قائد الطوفان قائد الطوفان

في (إسرائيل) عين على الحرب وأخرى على (صفقة القرن)

في (إسرائيل) عين على الحرب وأخرى على (صفقة القرن)
في (إسرائيل) عين على الحرب وأخرى على (صفقة القرن)

محمد بلّور-الرسالة

إذا اندلعت الحرب على جبهات فلسطين المحتلة فإن التفاصيل الميدانية ستكون كلها مجنونة لأن المقاومة شمالاً وجنوباً ترى صمودها ورقة تقرير المصير و(إسرائيل) تريد مع أمريكا تمرير (صفقة القرن) بتطويع الميدان لخدمة السياسة.

الحديث الزاخر عن صواريخ حزب الله في الأيام الأخيرة وارتفاع وتيرة المناورات والتلويح الإسرائيلي على المستوى السياسي والعسكري باندلاع الحروب لا يعني أن الاحتلال رغم ارتفاع قوته التدميرية قادر على حسم الجبهات.

ثمّة ضيوف جدد في الجبهة الشمالية أقصد الجولان الهادئ سابقاً امتداداً من حوض اليرموك المعزز مؤخراً بالقوة والحضور الإيراني، وخصوم قدامى صامتون على وشك الانفجار على حدود غزة وجنوب لبنان.

صحيح أن الإقليم سياسياً يخدم (إسرائيل) لكن (ترامب) الرئيس الأمريكي و(نتنياهو) رئيس وزراء الاحتلال يعبثون بجوهر الصراع في الشرق الأوسط ويتحركون في المناطق الخطرة وهم يتناولون مستقبل القدس المحتلة وملايين اللاجئين الفلسطينيين.

توتر متزايد

حتى رئيس هيئة اركان جيش الاحتلال (آيزنكوت) الذي قليلاً ما يتكلم للإعلام تناول قبل أيام أتون الحرب وصواريخ حزب الله بعد جملة تصريحات بدأت من (نتنياهو وليبرمان) ومعظم القيادة الإسرائيلية.

وكانت (إسرائيل) هددت في تصريحات متفرقة الأسبوع الماضي إيران وحزب الله وسورية بشن غارات واجتياح بري لبيروت وتدمير البنية التحتية في لبنان، بزعم بناء إيران مصانع صواريخ في لبنان.

مجمل القول إن الاحتلال قلق من تمدد إيران في الطوق والجبهات شمالاً وجنوباً وهو يخشى التماس الذي أضحى على أقل من 15 كم على حدود الجولان كما نشر سابقاً ضمن مثلث تشترك فيه حماس على الجبهة الجنوبية.

ودخولاً في تفاصيل السجال فقد أصدر وزير الجيش الإسرائيلي (افيغدور ليبرمان) توجيهاته لإنشاء شبكة واسعة من انظمة صواريخ ارض- ارض متوسطة المدى، للرد على ترسانة حزب الله.

وقالت صحيفة "يديعوت احرونوت" إن هذا الفيلق المخطط له سيكون بمثابة رد هجومي على حزب الله الذي بحوزته ترسانة تضم أكثر من 100 ألف صاروخ قصير ومتوسط المدى.

ويؤكد محمد مصلح الباحث في الشئون الإسرائيلية أن ثمة نشاطا سياسيا متزايدا لروسيا في الملف على وجه الإجمال وأن لقاء (نتنياهو-بوتين) الأسبوع الماضي حمل تخوفات الاحتلال من تعاظم دور إيران.

ويضيف: "نلاحظ أيضاً حضورا للدور الروسي في ظل قلق (إسرائيل) من الاستقرار الإيراني في سوريا وهو ما يعني قوة أكبر لحزب الله واقترابا من حماس ولكن روسيا لا تتفق مع (إسرائيل) بخصوص إيران ومازالت تناور".

تناول ملف صواريخ حزب الله الذي أثبت تحفزه للدفاع عن الأراضي اللبنانية ودفاعه عن حقول الغاز اللبنانية إن لم يكن راغباً في أخذ دور البداية واحتمال اندلاع الحرب، الا أنه إذا انفجر الموقف على حدود غزة فانه يرتبط أساساً بتطور سياسي أمريكي دراماتيكي في ملف (صفقة القرن).

روسيا مهمة سياساً وعسكرياً في المنطقة فحضورها يمنحها دوراً في تطور الأحداث وقد احتلت حسب وصف الباحث مصلح دوراً نائباً عن دور أمريكا بعد رحيل شاه إيران لأنها تقرأ قوة موقف إيران المحوري في الشرق الأوسط.

(إسرائيل) تعلم أن إيران لا تصدر السجاد الشيرازي والكافيار إلى جبهات الشمال والجنوب وأن مزيداً من البارود الإيراني يسافر فوق رؤوس متفجّرة لصواريخ متوسطة المدى تشعر الاحتلال بالقلق المتعاظم.

ويقول اللواء يوسف شرقاوي الخبير العسكري إنه في الآونة الأخيرة ظهر توافق بين حزب الله وحكومة بلاده في ضرورة حماية حقول الغاز بالبحر المتوسط من عدوان (إسرائيل).

ويتابع: "اليوم أو غداً ستشتعل الحرب، المسألة مسألة وقت فقط وصواريخ حزب الله هي العمود الفقري لقوته لضرب الجبهة الداخلية الإسرائيلية، حيث قال سابقاً لدينا صواريخ تغطي كل فلسطين من كريات8 وحتى إيلات".

الحرب والسياسة

عقلية الاستعلاء التي يحملها المشروع الصهيوني على جيرانه العرب تفتح شهيته مؤخراً في زمن (ترامب) لركوب حصان المخاطرة بتمرير (صفقة القرن) ونظراً لخطورة المشروع فإن أوراقه مكتوبة فوق صندوق من ذخيرة الحرب التي تلوح في الأفق.

ويقول الباحث مصلح إن فشل الدور السياسي لمحاولة إبعاد إيران عن حدودها وتعزيز أصدقائها على جبهات فلسطين المحتلة وهو المرجح قد يسهم في إشعال الحرب شمالاً أو جنوباً.

لا تنسوا أن الاحتلال أجرى ما يزيد عن (12) مناورة في العام الماضي حاكت احتلال مدن ومستوطنات وحروب أنفاق وقتال شوارع وهو غالباً ما يرجح وقوع لحظة الصدام.

ويضيف مصلح: "جبهة الجولان التي كانت هادئة سنوات طويلة دخلت على حيز التهديد و(إسرائيل) تستشعر الخطر وتعطي إنذارات أما إن شنت الحرب فستكون غاياتها استراتيجية بمنع المقاومة في لبنان وحزب الله من تبديد حلم صفقة القرن".

أمريكا والسلطة الفلسطينية تحتلان دوراً مهماً في المسألة فالرعاية والدعم من الأولى يشمل القوة العسكرية والسياسية لتطويع الأطراف ف

 ي إنجاز صفقة القرن، والسلطة هي الطرف الأضعف لكنه المعترف به رسمياً خلال تمرير الحل.

ويرى الخبير شرقاوي أن (إسرائيل) جادة في التجهز للحرب بدءاً من فرقها النظامية وقوات الاحتياط وكافة أجهزتها الأمنية وأن تراشق التهديدات بين (إسرائيل) وحزب الله يشي باقتراب الخطر.

نحن الآن لسنا أمام تدخل موضعي من جهة عسكرية فـ(إسرائيل) تريد استخدام الحرب كوسيلة لتطويع الحل السياسي الشامل وهذا يهدد حلفاء إيران الذين يتقاطعون في عدالة القضية الفلسطينية وإن تباينت قوة التدخل والتضامن تكيّفاً مع الواقع الميداني والسياسي.

ولا يرجح محمد مصلح الباحث في الشئون الإسرائيلي أن يبادر حزب الله بالحرب لأنه متواجد على اكثر من جبهة في الجنوب وسوريا واندلاع الحرب يستنزف قوته ويقحمه في تعقيدات المشهد اللبناني الذي هدده الاحتلال بإعادة بيروت للعصر الحجري.

ويتابع: "أمريكا مصرّة على إنفاذ صفقة القرن ويتحدثون عن تفاصيل دولة للفلسطينيين في غزة وسيناء حتى لو لم توافق السلطة، وفرنسا دعت السلطة لعدم انتظار رزمة الصفقة كاملة والتعامل مع مبادرات أخرى للحل".

ويؤكد الخبير شرقاوي أن محاولات تطويع صفقة القرن ستكون محرّكا لاقتراب خيار الحرب لأن كافة أهل وأصدقاء فلسطين ومقاوميها يرفضون الحل المذّل والذي لن يمر في ظل عدم استقرار من حول (إسرائيل).

ويضيف: "توافق جبهات المقاومة أمر مرجح فمثلاً اشتعال حرب في غزة أو لبنان قد يأتي بتضامن وتحرك فعلي على الحدود وهو أمر مؤثر على (إسرائيل) وقد يفشل مخططها إذا توافقت المقاومة في إفشال المخطط".

وإذا انتهجت المقاومة شمالاً وجنوباً سياسة التدخل لعدم إسقاط جبهة على حساب الأخرى فإن (إسرائيل) رغم فارق قوتها التدميرية ستكون في موقف حرج حين تأتي الصور بسقوط الصواريخ فوق مستوطنة كريات 8 و(تل أبيب) والقدس ومستوطنة أشكول.

البث المباشر