمة لتجاوز المرحلة الصعبة التي مرت بها القضية الفلسطينية جراء حالة الانقسام السابقة.
وأوضح المحلل السياسي أن حركة فتح لديها وجهة نظر أخرى مختلفة عن توجه الفصائل، وهي أن حماس يجب أن تدفع ثمن الانقسام الفلسطيني، وهذا الذي يقيد انطلاق المصالحة بالشكل المطلوب، إلا أن الظروف الإقليمية والضغط الفصائلي والمصري لن يعيد المشهد إلى مربع الانقسام من جديد.
ويرى المحلل السياسي يوسف عمرو، أن اتفاقية 2011 عالجت جميع القضايا التي تنهي حالة الانقسام وتعيد ترتيب البيت الفلسطيني بصورة تجعله قادرًا على مواجهة الاحتلال "الإسرائيلي" بشكل موحد، وهذا ما جعلها محط اهتمام كافة الفصائل الفلسطينية.
ويشير عمرو "للرسالة نت"، إلى أن تلكؤ فتح ببحث تفاهمات تنفيذ الاتفاقية جعلها في مواجهة مفتوحة مع جميع الفصائل الفلسطينية التي انطلقت للقاهرة من أجل بحث ملفاتها الخمسة وتحديد مدة زمنية لتوقيعها، في سبيل إعادة ترتيب البيت الفلسطيني من جديد.
ويؤكد المحلل السياسي أنه في حال أصرت فتح على التهرب من هذه الاتفاقية الوطنية فإن المصالحة الفلسطينية ستصل إلى طريق مسدود، إلا أن الضغوط الفصائلية والرعاية المصرية قد تجبرها على إنهاء حالة التلكؤ، ولكن يبقى عامل الوقت حساس خلال هذه المرحلة.