قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: التطبيع خطوة في طريق التدمير

إبراهيم المدهون

لا شك ان التطبيع مع الاحتلال كارثة وطنية وخطر يداهم الشعب الفلسطيني وقضيته، والمنطقة بأسرها، فالتطبيع يعني قبول الاحتلال كمكون وجزء في المنطقة العربية، ويمهد الطريق لـ(إسرائيل) لتسود وتسيطر وتتمدد بنفوذها وتحكم وتقود، وتحول الشعوب والخيرات العربية لملك خاص باليهود، فأطماع الاحتلال لا تنحصر فقط في فلسطين وإن كانت الآن أكثر المتضررين من التغول الصهيوني.

فالتطبيع خطر على كل عاصمة ومدينة وكل مورد من موارد هذه المنطقة، فعقيدة الاحتلال تقوم على سيادة ما بين الفرات والنيل، ومازال يحلم الصهاينة بعودتهم لخيبر وبني قينقاع وفرض سيطرتهم، ويحملون في عقولهم افكارا انتقامية ضد كل ما هو عربي واسلامي، ويجدون في التطبيع خطوة اولى للانتقال من مرحلة النبذ والعزلة لمرحلة التغول والسيطرة والانتقام واحتكار الموارد وتسخير العباد والبلاد.

لهذا من يظن ان التطبيع فقط ضرر على قضيتنا فهو واهم، وسيجد نفسه ذات يوم يذوق اضعاف اضعاف الالم الذي كان في غنى عنه، فدعوات التطبيع هذه كما تضر بالقدس فانها تهدد الرياض ومكة والدوحة واسطنبول والقاهرة والجزائر ومراكش وكل بلد في الشرق الاقصى وشمال افريقيا.

لا شك ان الاحتلال يستغل عمليات التطبيع لتحقيق اهداف انية، فكلما زادت الدعوات والخطوات التطبيعية وقبول الاحتلال والتساوق معه زادت وتيرة تهويد القدس والأقصى، فكل خطوة او كلمة وسياسة تطبيع هي في حقيقة الامر طعنة في قلب المسجد الاقصى، وكلما منح الاحتلال شرعية وقبولا كلما توسع في سيطرته وزادت اطماعه الاستيلائية على المسجد الاقصى، ولا شك ان التطبيع الودي للاحتلال سيعجل من هدم المسجد وبناء المعبد المزعوم.

حتى السلطة الفلسطينية التي تنسق مع الاحتلال ترفض التطبيع وتعتبره تجاوزا للحالة الفلسطينية وإضعاف لدور الرئيس عباس، وهناك انزعاج واضح من المنظمة من حالات التطبيع وفتح الخطوط مع الاحتلال مباشرة، خصوصا وهي تتعامل مع حكومة صهيونية متطرفة، وان كانت السلطة للاسف من فتح الباب للتطبيع واعادة العلاقة مع الاحتلال عبر اوسلو وسياستها المقيتة في عمليات التنسيق الامني، والمطلوب من السلطة مواجهة التطبيع بسياسات فلسطينية تجرم التنسيق الامني والتطبيع معا وتعيد للقضية الفلسطينية اعتبارها.

هناك موجة تطبيع هي الاخطر منذ قيام الكيان الصهيوني واعلان دولة (إسرائيل) في عام 1948، وذلك لاسباب معروفة من اهمها واقع المنطقة المضطرب، وكرد فعل على ما سمي بالربيع العربي، واطماع بعض الحكام بدعم اسرائيلي لتثبيت سلطانهم، إلا أن فشل الاحتلال حتى اللحظة في الاندماج يطمئن شيئا ما، فهناك هوة كبيرة ما بين المحتل من جهة وشعوب المنطقة من جهة أخرى، فالشعوب واعية وقادرة على مواجهة أي موجة، وسيدفع المطبعون والمتساوقون مع الاحتلال ثمن اندفاعهم ذلك.

البث المباشر