إثر قرارات "التنفيذية" بتشكيل لجنة متابعة

السلطة تختار "الضبابية" خوفا من التبعات!

عباس وترمب
عباس وترمب

الرسالة نت-لميس الهمص

تخسر السلطة الفلسطينية دوما الرهان المتعلق بتطبيق قراراتها على أرض الواقع، حيث تفضل البقاء ضمن الحالة الضبابية للهروب من أي استحقاقات قد تلحق بها في حال اتخاذ أي إجراءات على أرض الواقع.

منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب القدس عاصمة للاحتلال لم تتخذ السلطة أي إجراءات جادة وفاعلة ردا على القرار، بل وزادت الطين بلة بقرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بتشكيل لجنة لتطبيق قرارات المجلس المركزي الذي أوصى بدراسة تعليق الاعتراف بدولة "إسرائيل" إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967.

مراقبون رأوا أن السلطة دائما تسعى إلى "تمييع" الأمور ومنح الطرف الآخر مزيدا من الوقت، رغم احتياج الوضع لاتخاذ قرارات جدية وحاسمة بخصوص الغطرسة الأمريكية.

قرارات اللجنة التنفيذية اقتصرت على التوجه لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، لتأكيد ثبات الموقف الفلسطيني على القانون الدولي والشرعية الدولية، وبما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها "القدس الشرقية" على حدود الرابع من حزيران 1967.

كما دعت الحكومة إلى إعداد الخطط والمشاريع لخطوات فك ارتباط مع الاحتلال الاسرائيلي على المستويات السياسية والادارية والاقتصادية والامنية، بدءا من تحديد العلاقات الأمنية مع الجانب الإسرائيلي، والتحرر من قيود اتفاق باريس الاقتصادي بما يلبي متطلبات النهوض بالاقتصاد الوطني.

فيما دعت إلى تشكيل لجنة عليا لتنفيذ قرارات المجلس المركزي وبما يشمل تعليق الاعتراف بدولة "إسرائيل" إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وإلغاء قرار ضم "القدس الشرقية" ووقف الاستيطان.

الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري اعتبر أن القرارات الصادرة تدل على أن المنظمة وغيرها من الأطراف الفلسطينية والعربية لا تنوي الحركة ولا بلورة بديل قادر على الإنقاذ بانتظار صفقة القرن رغم أنها بانت من عنوانها كصفعة ومحاولة لتصفية القضية الفلسطينية.

وأوضح أنها أظهرت كذلك إخراج القدس واللاجئين من طاولة المفاوضات قبل أن تبدأ، وهو ما يعكس العجز والاستمرار بسياسة البقاء والانتظار المعتمدة فلسطينيا منذ زمن بعيد.

ويُذكر أن المجلس المركزي الفلسطيني عقد دورته العادية الثامنة والعشرين، "دورة القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين"، يومي 14_15 كانون الثاني 2018 في مدينة رام الله، وأصدر في بيانه الختامي مجموعة من القرارات منها التمسّك بالثوابت الوطنيّة، ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال بكلّ أشكاله، وتطبيق المصالحة، واتّخاذ إجراءات عمليّة لدعم صمود القدس والمقدسيين، وغيرها من القرارات التي لم تنفّذها القيادة الرسمية الفلسطينية حتى يومنا هذا.

التسويف والمماطلة لم يقتصر على قرارات "المركزي" الحالي بل طال أيضا قرارات الاجتماع المركزي السابق والذي دعا لوقف التنسيق الأمني في عام 2015 م لكن ذلك لم يحدث.

وفي الإطار قال ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عمر شحادة، الذي حضر اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مساء السبت الماضي، إن الاجتماع توقف أمام قرارات المجلس المركزي التي صدرت مُؤخرًا، مع التأكيد على ضرورة تنفيذها، مبيناً أن اللجنة التنفيذية اتخذت قرارًا بتشكيل لجنة عليا لمتابعة تنفيذ هذه القرارات.

واعتبر شحادة أن هذا القرار "تكرار للتسويف والمُماطلة في تنفيذ قرارات المجلس المركزي السابقة والحالية"، مُشيرًا إلى أنه لم يقبل المُشاركة في هذه اللجنة، انطلاقاً من أن هذا الأسلوب جاء "للتهرب من تنفيذ قرارات الهيئات والمؤسسات الوطنية، الأمر الذي يُلحق ضررًا أكبر بهذه المؤسسات والهيئات".

وختم شحادة حديثه خلال تصريحات صحفية بالقول: "خلال الاجتماع الماضي لم يتم أخذ أي إجراءات أو قرارات جادة بما يتعلق بالواقع الصعب الذي يُعانيه قطاع غزة".

وتؤكد المعطيات على الأرض ارتباك السلطة، إذ أحال المجلس المركزي قراراته للجنة التنفيذية، فيما أحالت التنفيذية الأمر للجنة خاصة وهو ما يؤكد تلكؤ السلطة وعدم جديتها. 

بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة: "لا المجلس المركزي هو الذي يقرر، ولا اللجنة التنفيذية، هو الرئيس وحده، والباقي يؤمّنون".

وتابع في تغريدة: "هو صاحب موقف أقرب للأيديولوجي؛ من المقاومة، ومن التفاوض"، موضحا أن بيان "التنفيذية" لا يعدو مجاملة للوضع الراهن، وتسكينا للغضب الشعبي لا أكثر (إذا أردت تمييع قضية فشكّل لها لجنة)!!

ويستبعد الزعاترة أن توقف السلطة التنسيق الأمني، قائلاً:" كلما بحثنا عن أمل في تغيير هؤلاء لمسارهم، نجده سرابا".

البث المباشر