قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: الشعب الفلسطيني صاحب القرار النهائي

مصطفى الصواف

تحدث رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الثلاثاء الماضي في كلمة أمام وسائل الإعلام تناول فيها عديدًا من القضايا التي تعيشها الساحة الفلسطينية ومتعلقاتها الداخلية والخارجية العربية والصهيونية، تناولها فيها قضايا لم تحمل جديدًا ولكنها حملت تأكيدًا على المواقف التي تؤمن بها حركة حماس ولا تزال متمسكة بها وتعمل على تحقيقها.

ولعل قضية الأسرى في معتقلات الاحتلال والذي رد فيها على رسائل وصلته عبر الأسرى المحررين في الأيام القليلة الماضية مؤكدًا على أن حركته تضع قضية الأسرى على سلم الأولويات وأنها تسعى جاهدة من أجل الافراج عنهم مشيرًا إلى أن ما لدى الحركة من أوراق سيجبر الاحتلال على الاستجابة لمطالب المقاومة وكتائب القسام في صفقة مشرفة.

وأكد هنية على أن الثابت لدى حماس أن فلسطين كل فلسطين للشعب الفلسطيني وعلى رأس فلسطين القدس والتي تشكل كل القضية، وأن القدس هي العاصمة الأبدية لفلسطين وأنها شكلت ورقة جامعة للشعب الفلسطيني وللأمتين العربية والإسلامية، وأن موقف الإدارة الأمريكية والذي عبر عنه ترامب باعتبار أن القدس هي عاصمة الكيان لن يتحقق ولو اعترف به كل العالم ؛ ولكن الشعب الفلسطيني هو صاحب الكلمة الأولى والاخيرة وقد عبر عنها في مواقفه الأخيرة.

وتناول هنية القضية الثالثة المتعلقة بالمصالحة، وأشار إلى أن المصالحة بالنسبة لحماس إستراتيجية لخدمة المشروع الوطني الفلسطيني وهي طريق الوحدة وبناء الإستراتيجية الفلسطينية لمواجهة كل المشاريع الهادفة لتصفية القضية وأن حماس متمسكة به وتدفع بها إلى الأمام رغم حالة التلكؤ والبطء رافضًا اعتبارها أنها فشلت، وأن العقبات والمعيقات في وجه المصالحة ستزول، لأن الوحدة طريق النصر والمواجهة.

هنية في كلمته أشار إلى قضية أعدها من الجديد الذي حمله الخطاب وذلك في حديثه عن التحالفات الاستراتيجية القادمة والمبنية على اساسين مهمين وهما السياسي والقائم على عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني، ودعم المقاومة الفلسطينية، محددان وضعتهما حماس لأي تحالف مع دولة تؤمن بهما، وهو تحالف مفتوح للجميع ممن يتواقف مع المحددين عدم الاعتراف بالاحتلال ودعم المقاومة، وتجنب هنية ذكر دول بعينها بقدر حديثه عن من يقبل لهما سيكون من تتحالف معه حماس، وهذا تأكيد على أن حماس لن تكون جزءًا من تحالفات المنطقة بمعنى أن تكون مع هذا الحلف ضد ذاك الحلف، ولكنها ستتحالف مع من يرفض الاعتراف بالكيان ويدعم مقاومة الشعب الفلسطيني للوصول إلى مرحلة التحرير.

وقدم هنية صورة لاستراتيجية وطنية سماها المثلث الذهبي ضلعها الأول إنجاز المصالحة والإسراع في خطواتها، والثاني الاتفاق على إستراتيجية نضالية جديدة تعتمد على انتفاضة شعبية وعلى المقاومة بكل أشكالها والضلع الثالث هو الاتفاق على إدارة القرار والتحرك السياسي الفلسطيني وهذا يتطلب إعادة تفعيل مؤسسة القرار وهي منظمة التحرير.

أعتقد أن هذا الطرح من قبل حماس لن يكون مقبولًا على أبو مازن لأنه يرفض أي شراكة سياسية ويرفض الديمقراطية ويرفض أن يكون جزءًا من كل، لأنه يعتقد أن الوضع الذي هو عليه مكتسب ليس من السهل التفريط بها ولن يسلم بغيرها إلا انتزاعًا.

حمل خطاب هنية مواقف حول الرفض للتوطين والوطن البديل مرسلًا رسائل إلى مصر والأردن أن الشعب الفلسطيني لن يقبل أن تكون دولته على حساب أي منهما رغم ما يخطط له في الساحة الدولية والإقليمية وأن الدولة الفلسطينية لن تقام إلا على الأرض الفلسطينية وأن شعب الفلسطيني رفض التوطين والوطن البديل منذ أكثر من نصف قرن وهو ضعيف فكيف اليوم.

خطاب هنية كان خطابًا راقيًا منضبطًا كعادته وطنيًا شاملًا تناول مجمل الأوضاع المثارة على الساحة الفلسطينية والإقليمية المتعلقة بما يجري من مشاريع تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية مؤكدًا على أنها ستفشل بالفعل الفلسطيني كما فشلت كل مشاريع التصفية على مدى قرن من الزمن.

 

البث المباشر