قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: الفيسبوك والحرب على المحتوى الفلسطيني المقاوم

مصطفى أبو السعود

ربما تنفس الضعفاءُ الصعداء حينما ظهرت مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات النشر والتدوين لكي يدلي كل مواطن بدلوه فيما يدور حوله من أحداث، وفيما يدور في عقله من أفكار، وفي وجدانه من مشاعر، ويكون شريكاً في صناعة الحدث.

فهذه المواقع أصبحت بمثابة انبوب يُخرج المواطن من خلاله ما علق بصدره من ثاني اكسيد الكبث والقهر ويستنشق اكسجين الحرية، وفتحت الافاق أمامه كي يعرف الآراء وتمكنه من الاسترشاد بالأكثر دقة، بعدما عاشت الحقيقة والمعرفة ردحاً طويلاً من الزمن في سجون العزل.

وقد انشرحت صدور اصحاب القضايا الكبيرة والمهمة بهذه المواقع والمنصات كي يظهروا للعالم ويُظهروا له حقيقية ما يتعرضون له من ظلمٍ وقهرٍ واعتداءٍ يسلب أبسط حقوقهم، وربما نحن الفلسطينيون أكثر تشوقاً لمثل هذه المواقع والمنصات بحكم أننا نتعرض لاحتلال منذ أكثر من70 عاما، ورأينا في هذه المواقع فرصة لإظهار واقعنا البائس جراء الاحتلال.

وقد أبدع الفلسطينيون وأحسنوا صنعاً في نقل صورة الواقع كما هو، للغرب، من خلال مواقع ومنصات التواصل، فتغيرت مفاهيم وقناعات كثيرٍ منهم، بعدما بقوا ضحايا فلسفة دولة الاحتلال الاعلامية التي نجحت في قلب الحقائق، فجعلت من الجلاد ضحية والضحية جلادا يستوجب العقاب الشديد، بحكم سيطرتها على وسائل اعلامية ضخمة في الغرب، وربما كان أشهر وأكبر هذه المواقع هو موقع فيسبوك الذي بدأ يظهر بشكل قوي مع ظهور الربيع العربي، حيث اعتبره الكثيرون أن له فضلاً كبيراً في تسارع وتيرة احداث الربيع العربي.

و مع تنامي شعبية فيسبوك اصبح مصدر قلق لأنظمة القمع، ومنها الاحتلال الصهيوني، بدأت هذه الانظمة باتخاذ اجراءات صارمة ضد النشطاء واصحاب الرأي والفكر، بينما لجأت دولة الاحتلال للترهيب والترغيب فقد هددت الحكومة الصهيونية ممثلي  فيسبوك  بالملاحقة القانونية وإغلاق موقعهم في الكيان الصهيوني إذا لم تستجب للطلب الصهيوني وتحذف حسابات لنشطاء فلسطينيين يحتجون على الاحتلال ، فاستجابت شركة فيسبوك صاغرة ، وبدأت تحذف محتويات ومنشورات وصفحات وحسابات النشطاء واصحاب الرأي الذين يهتمون بنشر وفضح جرائمها   بحجة أن محتوى هذه الصفحات ينشر العنف ويحرض على الكراهية،  أو أنه محتوى لا يتناسب مع شروط استخدام فيسبوك، رغم أن إدارة الموقع اغمضت عينيها و لم تقم بذات الإجراء لعشرات الصفحات الصهيونية التي تحرض بشكل علني على قتل الفلسطينيين، وهذا يؤكد مدى خضوع فيسبوك لتهديد الكيان ، ويشكل تعدياً  صارخاً على حرية الرأي والتعبير، وبهذا نجحت الحكومة الصهيونية في استيعاب شركة فيسبوك والتعاون معها، وضمها لقائمة ادواتها الاعلامية الناعمة و الفعالة في كبح جماح معارضيها.

إن من اهم الصفحات المقاومة التي تم اغلاقها أكثر من مرة هي صفحة صحيفة الرسالة للإعلام الفلسطينية التي تنشر كل الانتهاكات الصهيونية بحق الفلسطينيين، لكن رغم الاغلاق المتكرر يصر النشطاء الفلسطينيون والمؤسسات الفلسطينية على مواصلة العمل بكل الطرق الممكنة لإيصال الرسالة للعالم بصوت المظلوم الفلسطيني، وليس بصوت الظالم الصهيوني.

البث المباشر